} أدت حملة العصيان المدني التي دعت اليها المعارضة اليوغوسلافية، الى اصابة كل مجالات الحياة العامة في صربيا، بالشلل نتيجة الاستجابة الشعبية الواسعة التي حظيت بها، فيما ظهرت مؤشرات الى استعداد المعارضة للمشاركة في جولة انتخابية ثانية، في ظل ضمانات روسية ويونانية. أبلغت مصادر في المعارضة الصربية "الحياة" أمس انها ستشارك في جولة الأحد المقبل لانتخابات الرئاسة اليوغوسلافية "كي لا يبقى ميلوشيفيتش وحده في الساحة، ويتخذ ذلك ذريعة قانونية لمواصلة الاستئثار بالسلطة". وأشارت الى انها تلقت ضمانات روسية ويونانية بأن خبراء منهما سيشاركون في الاشراف على فرز الأصوات وتدقيقها، وعلى الأرجح فإن المعارضة ستمثل في اللجنة المشرفة على الانتخابات. وأوضحت هذه المصادر، ان المعارضة أدركت الموقع التي يتسلل منها التزوير لمصلحة ميلوشيفيتش، خصوصاً في كوسوفو وبعض القرى الصربية". وأكدت المصادر نفسها ان المعارضة واثقة من فوز مرشحها كوشتونيتسا "ما دام التزوير سيصبح بعيداً من متناول ميلوشيفيتش نتيجة الرقابة". والى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أمس ان قرار اجراء جولة ثانية للانتخابات الرئاسية اليوغوسلافية "قرار قانوني". وقال بيان للوزارة: "إن اعادة فرز اصوات الجولة الأولى، تعود لليوغوسلاف وحدهم". وفي موسكو أيضاً، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن استعداده لاستضافة لقاء بين الرئيس ميلوشيفيتش ومرشح المعارضة كوشتونيتسا "وذلك لحل أزمة يوغوسلافيا الحالية". ويسود الاعتقاد ان الديبلوماسيين الروسيين الموجودين في بلغراد: فلاديمير تشيزوف والكسندر تولكاتش، عرضا على ميلوشيفيتش وكوشتونيتسا السفر الى موسكو، وان اياً منهما لم يرفض الدعوة. ودعا المبعوث الروسي تشيزوف، في تصريح صحافي في بلغراد، ميلوشيفيتش الى عدم القيام بأي اجراء عنف ضد حملة العصيان المدني "لأن ذلك سيجهض كل ما تم التوصل اليه في مجال حل المشكلة". ومن جانبه، هاجم مرشح المعارضة اليوغوسلافية للرئاسة فويسلاف كوشتونيتسا، كلاً من الأميركيين والروس بسبب مواقفهم المعلنة من الوضع الراهن في يوغوسلافيا. وقال: "إن واشنطن تعزز موقف ميلوشيفيتش في شكل غير مباشر، وان الروس موقفهم غامض ومتردد، وهو امر لا مبرر له، اذ يظهرون وكأنهم يخطون خطوة الى امام، ثم اخرى الى الوراء". وأضاف: ان التهديدات الأميركية لميلوشيفيتش "تؤدي في الواقع الى دعمه". وأبلغ ملاجان ديكيتش عضو لجنة تنظيم حملة العصيان المدني "الحياة" في مكالمة هاتفية، ان الحملة الحالية "ستستمر أربعة ايام، وتنتهي الخميس المقبل بمهرجانات راقصة وحفلات غنائية في بلغراد والمدن الصربية الأخرى". وأشار الى ان حملة العصيان المدني "تتجنب اي مواجهة مع قوات الشرطة والأمن الموجودة بكثافة في مناطق التجمعات الشعبية". وبدت حملة العصيان المدني أمس ناجحة جداً في يومها الأول، اذ أدت الى توقف كل مجالات الحياة العامة في صربيا، سواء ما يتعلق بالدراسة أو حركة النقل وعمل المصانع والمناجم وحتى الحوانيت ودور السينما والمسرح، ولم تعمل سوى المخابز والمستشفيات. وعلى صعيد المجتمع الدولي، أعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك بعد لقائه وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت في باريس، ان فرنسا "تعترف بفوز كوشتونيتسا في انتخابات الرئاسة اليوغوسلافية". وقال: "إن العقوبات المفروضة على يوغوسلافيا يجب ان ترفع فور تنحي ميلوشيفيتش عن السلطة". وأضاف: "مضت عشر سنوات على تسبب ميلوشيفيتش بالمآسي في البلقان". وأشار الى ان فرنسا مع شركائها الأوروبيين والأميركيين والروس "تقف الى جانب الشعب الصربي الذي رفض ميلوشيفيتش بوضوح في انتخابات 24 أيلول سبتمبر الماضي". ومعلوم ان فرنسا تتولى رئاسة الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي. ومن جانبه، افاد وزير الخارجية البريطاني روبن كوك، ان حجم الاضرابات التي تعم صربيا "يتطلب ان يفهم ميلوشيفيتش، ان زمانه انتهى".