كيف يعيش الكتّاب الفلسطينيون هذه اللحظة التاريخية التي تشهدها فلسطين الآن؟ كيف يعيش كتّاب "الداخل" تفاصيل هذه "الحرب" التي يخوضها الشعب الأعزل أطفالاً ورجالاً ونساء ضدّ الآلة العسكرية الاسرائيلية الغاشمة؟ بل كيف يعيش كتّاب المنفى الفلسطيني هذه "الحرب" عبر الوجدان والذاكرة أو عبر المشاهد الأليمة التي تحملها بلاغة الصورة؟ قد لا يحتاج ما يحصل في فلسطين الآن الى شهادات تعبّر عنه أو تصفه وتصوغه شعراً ونثراً. فالمشاهد الأليمة تعبر عن نفسها بنفسها، والأطفال الذين يواجهون الرصاص بالحجارة يكتبون بأيديهم وأجسادهم أجمل القصائد، وحماسة المواطنين الذين يجبهون الموت قد تكون أبلغ الحماسات. لكن هل من الممكن ان يصمت الكتّاب حيال ما يحصل؟ هل يمكنهم أن يغمضوا عيونهم على ما يجري أمامهم ومن حولهم؟ هل يمكنهم أن يكونوا مجرد مشاهدين لما يحدث هم الذين يفترض بهم أن يشهدوا على ما يحدث؟ قد يخون الكلام الحال المأسوية التي يحاول وصفها، وقد يعجز عن التعبير عن تلمس تلك النار الداخلية التي تهبّ في سرائر أولئك "الأبطال" العزّل وهم ما عادوا يملكون سوى دمهم وموتهم. وقد لا يضاهي فعل الكتابة فعل الاستشهاد جرأةً وحدّة ولوعة ما دامت الكتابة تتم في الظل والاستشهاد يحصل في الضوء. لكن الكلام مهما خان أو تضاءلت ناره يظل شهادة أخرى، حقيقية أو مجازية، شهادة تنبثق من القلب كالنار، وتقول ما ينبغي أن تقوله كي يكتمل المشهد المأسوي أو يلقى صداه ليس على الورق بل في القلوب والعقول. أما الكتّاب والشعراء الذين يعيشون مأساة الانتفاضة أو حماستها في الداخل أو الخارج فيكفيهم أن يرسموا الناحية الأخرى من تلك المأساة، الناحية التي يختلط فيها الظلام والضوء. بل يكفيهم أن يكونوا ذلك الصوت النقي للصدى الذي يتردد ملء الأرض أو الصدى الحيّ لتلك الأصوات الجريئة التي لا يتوانى جنود الاحتلال عن محاصرتها بغية القضاء عليها، بإجرام وصلافة. كيف يشهد بعض الكتّاب الفلسطينيين في الداخل والخارج وبعض الكتّاب العرب الذين زاروا رام الله على ما يحصل الآن هناك، في الداخل الذي يشهد أشد المراحل ألماً وبسالة؟ عبده وازن