أنشأ مكتب التربية للخليج العربي الذي تأسس قبل عشرين عاماً من الآن "جامعة الخليج" في البحرين التي استقطبت النخبة الطلابية في دول مجلس التعاون الست. إلا ان المكتب حقق خطوات عملية اخرى على طريق التكامل في المجالات التعليمية والتربوية بين البلدان الخليجية يتحدث عنها هنا رئيس المكتب الدكتور محمد سعيد المليص. ما الأهداف من انشاء مكتب التربية للخليج العربي؟ - أنشئ المكتب منذ أكثر من عشرين عاماً بمشاركة بلدان مجلس التعاون الخليجي الستة السعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وعمان وكان الهدف الاساسي منه وما زال هو ايجاد قناة للتنسيق والتكامل بين المؤسسات التعليمية في البلدان الخليجية بدءاً من روضة الاطفال وانتهاء بالجامعة. وللمكتب مركزان خارج مقره الرئيسي في الرياض الأول هو "المركز العربي للبحوث التربوية" في الكويت، والثاني ما زال قيد الانشاء ونأمل ان نفتتحه هذا العام في الدوحة، وهو "المركز العربي لتدريب القيادات التربوية"، وما يقوم به المكتب هو نوع من التكامل يستند على تبادل الخبرات بين البلدان الاعضاء وكذلك نقلها من العالم الخارجي. ما هي سلطات المكتب والى أي مدى كرس تنسيقاً حقيقياً في المناهج التربوية؟ - تتألف السلطات الدستورية للمكتب من المؤتمر العام الذي يضم وزراء التربية والتعليم والمعارف في البلدان الخليجية ويعقد مرة كل سنتين، وهو الذي يقرر الموازنات ويبت المشاريع والبرامج المقترحة للعامين التاليين. ثم المجلس التنفيذي وهو شبيه بالمجلس التنفيذي لليونيسكو ويجتمع مرتين في السنة ويتولى متابعة نشاط المكتب خلال ستة اشهر. ونفذ المكتب حتى الآن برامج ثقافية وعلمية وتربوية كثيرة وحقق من خلال الندوات التي أقامها وورشات العمل التي نظمها تقارباً واسعاً ليس فقط بين الكوادر التربوية وانما ايضاً بين مخططي السياسة التعليمية في البلدان الخليجية، ومن انجازاته الظاهرة انشاء "جامعة الخليج العربي" ومقرها في البحرين. ما الدافع لإنشائها طالما هناك جامعات وطنية في كل بلد؟ - الجامعة تقدم برامج مختلفة عن الجامعات الأخرى لا توجد في المنطقة الخليجية، وهي متخصصة بالدراسات العليا فقط. وكان الغاية الأولى من انشائها حل بعض القضايا في البلدان الخليجية والبلدان العربية الأخرى التي لم تكن فيها جامعات لاستيعاب طلابها. اما اليوم فلكل بلد خليجي جامعته أو جامعاته. ويعتمد نظام التسجيل في جامعة الخليج العربي على الحصص لكن هناك برنامجاً خاصاً، اضافة الى الحصص المخصصة لكل دولة، تسمح للأفراد بالانتساب للجامعة لقاء دفع رسوم. ولكن هناك شروطاً للانتساب تقتضي الحصول على درجات عالية جداً، خصوصاً ان المقررات تعتمد على برامج مكثفة. ومن دلائل نجاح الجامعة ان الكويت مثلاً صارت ترسل غالبية طلابها في الطب للدراسة فيها ايماناً بكونها تقدم تعليماً أفضل من جامعات اجنبية كثيرة. خلاصة القول ان هناك ثلاثة مصادر للطلاب: - الحصص التي لا تدفع الدولة المساهمة أموالاً عليها لأنها تقابل حصصها في موازنة الجامعة. - استقطاب الطلاب الراغبين في الانتماء للجامعة لقاء دفع الرسوم. - استقطاب الطلاب عن طريق الدول بواسطة الابتعاث وباتت الكويت ترسل طلاباً عن طريق وزارة التربية على حسابها وتدفع حصة اضافية خارج مساهمتها الأساسية في الجامعة. والإنجاز الآخر هو مساهمتها في توحيد مناهج العلوم والرياضيات في جميع البلدان الخليجية الى مستوى متقدم وطبعت هذه الكتب ونفدت في بعض الدول. والمهم ان الاتجاه في المستقبل سيتركز على توحيد الفكرة بدلاً من توحيد المفردة. كذلك سيكون هناك مستوى مشترك في العلوم الاجتماعية يدرس في الجامعات الخليجية ويتيح قدراً من المعارف الدنيا عن تاريخ المنطقة ومؤسساتها والروابط بين أبنائها وبنيهم وبين الكيانات المحيطة. أعد مكتب التربية للخليجي العربي مشروع "مدرسة المستقبل" ما هو مضمونه وكيف سيكون مختلفاً عن المدرسة الحالية؟ - هو أحد المشاريع الرامية للتكيف مع المتغيرات الاجتماعية والحضارية المتسارعة في الخليج، والغاية منه هي و ضع المواصفات المناسبة لمدرسة المستقبل ويشارك في وضع الدراسة عدد كبير من التربويين من الخليج ومن خارجه بمن فيهم خبراء من اليونيسكو والأليكسو والايسيسكو. الى ذلك، هناك مشروع يرمي لتطوير استخدام الكومبيوتر في المدارس والمعاهد والجامعات وتكريس التكامل في ادخاله الى هذه المؤسسات ليكون أداة تعليمية وليس مجرد مصدر للمعلومات فقط في التعليم الاساسي، ا ضافة الى وضع موسوعة خاصة بالاطفال تعنى بكل القضايا التي يحتاج الطفل لمعرفتها وذلك مسايرة للتطور الاجتماعي. واعتقد ان هذا الهاجس هو محل اجماع التربويين في الخليج فالقادة والوزراء والجميع يشعرون بأن الاستثمار الحقيقي ينبغي ان يكون في الانسان. وتستند هذه الرؤية على ان العقل البشري يجب ان يحل محل المورد المالي الموجود حالياً، لأنه لن يدوم، وعليه ينبغي بناء الرجال ليحلوا قضايا المستقبل ويحققوا حاجات مجتمعاتهم، وهذا هو مصدر الثروة الدائم. هل كانت للعولمة التي تعصف بالمنطقة العربية انعكاسات سلبية أم ايجابية في منظوماتنا التربوية في رأيك؟ - في رأيي ليست العولمة ظاهرة جديدة وانما هي حركة مستمرة وأبدية، فتقارب الثقافات واختلاطها وصراعها ظواهر مستمرة منذ القدم، فنحن العرب مثلاً نقلنا أفكارنا الى الشعوب الأخرى وأثرنا فيها خلال عصور الإزدهار الاسلامي. وكل ثقافة قوية تؤثر في من هو اضعف منها. لكن ما نحتاجه اليوم هو تحصين فقط وليس تشهيراً بهيمنة الآخرين، لأنك لا تستطيع ان ترد أي ثقافة تأتيك في هذا العصر طالما أنت لا تملك العلم والقوة والإمكانات اللازمة. ولو جئنا بعلماء الشرق والغرب ليعلموا أبناءنا لما وصلنا الى نتيجة من دون تحصينهم ذاتياً ليشعروا بالاعتزاز.