وزعت كاتدرائية الأقباط المصرية خلال الأيام الماضية عدداً من نشرة "الكرازة" تضمن انتقادات حادة للأداء الحكومي حيال حادثة الكشح وتتضمن خطاباً إعلامياً مخالفاً لتصريحات أدلى بها البابا شنودة في وجود مسؤولين مصريين ترددوا على كاتدرائية الاقباط لتهنئته بعيد الميلاد المجيد، عقب أحداث قرية الكشح. وتضمنت تصريحات البابا شنودة خطاباً هادئاً، وإشادات بالجهود الحكومية لاحتواء الصدامات التي جرت بين المسلمين والاقباط في القرية، وتأكيد تفهمه لحقيقة الأحداث التي اسفرت عن مقتل 19 قبطياً ومسلماً واحداً. لكن نشرة "الكرازة" التي يتم تداولها بين الأقباط فقط، تبنت مشكلات ذكرت أن الاقباط يعانونها. وكان الرئيس حسني مبارك وصف أحداث الكشح بأنها "عملية سخيفة"، واعتبر في لقائه السنوي المفتوح مع مفكرين ومثقفين وكتاب مصريين في افتتاح معرض القاهرة ال 32 للكتاب أول من امس، أن "ما جرى في الكشح سواء هذا العام أو العام الماضي وراءه جماعات في الخارج"، لم يحددها. ورفض إبداء رأيه أو الخوض في تفاصيل الأحداث واكتفى بالقول: إن "الموضوع أمام النيابة والقضاء". وطلب شنوده الذي بدأ زيارة لبريطانيا والولايات المتحدة تستمر حتى منتصف الشهر المقبل، عندما التقته "الحياة" في مقر الكاتدرائية مساء أول من أمس أن يُعتبر ما جاء في العدد الأخير من نشرة "الكرازة" على لسانه، مؤكداً أنه يعبر عن موقفه من أزمة الكشح. وحمل الموضوع الرئيسي في النشرة التي يترأس تحريرها البابا شنودة عنوان "شهداؤنا في الكشح"، وبدأت بتأكيد أن أقباط مصر "يحبون وطنهم من أعماق قلوبهم ويتغنون به في كل مكان"، إلا أنها أضافت "من المؤلم لنا جداً أن يساء إلى سمعة مصر على مستوى المطبوعات والانترنت ووكالات الأنباء الاجنبية، وصحفها وإذاعتها، كل ذلك من أجل قرية في الصعيد هي قرية الكشح، فشلت الشرطة المحلية في حفظ الأمن فيها". وأضافت "كنا نريد أن تحل مشكلة الكشح، غير أن هذه المشكلة لا يمكن أن تحل بمحاولة التغطيات ولا بأسلوب التوازنات ولا بتحويل المجني عليهم إلى جناة". وأشارت الى أن الناس "لها عقول لن تقبل بتبرير الأخطاء بأخطاء"، وشددت على أنه "إذا كان من الخير إيجاد جو من تهدئة الخواطر أو من المصالحة فإن من شروط المصالحة المصارحة". واعتبرت أن "محاولة التغطية على ما حدث في الكشح في آب اغسطس العام 1998 بطريقة تبرئة المخطئين وإتهام المجروحين أدى الى تكرار المشكلة". وتساءلت: "في مصلحة من هذا الذي حدث؟، وفي مصلحة من تشويه سمعة مصر على مستوى الإعلان الأجنبي؟، وفي مصلحة من إقلاق كنائس الغرب بما قرأوه عن تلك المذبحة؟، وهل كان المسؤولون المحليون في المنطقة على مستوى المسؤولية؟، وهل عالجوا الشغب قبل أن يتطور إلى جريمة يتسع نطاقها؟". وأشارت الى أن الواجب الأول لرجال الأمن هو "منع الجريمة قبل وقوعها فإن لم يستطيعوا فعلى الأقل وضع حد لها قبل أن تتسع وتنتشر". وشددت على ثقة شنودة في قيادات الدولة في القاهرة، واعتبرت أن المشكلة "تكمن في المسؤولين في منطقة الحادث". وتابعت "كنا لا نريد أن نتكلم ولكن نتيجة ما نشر في الصحف بطريقة مغلوطة من أشخاص لم يروا بأعينهم ما حدث رأينا أخيراً أنه يجب أن نضع الناس أمام شهادات من أشخاص موضع ثقة رأوا بأنفسهم وسجلوا ما رأوه". ثم أوردت النشرة تفاصيل ما جرى وجاءت التفاصيل مع الروايات التي قدمها أسقف كنيسة البلينة التي تتبعها كنائس الكشح الأنبا ويصا والتي أثارت ردود فعل غاضبة في أوساط الصحافة المصرية. وقبل أن تخلص النشرة الى الدعاء "أن تعيش مصر في أمن وفي خير"، أكدت أن "المصالحة الحقيقية غير الشكلية تتم بعد أن تغطي العدالة الدم". وكشفت النشرة أن شنودة التقى أخيراً الانبا ويصا يرافقه القس جبرائيل عبدالمسيح الكاهن في الكشح في حضور ثلاثة اساقفة عاينوا الأحداث في القرية، وهم الانبا صرابامون والانبا مرقس والانبا يؤنس. وكانت وسائل إعلام تحدثت عن وجود اسم الانبا جبرائيل ضمن لائحة الاتهام في قضية الكشح. ويتضمن برنامج زيارة شنودة للولايات المتحدة حضور صلاة عيد القديس الانبا أنطونيوس يوم السبت المقبل في كاليفورنيا ثم يتوجه الى كليفلاند حيث يجري فحوصات طبية، ومن هناك سيتوجه الى مقره في نيوجيرسي حيث يقابل نائبه في اميركا الانبا ديفيد.