اتجهت الأزمة في يوغوسلافيا نحو مزيد من التصعيد بين الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش ومعارضيه، نتيجة التهديدات المتبادلة. ولكن لم تسجل مواجهات أو أعمال عنف حتى الآن. وتواصلت حملة العصيان المدني لليوم الثاني على التوالي أمس، فيما توافرت معلومات حول انقسامات في صفوف "الحزب الاشتراكي الصربي" الذي يتزعمه ميلوشيفيتش. وأبلغ الناطق باسم المعارضة الديموقراطية الصربية تشيدومير ايفانوفيتش "الحياة" في مكالمة هاتفية من بلغراد، أن المعارضة تقبل بأي وساطة من دول صديقة في الأزمة الراهنة، الناجمة عن تزوير السلطة نتائج الانتخابات الرئاسية. وأوضح أن مرشحها للرئاسة فويسلاف كوشتونيتسا لم يجب على دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للسفر الى موسكو "وتجرى حالياً محادثات في شأن الدعوة مع المسؤولين الروس في بلغراد، وفي ضوئها سيعلن كوشتونيتسا جوابه خلال يومين، وعلى الأرجح، سيكون إيجابياً". وأشار الى أن المعارضة تتوقع وصول وزير الخارجية اليوناني جورج باباندريو، في وقت قريب الى بلغراد "لعرض اقتراحات لحل الأزمة القائمة في يوغوسلافيا". وكان ميلوشيفيتش ألقى خطاباً بثه التلفزيون الحكومي هاجم فيه بشدة المعارضة التي دعت الى العصيان، ووصف زعماءها أنهم "عملاء مأجورون للجهات الأجنبية، التي تكن العداء للصرب". وقال: "إنهم لا يضربون صربيا من أجل ميلوشيفيتش، بل يضربون ميلوشيفيتش من أجل أن يهيمنوا على صربيا". وأضاف أن المعارضة "مجموعة تريد وضع البلقان تحت سيطرة القوى الغربية". وقال: "بسبب مقاومتنا لمثل هذا الأمر اصبحنا عرضة لكل الضغوطات الممكنة التي تضاعفت بمرور الوقت". ورأى مراقبون أن التجهم واليأس وعدم الاتزان في قراءة الخطاب المكتوب، كان بادياً على ميلوشيفيتش خلال فترة ظهوره على شاشة التلفزيون. ورد زعيم "الحزب الديموقراطي" زوران جينيجيتش على الخطاب، بقوله: "بعد 12 عاماً من البؤس، لم يجب ميلوشيفيتش عن السؤال الذي يتردد بين المواطنين: لماذا قام بهذه الأشياء التي أوصلت صربيا ويوغوسلافيا الى الحال الكارثية التي تخيم عليها؟". وأضاف في مؤتمر صحافي عقده في بلغراد أن ميلوشيفيتش بدل الجواب المطلوب "هدد الشعب بشكل علني". وقال: "إنني أرى تهديداً واضحاً موجهاً الى الشعب، تهديد شديد اللهجة، يعتبر مسألة حياة أو موت". ومن جانبها، قالت رئيسة "حزب اليسار اليوغوسلافي الموحد" ميرا ماركوفيتش زوجة ميلوشيفيتش إن "كميات كبيرة من النقود وصلت الى صربيا من دول اجنبية، كي تستخدمها المعارضة في شراء السكان وتحريكهم بحسب مخططاتها، لإيجاد المبررات لإعادة شن الغارات على يوغوسلافيا". وذكرت صحيفة "يوثرني" الصادرة في العاصمة المقدونية سكوبيا، أنها علمت من مصادر مؤكدة أن "العديد من أعضاء قيادة الحزب الاشتراكي، طلبوا خلال اجتماع الحزب في شأن الانتخابات السبت الماضي، ان يعترف ميلوشيفيتش بفوز كوشتونيتسا، لأنه السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة الراهنة، وإنقاذ صربيا من مأساة جديدة". واستمرت حملة العصيان المدني بنجاح كبير امس، وتوقفت الحياة العامة في معظم انحاء صربيا، مع تواصل التظاهرات الشعبية المطالبة بتخلي ميلوشيفيتش عن السلطة. وانضم آلاف العاملين في منشآت الطاقة الكهربائية المقامة على نهر الدانوب في منطقة جرداب شمال شرقي صربيا الى الإضرابات العمالية.