كشفت مصادر رسمية لبنانية أمس جانباً من وقائع المحادثات التي أجرتها وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت مع رئىس الحكومة سليم الحص أول من أمس في بيروت، فأكد الجانب اللبناني رفض التوطين والحق في مقاومة الإحتلال، في مقابل إعلان الجانب الأميركي ارتياحه إلى المحادثات مع الرئىس السوري حافظ الأسد وعدم تحديده موعداً لاستئناف المفاوضات على المسارين اللبناني والسوري. ووسط ذلك، انتقد "حزب الله" دعوة اولبرايت الى وقف المقاومة ومساواتها بين الإحتلال الإسرائيلي والوجود السوري. نقلت مصادر رسمية أجواء من محادثات الرئىس الحص والوزيرة أولبرايت، فقالت "ان رئىس الحكومة وجه سؤالاً الى المسؤولة الأميركية هل حددت الإدارة الأميركية موعداً لاستئناف المفاوضات فأجابت بالنفي. وقالت ان ليس هناك مواعيد بعد، وأنها كانت مرتاحة الى تنائج محادثاتها مع الرئىس الأسد". وأضافت المصادر "عندما طرحت اولبرايت مسألة العمليات ضد القوات الاسرائيلية في الجنوب، اوضح الحص ان ذلك مقاومة لقوات الإحتلال وهذه المقاومة ليست إرهاباً، وإنها مستمرة ما بقي شبر من الأراضي اللبنانية تحتله إسرائيل". وتابع الحص "ان لبنان يرفض التوطين الفلسطيني على ارضه، وأنه معني بهذه القضية مباشرة ويركز على عودة الفلسطينيين الى ديارهم". فردّت اولبرايت "لماذا لا تطرحون ذلك على لجنة اللاجئين في اطار المفاوضات المتعددة الأطراف؟"، فأوضح الحص لها "ان مهمة هذه اللجنة تقتصر على تحسين اوضاع الفلسطينيين ولا تبحث في عودتهم الى وطنهم". وأشارت المصادر الى "ان اولبرايت اثارت قضية محاكمة الأشخاص اللبنانيين الذين ارتكبوا حوادث ضد الأميركيين ومصالح أميركية في لبنان، فأبلغها الرئىس الحص ان هذه الحوادث حصلت في مرحلة الحرب التي عاشها لبنان خلال خمسة عشرة عاماً وكان ضحاياها اكثر من مئتي ألف شخص". ونفت المصادر ان تكون اولبرايت "طرحت امكان تقديم مساعدات اميركية جديدة الى لبنان او تطرقت الى الوضع الداخلي فيه". وفي هذا الإطار، اعتبر مصدر مسؤول في "حزب الله" ان مواقف اولبرايت "تغليف لشروط العدو ووجعه من ضربات المقاومة، زاعمة ان الهدوء وضبط النفس ووقف العنف يعطي فرصاً للسلام الزائف، كأن المطلوب ان يضبط اللبنانيون انفاسهم فلا يصرخون من الألم ولا يعبّرون عنه بالرفض والمقاومة، حتى تتمكن اولبرايت من سَوق العرب الى تنازلات، كما في المشهد المخزي لسلطة ياسر عرفات وهي تتخلى عن ابسط الحقوق الفلسطينية". وأضاف "ان اولبرايت جاءت تبحث عن فرص لإراحة الإحتلال بدعوى ضبط النفس وإشاعة الهدوء متعمدة تجاهل السبب الوحيد لما يعانيه اللبنانيون وهو ارهاب العدو وعنفه المتمثل بالاحتلال وارتكاب المجازر وتشريد الأهالي واعتقال المدنيين واتخاذهم رهائن على مرأى الادارة الاميركية والأمم المتحدة من دون تحريك اي ساكن، ولم تأت على ذكر الاحتلال ولا على ما يسببه من مآس، محاولة ايهام الرأي العام بأن ادارتها مع سيادة لبنان وراغبة في رؤيته خالياً من كل القوات الاجنبية والعنف والإرهاب، وهي بذلك تحاول ممارسة التحريض وتعمية الحقائق. فاللبنانيون حسموا خيارهم وأجمعوا على اعتبار الكيان الصهيوني عدواً محتلاً، مقاومته واجب وشرف وطني، ولا مجال عندهم لأي مقارنة بين احتلاله ووجود الجيش السوري الشقيق الذي هو بين اهله يمدهم بالعون والمساعدة". وقدّر الموقف الرسمي اللبناني من المقاومة، مؤكداً "انها حق مشروع للشعب اللبناني، وأن "حزب الله" سيواصل انتهاج هذه الطريق التي اثبتت انها وحدها تؤدي التي يؤدي بنا الى استعادة الأرض وحفظ الكرامة والعزة لهذه الأمة، ولن نحيد عنها أياً تكن التضحيات، وعلى الإدارة الأميركية ان تدرك انها لن تجني من سياساتها الداعمة للعدو واحتلاله سوى كراهية الشعوب وعدائها، فهي بدلاً من ان تضغط على الاحتلال لينسحب من الارض، تدعمه وتسوّق لشروطه ومشاريعه". وختم "ان ما يثير الاستغراب التصرفات الاميركية التي رافقت الزيارة في الشكل، اذ تنم عن نزعة استعلائية وعدم لياقة في التعاطي مع الدول ذات السيادة في وقت يعلم الجميع ان الأمن في بيروتولبنان مستتب اكثر من نيويورك نفسها". وأكد رئيس المجلس السياسي في "حزب الله" النائب محمد رعد "ان صواريخ الكاتيوشا التي انطلقت على المستعمرات الصهيونية اخيراً كانت دفعات تحذيرية لإفهام العدو أن أمن المدنيين في لبنان متوازٍ مع أمن المستوطنات، وأن ضرب البنى التحتية له ردّ آخر من المقاومة وهي جاهزة لذلك". الى ذلك، اوضح مصدر امني في سرية حرس رئاسة مجلس الوزراء ما اوردته صحف لبنانية امس ان كلاباً بوليسية تابعة لأمن السفارة الأميركية في بيروت شاركت في تفتيش السرايا الكبيرة اول من امس، فقال "ان هذه الكلاب تابعة لمفرزة اقتفاء الأثر في قوى الأمن الداخلي ولا علاقة للسفارة الأميركية بها، علماً ان قوى الأمن الداخلي تستخدم كلاباً بوليسية بين الحين والآخر للكشف أمنياً على السرايا". وفي القاهرة، حملت "اللجنة العربية لمساندة المقاومة الإسلامية في لبنان" في شدة على اولبرايت، ووصفت زيارتها الاخيرة لسورية ولبنان بأنها "محاولة لاختراق ما تبقى من صمود". وانتقدت "حال التراجع السياسي الرسمي العربي". واعتبرت "ان الدفاع عن الارض حق تقرّه كل المواثيق الدولية والإنسانية، وأن الأولى بالنقد والهجوم هم هؤلاء المجرمون الذين يدنسون أرضنا العربية في جنوبلبنان والجولان وفلسطين".