أكد مصدر امني لبناني كبير ل"الحياة" ان انتقال المواجهة بين الدولة ومجموعات المسلحين الاصوليين، من عسكرية الى أمنية، يسمح بمعالجة ذيول الصدامات التي حصلت وخلفياتها بهدوء، بالافادة من الاجماع الوطني على دعم الجيش راجع ص 4. وواصلت قوى الجيش التي ما زالت منتشرة في الشمال اللبناني مطاردة المسلحين الفارين إلى الجبال، وأوقفت ليل اول من امس خمسة منهم كانوا مختبئين في بلدة كفرحبو. فيما شيع بهدوء ستة من المسلحين تسلم ذووهم جثثهم من المستشفى الاسلامي في طرابلس، وبينهم القائد الابرز لهذه المجموعات، بسام أحمد كنج الملقب ب"أبو عائشة"، وقد تعرف شقيقه الى هويته. وأكد المصدر الامني ل"الحياة" ان نهاية المرحلة العسكرية، في المواجهة مع هذه المجموعات التي ادت الى مقتل اثنين آخرين من البارزين فيها، والانتقال الى المرحلة الامنية، يعني مواصلة تعقب الفارين والتحقيق مع الموقوفين منهم، خصوصاً الذين ضبطوا بالسلاح اثناء المعركة، واستقصاء المزيد من المعلومات عن خلفياتهم والجهات التي يرتبطون بها ومصدر تمويلهم وتكوين ملفات دقيقة عن طبيعة اهدافهم. وأشار الى ان المرحلة الامنية تفترض متابعة هادئة، مختلفة عن الضجيج الإعلامي للمرحلة العسكرية التي أشعلتها عناصر هذه المجموعات بصدامها مع الجيش. وشدد على "ان الدولة وضعت اليد على الحالة التي تمثلها هذه المجموعات ويمكن قول ذلك بثقة، والمهم الآن المتابعة الدقيقة للتعامل معها". وتابع أن لا معلومات بارزة الى الآن عن التحقيقات مع الموقوفين. وأصدرت قيادة الجيش نشرة توجيهية للعسكريين اوضحت فيها جملة من الحقائق عن طبيعة المواجهة التي حصلت مع المجموعات الاسلامية الاصولية المسلحة. وأشارت الى ان القوى الامنية رصدت منذ مدة تحركات مشبوهة لبعض المسلحين تمهيداً لإجراءات تضع حداً لتحركاتهم، واختارت مباشرتها في وقت لاحق ومناسب يضمن نجاحها... الا ان احدى دوريات الجيش تعرضت ليل 31/12/99 في منطقة الضنية لمكمن غادر. وأكدت القيادة في سردها للمواجهة أنها تمكنت من اعادة الامن. وشددت على ان "سقوط 11 شهيداً من الجيش وعدد من الجرحى خسارة غالية تأتت من تجنب الجيش اصابة المدنيين ولسنا في وارد مقارنة خسائرنا بخسائر المسلحين...". وأشارت الى ان القوى الامنية لا تأخذ بريئاً بجريرة مذنب وان الكلام على انتماء المسلحين الفكري او الديني او الثقافي لا يعني الجيش الذي يلاحق من يخل بالامن. وتحدث عن استهداف الاعتداء على الجيش اضعاف الموقف اللبناني - السوري في مفاوضات السلام. وأكدت أن الجيش "أثبت جهوزية عالية في وأد فتنة لو امتدت لكلفت الشمال ولبنان بكامله الكثير". من جهة ثانية، نقلت مصادر لبنانية رسمية امس عن وزير شؤون اللاجئين في السلطة الوطنية الفلسطينية الدكتور أسعد عبدالرحمن ادانته ما حصل في الايام الاخيرة في الضنية وبيروت الاعتداء على السفارة الروسية. وأكد ان السلطة "مع الامن والاستقرار والسلم الاهلي في لبنان، وتدين كل محاولة تهدد أمن البلد لأنها تسيء الى الجميع". وأجرى عبدالرحمن محادثات في بيروت احيطت بالتكتم الاعلامي، واعتبرت استكمالاً لمحادثات سابقة هدفها تحسين الاوضاع المدنية للاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان. وشملت لقاءاته رئيس الحكومة الدكتور سليم الحص ووزير الاتصالات السلكية واللاسلكية الدكتور عصام نعمان وقيادات فلسطينية في المخيمات. وأوضحت مصادر رسمية لبنانية ان عبدالرحمن أمل ب"عزل موضوع اللاجئين عن الشأن السياسي كونه قضية انسانية". وأبلغ الرسميين ان السلطة "تعتقد بأن من حق الدولة اللبنانية ان تبسط سلطتها على اراضيها ومن حقها دخول المخيمات الفلسطينية". وذكرت مصادر فلسطينية شاركت في اللقاءات ان "المسؤولين اللبنانيين استمعوا الى المطالب، لكنهم لم يلزموا انفسهم وعوداً. وباستثناء موضوع تأشيرة الدخول لم تحل اي مشكلة تتعلق بأوضاع الفلسطينيين". وتلقت الحكومة اللبنانية دعماً علنياً من الجانب السوري في مواجهتها مع المجموعات المسلحة، إذ نددت صحيفة "الثورة" السورية ب"المخطط التخريبي" الرامي إلى "إشاعة الفوضى" في لبنان. وأضافت: "ان الأحداث التي قام بها المتطرفون في الشمال تصب في مصلحة إسرائيل... في وقت تخوض سورية معركة ضارية مع إسرائيل في موضوع السلام". وامتدحت الجيش اللبناني وتصديه للعصابات المسلحة.