بدأ زوار دمشق يلمسون مدى الإرتياح السوري إلى التواصل القائم بين رئيس الجمهورية اللبنانية إميل لحود ورئىس الحكومة السابق رفيق الحريري، والذي يفترض أن يسري لاحقاً على علاقة الأول برئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي يحرص منذ مدة على تحييد العهد من انتقاداته الموجهة الى أداء الحكومة. وأكد الزوار ان لتطور العلاقة بين نجل الرئيس السوري العقيد الركن الدكتور بشّار الأسد والحريري أثراً إيجابياً في تحضير المناخ الإيجابي المؤاتي الذي أسهم في تجاوز أزمة خيّمت بعض الوقت على علاقة رئيس الجمهورية بالحريري من جهة، وفي تخطي التعاطي الحذر الذي كان يشوبها حتى في المرحلة الأولى من معاودة الإتصالات، من جهة ثانية. ولفتوا إلى أن العقيد الأسد الذي يتولى شخصياً متابعة ملف العلاقات اللبنانية - السورية أدى دوراً في تنقية الأجواء بين لحود والحريري. وشددوا على أهمية الملاحقة السورية الدؤوبة للعلاقة بين رئيس الجمهورية والحريري وجنبلاط وآخرين. وقالوا "ان الجميع يبدون رغبة في طي صفحة الماضي لمصلحة التعاون بصرف النظر عن المواقع السياسية التي يشغلونها"، مشيرين الى "ان بعض المتضررين كانوا يراهنون على ان علاقة رئيس الحكومة السابق بنجل الرئىس السوري لن تبلغ بر الأمان وبالسرعة التي تحققت". وأكدوا ان العلاقة السياسية بين العقيد الأسد والحريري "بدأت منذ شهور عدة، بعدما أسند الى الأول الإشراف على ملف العلاقات اللبنانية - السورية"، واعتبروا "ان الرعاية السورية للعلاقات اللبنانية - اللبنانية بدأت تعطي ثمارها، وانعكس ذلك انفراجاً، وهذا ما أحسسنا به انطلاقاً من حاجة الساحة اللبنانية الى التهدئة والحوار اساساً لتبادل الرأي في القضايا الداخلية، ما دام لا خلاف على الموقف من الأوضاع الإقليمية، وفي مقدمها سياسة لبنان من العملية السلمية القائمة على التلازم بين المسارين اللبناني والسوري". ورأى الزوار "ان غياب الحوار كان وراء سيطرة التوتر على تعاطي الأفرقاء مع الأمور الداخلية، وهذا ما أزعج المسؤولين السوريين الذين تدخلوا على قاعدة حرصهم الشديد على توفير كل الشروط التي تؤمّن نجاح العهد، في مقابل تمسكهم بالحلفاء والأصدقاء وقد سمع الجميع منهم كلاماً يدعم التوجه السوري في هذا المجال". وكشفوا أنهم "كانوا يشعرون من خلال لقاءاتهم المسؤولين السوريين، أن قضية تطبيع العلاقة بين لحود ومن يعتبرون على خانة الحلفاء والأصدقاء، هو الشغل الشاغل لدمشق". وقالوا "ان الحديث عن هذا الموضوع اخذ يتراجع، اعتقاداً منهم ان الجميع أبدوا تجاوباً". وأوضح الزوار "ان التشجيع السوري على ضرورة الحوار لم يدخل في كل ما يتردد على الساحة المحلية من احتمالات حصول تغيير او تبديل حكومي، يستبعده اركان الحكم". وتابعوا "ان الدور السوري يركز على توفير المناخ السياسي للحوار، وأن ما يهم دمشق في الدرجة الأولى إقناع الجميع بالإنفتاح بعضهم على بعض بدلاً من استمرار التراشق الإعلامي، وقد نجحت في إعادة قطار الحوار إلى السكة خصوصاً أن المجيء بحكومة معظم وجوهها من غير السياسيين، لا يعني ان القيادة السورية تشجع احداً على خوض معركة إلغاء الآخر، بمقدار ما انها تدعم وجهة نظر الحكم في هذا الشأن ريثما يعاد تقويم التجربة، في مقابل مبادرة الجميع بمراجعة حساباتهم بدقة بعيداً من المكابرة التي لا تنسجم مع الواقع الراهن". لكن الموقف السوري، بحسب الزوار، "اخذ يتفهم الملاحظات على أداء الحكومة، وهي ملاحظات لم تكن ظالمة في غالب الأحيان خصوصاً بعد انقضاء نحو عشرة أشهر على تأليفها، وهي مدة كافية في عمر الحكومات في لبنان للحكم عليها بتجرّد، يتبين من خلاله الأماكن التي اصابت فيها او أخطأت".