طرح على هامش التصدي السياسي للحوادث التي شهدتها جرود الضنية إمكان انعقاد قمة إسلامية موسّعة، أو الإستعاضة عنها بقمة روحية يُشارك فيها القادة الروحيون للطوائف اللبنانية، الا أنه لم يؤخذ بهذين الاقتراحين، نظراً الى الشعور بأن التحضير لهما "قد يصطدم بإشكالات لا مبرّر لها في الظروف الراهنة، ولا مصلحة في أن يظهر للعلن ان هناك تبايناً في المواقف في وقت أجمعت الفعاليات السياسية والروحية على دعم الجيش اللبناني في تصدّيه للمجموعات المتطرفة على نحو أمّن له غطاء سياسي". وعلمت "الحياة" من مصادر سياسية رفيعة ان مبادرة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني الى دعوة مجلس المفتين للاجتماع وإصدار بيان لا لُبس في دعمه للجيش، "كانت ضرورية للتأكيد على رفض الفتنة من جهة وعلى الوقوف الى جانب الدولة في تعاطيها الامني مع المجموعات المتطرّفة التي أرادت إرباك الوضع، في وقت تستمر المفاوضات على المسار السوري التي سيتيح إنطلاقها استئناف المسار اللبناني". وأكدت المصادر السياسية ان البيان الصادر عن مجلس المفتين "حقّق الأغراض المنشودة منه، سيما انه صادر عن واحدة من المرجعيات الإسلامية الأساسية بغية قطع الطريق على من يحاول اللعب على الوتر الطائفي أو الترويج لاجتهادات بعيدة عن الجوّ الإسلامي الذي هو جزء من الجوّ اللبناني العام". وكشفت النقاب بأن فكرة إنعقاد قمة إسلامية روحية - سياسية موسّعة خرجت من باب التداول في الأفكار العملية "للردّ على المجموعات المتطرفة وطروحاتها السياسية لكن لم يُؤخذ بها، بناء لرغبة القيّمين على الإجراءات التحضيريةالتي أجريت للتشاور في طريقة نبذ الفتنة ورفض العودة بالوضع اللبناني الى الوراء وتحديداً الى ما كان عليه عشية إندلاع الحرب في لبنان عام 1975". وأكدت ان صرف النظر عن القمة الإسلامية الموسّعة "لا يعود الى التباين في وجهات النظر بعدما ثبت أنها موحّدة وان المواقف التي صدرت توافقت حول مجموعة من الثوابت التي لا يمكن التفريط فيها، بمقدار ما أن البعض كان يخشى من الغرق في إشكالات وشكليات بروتوكولية يمكن ان تُفهم على غير حقيقتها". ورداً على سؤال، أوضحت المصادر بأن أعضاء هيئة الحوار الوطني المنبثقة من القمة الروحية كانوا بادروا من جهتهم، "الى التحرّك في اتجاه القيادات الروحية"، وتبيّن لهم، من خلال جوجلة المواقف ان "لا حاجة لعقد القمة في الوقت الحاضر ما دام ليس هناك من تباين في التوجّه العام لدى المرجعيات الإسلامية والمسيحية وإجماعها على دعم الجيش وتأييده في تدابيره لتفكيك المجموعات المتطرّفة وإنهاء الوضع الشاذ في جرود الضنية". كما ان صرف النظر عن الاقتراح كان "لئلا يشعر البعض ان هناك مشكلة طائفية في البلد". وتابعت "ان المشكلة لم تكن سوى مع مجموعات متطرّفة خارجة على القانون ومن حقّ الدولة ملاحقتها، فضلاً عن ان إنعقاد أي قمة روحية سيسبّب مشكلة نحن في غنى عنها في الوقت الحاضر، تتعلق بتمثيل مشيخة العقل عند الدروز وبالتالي ان لا يمكن عقدها من دونهم، أو في حضور قائمقام شيخ عقل الطائفة الدرزية بهجت غيث بينما هناك توافق بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والنائب طلال ارسلان على إقفال الملف الدرزي، باشرا بترجمته عملياً من خلال مجلسي النواب والوزراء". ولفتت المصادر الى "ان إنتفاء الحاجة للقمة الروحية لا يلغي تحضير الأجواء لها في شكل تتجاوز فيه حوادث الضنية الدامية من أجل إيلاء الأهمية للقضايا المطروحة على الساحة اللبنانية الأهمية القصوى، سيما بالنسبة الى استئناف محادثات السلام على المسار السوري، ومن ثم لاحقاً على المسار اللبناني". وقالت انه "لم يعد من الجائز ان تقفز القمة الروحية، إذا انعقدت، فوق الحقائق السياسية التي تتفاعل على الساحة، والإكتفاء بموقف إنتقائي يتناول قضية محدّدة دون الأخرى، رغم أن جميعها مترابطة ولا يمكن إغفال أيّ منها، لذلك فضّلنا التريث حيال أي تحرّك لعقد قمة روحية ما لم نعمل بالتعاون مع الجميع لتحضير الأجواء لتفادي بروز خلاف، خصوصاً ان الجميع يذكر ان التحضيرات التي قامت بها الهيئة الوطنية للحوار سابقاً، لجسّ النبض حول الاستعداد للخروج بموقف روحي موحّد في خصوص التوطين والمفاوضات فتبيّن أننا في حاجة الى مزيد من الوقت لإنضاج الخطوة".