محمية الشمال للصيد.. رؤية الحاضر بعبق الماضي    الهلال يعلن عن تعرض بونو لتمدد في العضلة الخلفية    «آل أبو الفرج» يتلقون التعازي في فقيدهم    سعوديون يقودون قطاع الطاقة المتكاملة    إسرائيل تؤكد مقتل السنوار بعد مقارنة أسنانه    قمر الصياد العملاق يظهر في سماء المملكة    الصَّوتُ بَينَ عَلامَتِهِ وَمَقَامِهِ    الجبير يودع سفير اليابان بمناسبة انتهاء فترة عمله    رونالدو وتاليسكا كابوس الشباب قبل مواجهة النصر    بلدية الظهران تزور أكثر من 1000 موقع إنشائي وتوجيه 156 إنذار للمخالفين    «حاجي» ضالة المنتخب    الأمير فيصل بن بندر يطلع على إنجازات جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالرياض    برقية شكر للشريف على تهنئته باليوم الوطني ال94    إنفاذًا لتوجيهات القيادة .. تمديد فترة تخفيض سداد غرامات المخالفات المرورية المتراكمة على مرتكبيها    تجمع الرياض الصحي الأول يطلق فعاليات توعوية بمناسبة "اليوم العالمي للإبصار"    افتتاح فرع "واس" في الخرج    متوسطة وثانوية مسلية تنفذ مبادرة "رايتك وردية " في شهر التوعية بسرطان الثدي    وزير الثقافة ونظيره الصيني يوقعان البرنامج التنفيذي لإقامة العام الثقافي السعودي الصيني 2025    قصف إسرائيلي على لبنان.. وبوريل: الهجوم على «الأمم المتحدة» غير مقبول    متوفاة دماغيًا تنقذ ثلاثة مرضى في الأحساء    الموارد البشرية تُضيف الاستقدام من دولة تنزانيا بسقف أعلى قدره 5700 ريال    أمير المدينة يدشن المشاريع التعليمية الجديدة    الذهب يقفز لمستوى قياسي مرتفع وسط رهانات خفض أسعار الفائدة    السعودية تترأس اجتماعات الدورة ال 35 لمجلس الوزراء العرب لشؤون البيئة    مصر والسعودية تؤكدان رفع وتيرة التكامل الاستثماري في ختام زيارة ولي العهد للقاهرة    مغادرة الطائرة الإغاثية الخامسة ضمن الجسر الجوي السعودي الذي يسيّره مركز الملك سلمان للإغاثة لمساعدة الشعب اللبناني    الذكاء الاصطناعي يقارع الخبرات الإنسانية    فرنسا تمنع شركات إسرائيلية من المشاركة في معرض تجاري    الأرصاد: رياح نشطة مثيرة للأتربة والغبار في 5 مناطق    مصر.. مفاجأة جديدة في حادثة حافلة طلاب «الجلالة»    36 ألف جولات رقابية على جوامع ومساجد منطقة المدينة المنورة    حملة ميدانية تضبط 3,371 دراجة آلية مخالفة    الأنظمة التشريعية القوية في بلادنا    88 ألف لاعب ولاعبة في بطولات رابطة الهواة    عبدالعزيز بن سلمان: أهداف مؤتمر الطاقة تتماشى مع تطلعات الرؤية السعودية    شاهد آخر على تميز سوق عملنا    الاحتفاء بالتاريخ ورجالاته    14 ميدالية.. حصدها الأبطال في الأولمبياد الخليجي للعلوم    تمكين المرأة من التنميط إلى استعادة الكرامة    انحناء الظل    المملكة تُنظّم معرضاً دولياً للحرف التقليدية في 23 نوفمبر المقبل    السعودية إنسانية تتجلى    ولي العهد يترأس وفد المملكة في القمة الخليجية - الأوروبية    نباح من على منابر الشيطان    مطالبة سعودية - مصرية بوقف إطلاق النار ورفع الحصار عن غزة    المملكة ومصر.. لا لسياسات حافة الهاوية    100 ألف ريال غرامة إنشاء مصنع للمستحضرات بلا ترخيص    الجلاجل يرأس وفد المملكة في اجتماعات منظمة الصحة العالمية    5 عناصر لتقليل الإصابة ب«ضعف الإدراك»    ألعاب السعودية الثالثة .. نادي الرياض لذوي الإعاقة يحقق ذهبية كرة الهدف    المفتي العام يستعراض أعمال "صون الإسكانيّة"    ولي العهد يرأس وفد المملكة في القمة الخليجية - الأوروبية    أمير القصيم يرأس اجتماع "الإسكان".. ويستقبل مجلس الربيعية    نائب أمير تبوك يستقبل أعضاء جمعية الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليا    أمين الطائف يقف على المشاريع التطويرية بالمويه وظلم    أمير القصيم يرعى حفل تخريج 153 حافظاً بجمعية تحفيظ القران الكريم ببريدة    26 من الطيور المهددة بالانقراض تعتني بها محمية الملك سلمان    العيسى يدشن المؤتمر الدولي «الإيمان في عالم متغير» للتصدي لشبهات الإلحاد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيون وآذان
نشر في الحياة يوم 15 - 09 - 1999

ثمة فكرة أعود اليها بين حين وآخر هي ان ثمة جناحاً نافذاً من اليهود الاميركيين يقف ضد السلام بين العرب واسرائيل، كما ان ثمة غالبية اسرائيلية مؤيدة للسلام. هذه الغالبية الاسرائيلية قد تنقص يوماً، كما حدث عندما جاء بنيامين نتانياهو الى الحكم راكباً موجة التفجيرات الانتحارية في القدس وتل ابيب، الا انها موجودة دائماً. اما بين اليهود الاميركيين فثمة نفس ليكودي أقوى مما تعرف اسرائيل، وأنصاره أعداء السلام الحقيقيون الذين يضغطون على الإدارة لمعاداة الدول العربية، بما في ذلك السلطة الفلسطينية، بهدف إجهاض أي تقارب مع الولايات المتحدة قد يساعد مشروع السلام.
ربما كان الأمر مع أمثال هؤلاء اليهود الاميركيين ما يعبر عنه المثل الشعبي "الجمرة ما بتحرق إلا موضعها"، فهم بعيدون عن الشرق الأوسط، ويشنون حرب نظارة يدفع العرب واليهود في المنطقة ثمنها من أرواحهم ومستقبلهم.
وكنت توقفت عن قراءة ما يكتب بعض غلاة الليكوديين من اليهود الاميركيين، كما يعرف كل من يتابع هذه الزاوية، غير انني تذكرتهم وأنا اقرأ قبل أيام مقالاً حقيراً في "وول ستريت جورنال" كتبه نورمان بودهورتز، وهو من أركان مجلة "كومنتري" الخارجة من عدوان فكري على البروفسور ادوارد سعيد قاده باحث اسرائيلي يموله مايكل ميلكين، أحد لصوص شارع المال والاعمال، المتهم والمدان في عمليات مالية ممنوعة، وقد سجن ودفع غرامات قياسية، وخرج ليساعد نافثي السموم السياسية.
المقال كتب على طريقة "الخسن والخسين بنات معاوية"، فلا نعرف كيف نصحح الاخطاء، وهو يعكس نفسية صاحبه وأمثاله اكثر مما يعكس حقائق على الأرض.
هو يكرر زعم ان اليهود القليلين في فلسطين تصدوا لجيوش خمس دول عربية كبيرة وهزموها. غير ان هذه الخرافة تتكرر فيما هناك كتب تاريخ جديدة في اسرائيل نفسها تقول انه لم تكن هناك جيوش عربية سنة 1947 - 1948، وانما كان يوجد 600 ألف مسلح يهودي مع خبرة ميدانية مقابل بضعة آلاف مقاتل عربي. ونحن لا نقول هذا، وانما يقوله مؤرخون اسرائيليون تدرس كتبهم اليوم في اسرائيل.
بعد ذلك يأخذ الكاتب القارئ في متاهة تاريخية، عندما خسر العمل الانتخابات في اسرائيل سنة 1977، وكره الليبراليين نيكسون، وقضية ألغر هيس، التي لا يصفها بخيانة، ومناحيم بيغن واجتياح لبنان، وحرب فيتنام، ليصل الى اسحق رابين سنة 1992، ونكوصه عن وعود انتخابية بعدم التفاوض مع منظمة التحرير، بل "جريمته" الأكبر بالتعهد بالانسحاب من الجولان.
وإذا كنت فهمت شيئاً من هذا السخف فهو ان الكاتب يقارن بين شعور الاميركيين ازاء حرب فيتنام، وشعور الاسرائيليين ازاء اجتياح لبنان، ما انشأ في البلدين تياراً معادياً للحرب.
واضح جداً ان بودهورتز يفضل الحرب حلاً، أو استسلام العرب من دون قيد أو شرط، لذلك فهو يزعم ان القادة العرب لم يتخلوا عن الحرب الا اقتناعاً منهم بأنها لن توصلهم الى ما يريدون، وهكذا قرروا ان يكون لهم موطئ قدم في فلسطين ليشنوا منه "جهاداً" ناجحاً ضد اليهود.
إذا كانت هناك "نية اجرامية" فهي عند امثال الكاتب. واسهل رد عليه وأوضحه ان القادة العرب لم يتفقوا في حياتهم على شيء وهم غير متفقين اليوم على التعامل مع القضية الفلسطينية، والحديث عنهم كفريق واحد، يجتمع ويخطط ويقرر ويوزع أدواراً، شطط يتراوح بين الغباء المطبق والخبث المفضوح.
بعد ذلك يستشهد الكاتب بالبروفسور فؤاد عجمي الذي كتب مرة يقول ان الرفض العربي لاسرائيل مستمر، وانه في الشارع العربي، وهو أشد ما يكون في مصر.
ومع انني لا اتفق مع الدكتور عجمي كثيراً فهو مصيب، وقد رأيت بعيني في خان الخليلي في القاهرة بائعاً يخرج من متجره ويصرخ "الله أكبر، أنا ما بعش يهود" بعد ان دخل سياح يهود المتجر.
والسبب في ذلك بسيط فطالما ان هناك يهوداً اميركيين من أمثال بودهورتز يريدون ان يفرضوا علينا اسرائيل بالحديد والنار، وبما يقضي على الحقوق العربية في فلسطين، فستظل العلاقات متوترة متأججة.
غير ان السلام قادم على الرغم من أعدائه، وهم بين العرب كما بين اليهود. وفي اليوم الذي كتب بودهورتز مقاله كانت الصحف الاميركية وغيرها تنشر ان اسرائيل أفرجت عن 199 سجيناً أمنياً فلسطينياً، وتبدأ اعادة سبعة في المئة من أراضي الضفة الغربية قبل الموعد المحدد بثلاثة ايام.
السلام النهائي لن يكون عظيماً، وسيخسر الفلسطينيون فيه كثيراً من حقوقهم التاريخية الثابتة، الا انه يظل أفضل من الحرب التي ينشدها الفريق المتشدد من اليهود الاميركيين، ويذكون مشاعر الكره باستمرار حتى لا تخمد جذوتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.