ربما ظل لغز اغتيال الرئيس الاميركي الراحل جون فيتزجيرالد كنيدي، اللغز الأكثر غموضاً والأكثر استعصاء على اي حل. من هنا تبقى التخمينات كثيرة، وتصدر الكتب تلو الكتب، والنظريات تلو النظريات ويزداد عدد صفحات تقرير "وارين" الشهير الى ما لا نهاية. ويبقى سؤال واحد مزدوج: ولكن من قتل جون كنيدي ولماذا؟ للوهلة الأولى سيبدو الجواب في منتهى البساطة: قاتل كنيدي هو لي هارفي اوزولد. وكنيدي قتل لأنه رئيس الولاياتالمتحدة الاميركية. حسناً... وبعد هذا؟ لا شيء. لا شيء على رغم ان تقرير وارين نفسه يضم الوف الصفحات. وذلك بكل بساطة لأن شخصاً يدعى جاك روبي عاجل بقتل اوزولد وهو بين ايدي رجال الشرطة، فمات القاتل على ذلك النحو حاملاً معه سره الى الأبد. ومع موته بدأت الألغاز والتخمينات والتقارير: ترى من قتل كنيدي؟ من كانت له مصلحة في قتله؟ من كان اوزولد؟ من هو روبي؟ اي دور لعبه السوفيات؟ والكوبيون؟ هل يمكن ان تكون وكالة الاستخبارات المركزية مسؤولة عن الجريمة كما شاع وتردد، وأكد اخيراً اوليفر ستون في فيلمه "ج. ف. ك."؟ ام ان للمافيا ضلعاً في الأمر؟ اسئلة ستظل حائرة، وسيبقى امامنا انه في يوم الثاني والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر 1963، وحينما كان موكب الرئيس الاميركي جون كنيدي يعبر شوارع مدينة دالاس عاصمة تكساس وبرفقته زوجته وحاكم الولاية جون كونالي، انطلقت ثلاث رصاصات من الطابق الخامس في بناية قريبة، وضعت حداً لحياة الرئيس الخامس والثلاثين للولايات المتحدة، وهو ينهي العام الثالث من حكمه، ولا يزال بعد في السادسة والأربعين من عمره. يومها، وسط ذهول الموجودين، ثم العالم كله حين علم بالنبأ، تمكنت الشرطة الاميركية من القبض على شخص اشتبه بأنه هو القاتل: لي هارفي اوزولد، وفي الوقت نفسه كان نائب الرئيس ليندون ب. جونسون يقسم اليمين القانونية في الطائرة العائدة به الى واشنطن بوصفه الرئيس الجديد للولايات المتحدة. وفي تلك اللحظات بالذات انتهت حياة ذلك الرئيس الذي كان سحر العالم بشبابه وديناميته وأفكاره الثورية، وبدأت اسطورة كنيدي التي لم تنته فصولاً حتى اليوم. اما القاتل فانه حين كان ينقل من مقر البوليس الى السجن في دالاس، قتل برصاصة اطلقها عليه المدعو جاك روبي، الذي تعرفه الشرطة بكونه مالكاً للعديد من علب الليل في دالاس. لماذا قتلت اوزولد يا روبي؟ سألته الشرطة فأجاب بهدوء: لكي اوفر على ارملة كنيدي عناء المحاكمة وما يرافقها من فصول متبعة! أما الشرطة فانها ستقول لاحقاً ان اوزولد كان معروفاً بارتباطه بالسوفيات وانه زار الاتحاد السوفياتي خلال الفترة 1959 - 1961 وتزوج من سوفياتية لكنه عجز دائماً عن الحصول على الجنسية السوفياتية وهذا ما اخلى المكان للعديد من التفسيرات. كان اهم تلك التفسيرات ذاك الذي يقول ان اوزولد شخص لا وجود له وانه لم يكن هو القاتل. مهما يكن، لقد مضى حتى الآن نحو ثلاثين عاماً على مقتل كنيدي وتملأ التخمينات والمناقشات بشأن تلك الجريمة مكتبة كاملة. وفي كل يوم يطلع كتاب جديد وتفسير جديد وتكثر التساؤلات. وحتى اليوم نجدنا حائرين نتساءل: لماذا؟ ونتساءل: لمصلحة من؟