تدفق آلاف الأقباط في مصر لليوم الثاني على التوالي إلى مقر الكاتدرائية المرقسية في حي العباسية وسط القاهرة أمس الإثنين، لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، البابا شنودة الثالث، والذى وُضِعَ على كرسي داخل الكاتدرائية منذ فجر الأحد. وأقيم صباح أمس القداس الثانى فى وجود الجثمان بمشاركة 117 أسقفًا هم قوام المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث وصل مساء الأحد وصباح الإثنين أساقفة الكنيسة القبطية فى أوروبا وأمريكا وبقية دول المهجر. ولم يفلح غلق أبواب الكاتدرائية فى تقليل حدة الزحام داخل الكاتدرائية، إلا أن الأمر أصبح أكثر تنظيمًا، فيما قضى آلاف الأقباط ليلتهم فى ساحة الكاتدرائية انتظارًا للدخول لإلقاء نظرة الوداع على الجثمان، وتعرض العشرات منهم لحالات إغماء. من جانبه، أعلن أسقف الشباب، الأنبا موسى، أن ما يقرب من ألفي مسؤول تقرَّر حضورهم لصلاة الجنازة على البابا غدا. ووصل إلى مطار القاهرة اليوم، أساقفة أمريكا والنمسا وميلانو وسويسرا وراهب دير الأنبا بول في بروكسل وأسقف البرازيل وكاهن الكنيسة القبطية في بودابست ورجال دين مسيحيون من كندا وبريطانيا. ومن ناحية أخرى، استعد دير الأنبا بيشوي في وادي النطرون في محافظة البحيرة لاستقبال جثمان البابا شنودة تنفيذا لوصيته بالدفن داخل الدير الذي كان يلجأ إليه إما للخلوة أو للتعبير عن احتجاجه لأمر يرفضه. وتأسس الدير في أواخر القرن الرابع الميلادي تحت قيادة الأنبا بيشوي، كتجمع رهباني يشمل كنيسة وقلايات (سكن الرهبان)، وبئر مياه دون أسوار، ويتكون الدير من ثلاثة طوابق، الأول منها يشمل مطحنة غلال ومعصرة زيت ومخازن، والطابق الثاني به فرن وكنيسة، والثالث وهو السطح به كنيسة ومغارتان. وكان الدير يحتل مكانة خاصة في قلب البابا شنودة، ففيه عَلِم بنبأ توليه بطريرك الكرازة مطلع السبعينيات، وبين جدرانه قضى أربع سنوات كاملة خلال فترة خلافه مع الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، كما كان المكان الذي يلجأ إليه البابا للخلوة. وقال مدير العلاقات العامة في دير الأنبا بيشوي، الأب صرابامون، إن آخر مرة قام فيها البابا بزيارة الدير كانت في أعقاب حادث كنيسة القديسين في الإسكندرية، مطلع العام الماضي، ثم حالت ظروفة الصحية دون زيارته مجددا. أما القمص متاري حبيب، مدير مكتب الأنبا باخوميوس مطران البحيرة، فاعتبر أن جميع مواقف البابا شنودة الثالث تؤكد أنه كان إنسانًا قويًا وطنيًا محبًا للجميع شديد الذكاء والمحبة والاطلاع، فهو الذي قال “لن أذهب إلى القدس إلا ومعي إخواني المسلمين”. من جانبه، أوضح رئيس مدينة وادي النطرون، محمد مكرم، أن العمل يجري علي قدم وساق لرصف وتمهيد طريق يربط ما بين الطريق الصحراوي عند الكيلو 103 ودير الأنبا بيشوي والذي يبعد نحو 8 كيلومترات عن الطريق، وذلك بهدف تسهيل مراسم أعمال الدفن، خاصة أن مدخل المدينة لا يصلح للسير بسبب أعمال الحفر الجارية في مشروع الصرف الصحي، وأضاف أنه يجري تجهيز مساحة من الأرض الفضاء المجاورة للدير، لاستيعاب سيارات المشيعين في الجنازة. القاهرة | جمال إسماعيل