في ظل غياب المعلومات الرسمية عن دوافع الزيارة التي قام بها نجل الرئيس السوري العقيد الركن الدكتور بشار الأسد لرئيس الجمهورية إميل لحود والمواضيع التي ناقشاها في حضور رئيس جهاز الامن والاستطلاع في القوات السورية العاملة في لبنان اللواء الركن غازي كنعان، ثمة من يعتقد انها لم تقتصر على البحث في التطورات الاقليمية ومصير العملية السلمية، بل تناولت عدداً من الامور الداخلية. ومن باب التحليل يقول قطب سياسي ان للزيارة علاقة مباشرة بالدعوة السورية الى ترميم العلاقات الداخلية خصوصاً بين الحكم والمعارضة في وقت بدأ لبنان يمر في مرحلة سياسية دقيقة ومعقدة ناجمة عن تقلب المواقف من تفاؤل الى تشاؤم حيال استئناف المفاوضات لتعويم العملية السلمية. ويؤكد القطب ان الهم السوري "وإن كانت تطغى عليه في الوقت الحاضر مواكبة التطورات المترتبة على مستقبل العملية السلمية، لا يبدي ارتياحاً الى استمرار لعبة شد الحبال على الساحة اللبنانية"، مشيراً الى ان "الدعوة السورية الى ترتيب اوضاع البيت اللبناني تنطلق من الحرص على دعم رئيس الجمهورية من ناحية وعلى تشجيع الحوار من ناحية ثانية خصوصاً ان اللقاءات التي تعقد على هذا الصعيد جاءت نتيجة التدخل السوري". ويضيف ان "الدعم السوري للرئيس لحود تجلى في اطلاق يده في الملف الداخلي سبعة اشهر وان دمشق لم تأخذ على عجل بالملاحظات التي ينقلها اليها عدد من الحلفاء بذريعة ان لا بد من ان يعطى العهد الجديد الفرصة الكافية وعدم التسرع في اطلاق الاحكام على افعاله". ويرى القطب ان "المسؤولين السوريين، بانقضاء فترة السماح، يستمعون الى الملاحظات التي يبديها عدد من الحلفاء المعارضين ويدققون فيها، ويطلقون الاشارة تلو الاخرى نحو اركان الدولة للتغلب على الاخطاء وتصويب اداء الحكومة". وينطلق المسؤولون السوريون بحسب القطب، في توجيه النصح من "ضرورة ابقاء التواصل سواء كان بين الحكم وبعض الرموز المشاركة في الحكومة، او بينه وبين المعارضة، ظناً منهم ان انقطاع الحوار يزيد في تأزم الوضع". ويرى ان "الحرص السوري على توفير شروط النجاح للعهد يدفع بدمشق الى فك الاشتباك منعاً للدخول في صدام سياسي وهذا ما يفسر مبادرتها بإعادة وصل ما انقطع بين لحود من ناحية ورئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط من ناحية ثانية. وفي هذا السياق، يؤكد القطب السياسي "اهمية التواصل، خوفاً من ان تؤدي التراكمات السياسية الى القطيعة بصرف النظر عن احتمال حصول تعديل وزاري او استبعاده، لأن القطيعة تعني ان الحكم وبعض الاطراف سيدخلون في نزاع سياسي وان المعارضة ستضطر الى خوض المعركة لضمان عدم شطبها من المعادلة السياسية او الغائها في شكل تدريجي. والتواصل الطارئ بين لحود والحريري وجنبلاط لم يكن الا من باب رفع العتب، استجابة للرغبة السورية بدلاً من ان يسلك طريقه الطبيعية ويعبر عن اقتناع بجدوى الحوار والانفتاح، وهذا ما يفسر عودة التأزم في نهاية كل اجتماع بدلاً من ان يسهم في تحقيق الانفراج". وتنصح دمشق الجميع بضرورة التقرب من لحود ظناً منها، والقول للقطب، ان ذلك يسهم في تنقية الاجواء خصوصاً انه قادر على استيعاب الجميع من خلال استقبالهم استجابة لرغبتهم" مؤكداً ان "ما قيل في جلسات مناقشة الموازنة لم ينطلق من فراغ بمقدار ما يؤسس لمرحلة جديدة من التعاطي السياسي". وتأمل دمشق من الدعوة الى الحوار "بتوفير المناخ الذي يتيح لسيد العهد استيعاب الجميع والاستماع الى وجهات نظرهم خصوصاً ان الظروف التي يمر فيها البلد تحتاج الى رحابة صدر ولئلا يشعر اي طرف انه مستهدف لإقصائه عن المعادلة السياسية".