فيما تعلن بغداد عن "مفاوضات سرية" تجريها مع سفارة جمهورية ايران الاسلامية حول الأسرى بعد ان قطعت محادثات واتصالات البلدين على أثر خطاب الرئيس صدام حسين في ذكرى انتهاء الحرب في الثامن من آب اغسطس الماضي وشن فيه هجوماً على "النوايا الايرانية" محملاً طهران مسؤولية "عدم التطبيع الكامل" مع حكومته، اتخذت بغداد قراراً جديداً ل"تشجيع الايرانيين على السياحة الدينية في العراق". وخفضت هيئة السياحة العامة المبالغ التي تتقاضاها من السياح الايرانيين من 850 الى 550 دولاراً للشخص الواحد، بينما حددت 350 دولاراً للزوار غير الايرانيين. وقال المدير العام للمجاميع السياحية رحيم كريم الشمري في تصريحات صحافية ان "تخفيض الاسعار سيشجع على تزايد عدد السياح من الجنسيات الايرانية وغيرها على رغم استمرار العدوان الاميركي بضرب المنشآت العراقية". وكانت زيارات المجاميع الايرانية للاماكن الدينية الشيعية في كربلاء والنجف والكاظمية ببغداد وسامراء بدأت منذ اشهر عدة بعد لقاءات رسمية عراقية - ايرانية، فأخذ ايرانيون يتدفقون على زيارة تلك الأماكن عبر منافذ حدودية أبرزها منفذ المنذرية القريب من مدينة خانقين الحدودية. وأثناء المفاوضات بين الطرفين كانت وزارة الاسكان والتعمير تبني "مجمعاً حدودياً" في المنذرية يكون المدخل الأول "لضيوف الرافدين" واختارت موقع المجمع بدلالاته المرتبطة بوقائع الحرب مع ايران. وتقول مصادر عراقية حكومية انها بنت المجمع الحدودي في الموقع ذاته الذي شهد "إطلاق قذيفة مدفع من قبل قائد النصر والسلام السيد الرئيس صدام حسين نحو تجمعات الباطل ولتحيلها الى عصف مأكول". ويقول المشرف العام على مجمع المنذرية "نافذة العراقالشرقية" الدكتور هشام عبدالله الغريري "من موقع المدفع الذي تشرف بملامسة اليد الكريمة لقائدنا الحبيب بدأنا ببناء المجمع". ويضيف الغريري في تصريحات صحافية: "صممنا هذه المدينة الصغيرة لتخدم الايرانيين القادمين وتوفر عليهم التعب، من هنا عبر عشرات الآلاف منهم منذ ان بدأت زياراتهم قبل اكثر من عام". ولكي تصل السلطات العراقية الى "أساليب استقبال حديثة تتناسب مع نهايات القرن العشرين" كما يقول الغريري. فقد استحدثت بنايات عدة منها قاعة للاجتماعات وقاعة كبيرة تتسع لألف وخمسمئة شخص تقدم لهم جميع الخدمات من مأكولات سريعة وشراب اضافة الى قاعة الجمارك قبل ان يغادروا المكان "الى غاياتهم معززين مكرمين". إضافة الى القاعات هناك عدد من المطاعم الحديثة ومحال التسوق وفندق يضم 22 غرفة اضافة الى دوائر الجوازات والأوقاف والأمن وجامع وفرع ل"مصرف الرشيد" حيث تلزم السلطات العراقية الزوار الايرانيين تحويل عملاتهم الاجنبية قبل دخولهم الاراضي العراقية وبعد ان تجرى لهم فحوصاً طبية تبلغ قيمتها 50 دولاراً في "مركز فحص الوافدين". وفيما تنفتح مساحة فسيحة ل"التبادل التجاري" بين البلدين تشرف عليها وزارة التجارة العراقية يمكن ملاحظة بناية فخمة معدة لاستقبال "كبار الشخصيات". في المنذرية حيث ينتصب تمثال للرئيس صدام حسين ممتطياً صهوة جواد عربي عاش الآلاف من الأسرى العراقيين مشاعر اللقاء الأول مع أرض الوطن بعد سنوات طويلة في مجالدة اليأس والنسيان. وينقل هشام عبدالله الغريري بعضاً منها فيقول: "كان جميع الأسرى يقبلون الأرض وكان بعضهم يتمرغ بالتراب وكأنه يشم رائحة الجنة"، ويضيف: "عديد من الأسرى العائدين يفقدون الوعي لدى دخولهم أرض العراق... ويضطر العاملون في المركز الصحي الى اجراء الاسعافات قبل مواصلة السفر الى بغداد".