شهدت العاصمة الروسية أوسع عملية تفتيش شملت دهم نحو 30 ألف منزل بحثاً عن ارهابيين نظموا سلسلة تفجيرات في موسكو أسفر آخرها عن مقتل 121 شخصاً، فيما أكد وزير الدفاع ايغور سيرغييف إثر لقائه الرئيس بوريس يلتسن ان القوات المسلحة ستشارك في عمليات حفظ النظام. استمرت في شارع كاشيرسكايا جنوبموسكو أمس الثلثاء، عمليات رفع الانقاض وانتشال الجثث. وشاهدت "الحياة" أعمدة الدخان تتصاعد من موقع كانت فيه عمارة من ثمانية طوابق انهارت بفعل انفجار 250 كيلوغراماً من مادة الهيكسوجين. ولم يتسن لأطباء مستشفى الميدان الذي أقيم قرب الموقع معالجة أي من سكان العمارة الذين واجهوا مصيرهم نياماً في الساعة الخامسة صباحاً. وحتى أمس، لم يتمكن المختصون وأقارب القتلى من التعرف على جثث كثيرة تناثرت اشلاؤها في المكان واختلطت مع بقايا لعب أطفال. وبدا الوجوم على وجوه مئات من أهالي موسكو الذين احتشدوا قرب مكان الحادث وتناوبتهم مشاعر الخوف والنقمة في آن، اذ أن واضعي العبوات المتفجرة كانوا يعرفون ان العمارة يسكنها مدنيون لم يرتكبوا ذنباً. وارتفع عدد القتلى حتى نهار أمس الى 119 شخصاً. وانصبت النقمة على القوقازيين الذين صاروا الهدف الأول في أوسع حملة تفتيش في العاصمة. وذكر وزير الداخلية فلاديمير روشايلو ان هناك "أثراً شيشانياً" للأحداث. وأعلن عن تحديد هويات المشتبه بهم والقاء القبض على اثنين منهم، فيما عرض التلفزيون صورة ثلاثة آخرين طلب من المواطنين الابلاغ عنهم. وأشار الوزير الى أن التفتيش الذي شمل أقبية وشققاً في 30 ألف منزل، أسفر عن اكتشاف 3800 كيلوغرام من المتفجرات المهيأة للاستعمال. وأشارت وكالة "ايتار تاس" الرسمية الى ان مجموع المتفجرات التي عثر عليها يصل الى ألفي طن وكانت معبأة في أكياس ومعها صواعق. كما اكتشفت شاحنة فيها 400 كيلوغرام من نيترات الامونيا الحارقة. وأشارت وكالة "انترفاكس" الى ان غالبية المتفجرات كانت انتجت في مصانع حربية روسية ونقلت الى الشيشان و"عادت" لاحقاً الى موسكو. وقدم روشايلو الى رئيس الدولة خطة لمنع تكرار الانفجارات ومنها الاستمرار في تفتيش المساكن وأماكن التجمع وتعزيز الدوريات وتشديد الحماية على المنشآت الحيوية والاستراتيجية. وطلب وزير الداخلية من المواطنين الابلاغ عن كل سيارة مشبوهة واخبار الشرطة فوراً عند مشاهدة كيس أو حقيبة مركونة. كذلك طلب محافظ العاصمة يوري لوجكوف تسجيل جميع الوافدين الى موسكو و"الاستفسار عن أهداف مجيئهم" والتشدد في ايجار المساكن والاقبية. وذكر انه طلب من الشرطة "ايلاء اهتمام خاص" بالشيشانيين. الشيشان وابن لادن وردت غروزني بالتأكيد على أن الشيشانيين يتعرضون الى الاعتقال في موسكو ومدن أخرى، وطلبت منهم الامتناع عن السفر الى روسيا من دون "ضرورة قصوى"، كما عرضت ارسال فريق من المحققين لمساعدة زملائهم الروس في كشف هوية الجناة والمسؤولين عن التفجيرات في العاصمة. والى جانب الشيشانيين، وجهت أمس اتهامات الى أسامة بن لادن الذي ذكرت صحيفة "سيفودنيا" ان له "صلة غير مباشرة" بالأحداث. ونقلت عن وزارة الأمن الفيدرالية ان ابن لادن نظم في بلدة توجاي يورت الشيشانية معسكراً للتدريب على أعمال التفجير وتولى الاشراف عليه "خبراء" شاركوا في تنظيم عمليات ارهابية في السعودية واليمن وكينيا وتنزانيا. وكان رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين اشار الى وجود "ترابط" بين ابن لادن والأحداث الأخيرة في داغستان حيث استمرت أمس معارك واسعة النطاق للسيطرة على بلدة نوفولاك القريبة من الحدود الشيشانية. وذكر وزير الدفاع المارشال سيرغييف ان الوضع "معقد لكنه يتجه نحو الأفضل"، فيما توقعت وزارة الداخلية انجاز "تطهير" المنطقة من المسلحين قريباً. وعقد مجلس الدوما امس اجتماعاً مغلقاً لمناقشة الوضع في داغستان والتفجيرات الأخيرة. وذكر زعيم الحزب الشيوعي غينادي زيوغانوف ان "حزب الخيانة القابع في الكرملين" يريد استغلال الأحداث لفرض الطوارئ وأكد انه اطلع شخصياً على نسخة من مسودة مرسوم في هذا الشأن. إلا أن مدير الديوان الرئاسي الكسندر مولوشين نفى ذلك. وأكد ان "الانتخابات البرلمانية ستجرى في موعدها المحدد". وطلب من الساسة الامتناع عن استغلال الأحداث الأخيرة في الصراعات الداخلية.