ساد انطباع قوي، امس، مع انتهاء الدورة 112 لمجلس الجامعة العربية، ان الاجواء الايجابية التي انعقدت فيها الدورة برئاسة العراق مهّدت الطريق لعقد قمة عربية شاملة يحضرها العراق. وهذا ما أشار اليه الامين العام للجامعة الدكتور عصمت عبدالمجيد، منوهاً بأن الدورة لم تشهد اي خلافات ثنائية، ومؤكداً ان "دولة واحدة لم تتحفظ او تعترض على المطالبة برفع الحصار عن الشعب العراقي". وتوقعت مصادر عربية رفيعة المستوى ان يبدأ الرئيس حسني مبارك تحركاً عربياً واسعاً بصفته رئيس القمة العربية السابقة للاتفاق على موعد القمة المرتقبة وجدول أعمالها. وقالت المصادر، التي رفضت كشف هويتها، إن هذا التحرك سيشمل جولة عربية يقوم بها الرئيس المصري بعد الاستفتاء على ولايته الرابعة في 26 ايلول سبتمبر الجاري. وختم وزراء الخارجية العرب اجتماعاتهم امس باتفاق لا سابق له طوال العقد الجاري على كل القرارات والملفات التي تم تداولها، وأكدوا جميعاً ان اجواءً ايجابية ظللت الاجتماعات، غير ان مراقبين عزوا الفضل في ذلك النجاح الى التفاهم الخليجي - العراقي الذي جنب الدورة الخوض في الملف العراقي الشائك. وواصل وزير الخارجية العراقي محمد سعيد الصحاف الذي رأست بلاده الدورة للمرة الاولى منذ حرب الخليج الثانية، اطلاق الإشارات الايجابية متفادياً اي انتقاد لأي من الاطراف العربية وملتزماً التعاطي كرئيس لمجلس الجامعة وليس كوزير عراقي، الا ان ذلك لم يحل دون رفضه الاعتذار عن غزو بلاده الكويت في 1990 كخطوة على طريق المصالحة العربية. وقال الصحاف في مؤتمر صحافي عقده مع الامين العام للجامعة إن علاقات بلاده بالسعودية "تتحسن"، مشيراً الى "زيادة" في حجم المبادلات التجارية بين الدولتين في اطار برنامج "النفط مقابل الغذاء". واقترح فتح حوار مباشر مع دول الخليج تحت مظلة الجامعة "لحل كل الخلافات، حوار تسوده الصراحة والموضوعية. فيعترف من اخطأ بما ارتكبه من اخطاء" بدلاً من الاعتذار العراقي المسبق الذي رفضه معتبراً انه "لا يساهم في حل المشكلات". غير أن وزيراً عربياً ابلغ "الحياة" ان الصحاف قال في الجلسة المغلقة "الاعتذار يأتي في الوقت المناسب وليس في العلن"، مؤكداً ان الوزير العراقي ألحّ على فكرة "الحوار المباشر" مع دول الخليج، ولم يطرح مسألة رفع الحصار عن بلاده مكتفياً بالقول: "من يريد المبادرة بطرح ذلك الموضوع رفع الحصار فليتفضل". ويبدو ان التفاهم الخليجي - العراقي الذي رعته مصر والجامعة العربية ومهدتا له قبل بدء اعمال الدورة بوقت طويل أثمر رضا في الجانبين، فقد وصف وزير الدولة الكويتي سليمان ماجد الشاهين ما تم في الاجتماعات بأنه "بداية مشجعة جداً". وقال في تصريحات صحافية "أي من اعضاء المجلس لم يطلب تعديلات على جدول الاعمال او إدراج اي بند يثير خلافات من اي جانب". كما اعرب وزير الدولة العماني للشؤون الخارجية يوسف بن علوي بن عبدالله عن ارتياحه الى سير الاجتماعات، وقال في مؤتمر صحافي عقده مع وزير الخارجية المصري عمرو موسى امس ان "الاجتماعات تعاملت مع المشكلات العربية بموضوعية، واعتقد ان ثمة اقتناعاً لدى الدول العربية بأن الوقت حان للتفكير في آليات جديدة ولإحياء مسارات جديدة للعمل العربي المشترك. ربما يعاد على اساسها النشاط مرة اخرى الى مؤسسات الجامعة وفي المقدمة التحضير الجيد لعقد قمة عربية شاملة في المستقبل". ورحب الصحاف بذلك واصفاً تلك التصريحات بأنها "ايجابية"، ومشيراً الى ان بلاده "ستبني تصرفاتها على هذه المواقف لحل المشكلات العالقة". واذ رفض الدعوة التي وجهتها الجامعة الى العراق لتقديم "تنازلات محسوبة" الا انه كشف عن تغيير في موقف بلاده من اللجنة السباعية المكلفة العمل على رفع الحظر عن العراق بالتعاون مع مجلس الامن حين وصف هدفها ب"النبيل" واستبدل بالرفض المطلق لها ب"تأجيل عملها حتى تتم تصفية النفوس".