تكثر التكهنات في شأن التغييرات التي قد يجريها الرئيس حسني مبارك في المناصب المهمة في الدولة، وفي مقدمها الوزارة في مطلع ولايته الرابعة التي يؤكدها الاستفتاء المقرر في 26 الشهر الجاري. وفيما تركز صحف المعارضة على أن التغيير يجب أن يركز على السياسات أكثر من الأشخاص، لا يتردد بعض الكتاب حتى في الصحف القومية عن السخرية من بقاء بعض الوزراء في مناصبهم لسنوات طويلة. وكان مبارك أعلن قبل أيام أنه ينوي إجراء تغييرات في الأشخاص وبعض السياسات قريباً، مشيراً الى أن التغيير "جزء من طبيعة الحياة". واللافت أن وزارة الدكتور كمال الجنزوري، التي تشكلت للمرة الأولى في كانون الثاني يناير 1996، تبنت اتمام عدد من المشاريع الكبرى، وكذلك تحسين العلاقات بين الحكومة والشعب بعدما ساءت خلال الفترة التي قضاها سلفه الدكتور عاطف صدقي على رأس الحكومة. وشهدت حقبة حكومة صدقي إجراءات وقرارات مثلت ضغوطاً على أصحاب الدخل القليل، خصوصاً الضرائب والرسوم على الخدمات. لكن مبارك أكد مراراً أن وزارة صدقي أدت ما عليها ونجحت في تطبيق سياسة الاصلاح الاقتصادي من دون حدوث آثار سلبية بالغة. وأثارت أجواء التغيير المنتظر في مصر الحديث عن بقاء وزراء منذ عهد الرئيس الراحل أنور السادات في مواقعهم. وبين هؤلاء وزير النقل والمواصلات المهندس سليمان متولي الذي كان وزيراً لمجلسي الشعب والشورى عام 1977 ثم تولى حقيبة النقل والمواصلات في العام التالي. وهو لا يزال في المنصب نفسه حتى اليوم. كما أن وزير الكهرباء ماهر أباظة يحتل منصبه منذ 1979. أما وزير الإعلام السيد صفوت الشريف فتولى منصبه خلفاً للسيد منصور حسن الذي استقال في 1981. وعين رئيس الوزراء وزير الزراعة الحالي الدكتور يوسف والي في منصبه منذ 1982، في حين تولى الجنزوري أول منصب وزاري له في 1985 وزيراً للتخطيط وظل في المنصب حتى ترأس الوزارة في 1996. واستغرب مبارك مراراً مطالب المعارضة بتغيير الوزراء القدامى، مؤكداً أنه لا يقوم بالتغيير من أجل التغيير فقط، وأن من المهم الافادة من الخبرات التي يكتسبها الوزراء ما داموا يؤدون عملهم على الوجه الأكمل. لكن المعارضة ترى أن تغيير الأشخاص "يعني ضخ دماء جديدة في الحكومة، الأمر الذي ينعكس على السياسات". وتعد الوزارة المتوقع تشكيلها عقب الاستفتاء، الحادية عشرة منذ تولي مبارك الحكم. ورأس مبارك الوزارة في بداية حكمه في 14 تشرين الأول اكتوبر 1981، وحتى الثالث من كانون الثاني يناير 1982. وتلا ذلك تعيين الدكتور فؤاد محيي الدين رئيساً للوزراء حتى 31 آب اغسطس 1982. وأعيد تكليفه مرة ثانية واستمر على رأس الوزارة حتى وفاته في 15 آيار مايو 1994. وتولى بعده الفريق كمال حسن علي رئاسة الوزارة، وكان العسكري الوحيد الذي رأس الوزارة في عهد مبارك منذ 5 آيار مايو 1984 وحتى 16 تموز يوليو 1984. وأعيد تكليفه ثانية في 4 أيلول سبتمبر 1985 عندما خلفه الدكتور علي لطفي حتى 9 تشرين الثاني نوفمبر 1986، ثم الدكتور عاطف صدقي الذي استمر على رأس الوزارة في ثلاث تشكيلات كانت الثانية منها في 12 تشرين الأول اكتوبر 1987، والثالثة في 14 تشرين الأول أكتوبر 1993. وعين الجنزوري رئيساً للوزراء في كانون الثاني يناير 1996 وفي العام التالي أجرى تعديلاً محدوداً على وزارته. وأمضى صدقي أطول فترة في رئاسة الوزراء في تاريخ مصر الحديث، رأس ثلاث تشكيلات وزارية لمدة تسع سنوات. وعلى رغم أن وزارة صدقي تعتبر أطول وزارة في تاريخ مصر السياسي الحديث الذي يبدأ بصدور دستور عام 1923، إلا أن الوزارة التي رأسها مصطفى باشا فهمي في عهد الخديو عباس حلمي الثاني لمدة 13 عاماً متتالية تعتبر الأطول منذ تشكيل أول وزارة في مصر، وكانت تسمى "نظارة" حتى 12 كانون الأول ديسمبر 1914. فقد استمرت من 12 تشرين الثاني نوفمبر 1895 وحتى 11 تشرين الثاني نوفمبر 1908. كما يعتبر مصطفى باشا النحاس الوحيد في مصر الذي تولى رئاسة الوزارة سبع مرات، ولكن ليست متتالية، في الفترة ما بين 1927 الى 1950. وكانت أقصر الوزارات عمراً تلك التي رأسها نجيب باشا الهلالي لمدة 18 ساعة فقط، وأقالها مجلس قيادة ثورة 23 تموز يوليو 1952. وتليها من حيث قصر العمر الوزارة التي رأسها الدكتور محمود فوزي في بداية عهد السادات واستمرت شهراً واحداً من 17 تشرين الأول اكتوبر الى 18 تشرين الثاني نوفمبر عام 1970. وكان الدكتور فوزي أول رئيس وزراء مدني منذ ثورة 1952 باستثناء الوزارة الانتقالية التي تولاها علي ماهر في مستهل الثورة. وبلغت الوزارات التي شكلت منذ عهد نوبار باشا وحتى ثورة يوليو 69 وزارة خلال 74 عاماً أي بمعدل وزارة واحدة كل عام تقريباً. ومنذ قيام الثورة في 1952 وحتى عام 1981 شكلت 31 وزارة منها 13 خلال فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وكان عدد الذين تولوا مناصب وزارية إبان حكمه 131 وزيراً وكانت السمة المميزة لهذه الفترة أن كل رؤساء الوزارات من العسكريين. وكانت نسبة الوزراء العسكريين خلال حكم عبدالناصر حوالي 6،23 في المئة ومتوسط عمر الوزارة حوالي 13 شهراً، ورأس عبدالناصر الوزارة 6 مرات آخرها في 2 آذار مارس 1968 وحتى وفاته في 28 أيلول سبتمبر 1970. وفي عهد الرئيس الراحل أنور السادات تشكلت 18 وزارة بلغ عدد الوزراء الذين شاركوا فيها 133 وزيراً، كانت نسبة الوزراء العسكريين 30 في المئة، ومتوسط عمر الوزارة حوالي 5،7 أشهر. ورأس السادات الوزارة ثلاث مرات وخلال عهده رأس ضابط شرطة الوزارة للمرة الأولى وهو ممدوح سالم. وإذا كان وزير المواصلات متولي هو أقدم وزير في مصر حالياً فإن وزير الداخلية السيد حبيب العادلي يعد أحدث وزير. إذ تولى منصبه في تشرين الثاني نوفمبر العام 1997 خلفاً للسيد حسن الألفي الذي أعفي من منصبه إثر حادثة الأقصر. وظلت وزارة الداخلية أكثر الوزارات تغييرا في عهد مبارك الذي أعفى عقب توليه السلطة الوزير محمد النبوي اسماعيل وعين السيد حسن أبو باشا خلفاً له، لكن الأخير لم يبق في المنصب سوى ثلاث سنوات فقط، وحل محله السيد أحمد رشدي الذي اطيح به عقب أحداث الأمن المركزي في شباط فبراير 1986 حيث عين السيد زكي بدر في المنصب. لكن مبارك اضطر الى اعفائه العام 1989 عقب قيام صحيفة "الشعب" التي يصدرها حزب العمل المعارض بنشر نص خطاب القاه في مؤتمر شعبي في محافظة القليوبية تضمن الفاظاً جارحة في حق رموز المعارضة. وعين السيد محمد عبدالحليم موسى في المنصب لكن إقدامه في العام 1993 على عقد صلح مع الجماعات الدينية تسبب في تغييره وتعيين الألفي مكانه.