في أول ردة فعل سورية ايجابية على زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط لرئيس الجمهورية اميل لحود، نقل أمس زوار دمشق عن لسان مسؤولين سوريين ارتياحهم للأجواء التي سادت اللقاء واصفين اياه بأنه يأتي "في اطار تشجيعهم الدائم على الحوار خصوصاً وأن التهدئة السياسية مطلوبة للحفاظ على الاستقرار العام في لبنان لمواجهة الرياح الإقليمية التي قد تكون عاصفة في ظل الجمود المسيطر على العملية السلمية بسبب استمرار التعنت الإسرائيلي. وأكد الزوار ل"الحياة" أن دمشق تعطي الأولوية لإطلاق الحوار على مصراعيه بين اللبنانيين لا سيما بين العهد والمعارضة بهدف اعادة ترتيب البيت اللبناني على نحو يحول دون تعرضه للانتكاسة في حال تمادت اسرائيل في الضغط على لبنان لدفعه الى تبديل موقفه من العملية السلمية وهو أمر يصعب عليها تحقيقه. ولفت الزوار الى أن أهمية الدعم السوري للحوار ينطلق من رغبة القيادة السورية في منع العلاقات السياسية من أن تبلغ مرحلة اللاعودة، وهذا الهدف المنشود من بدء الحوار الجاري بين العهد وجنبلاط الذي لا بد من أن يؤسس لمناخ جديد يسهم في توطيد العلاقة السياسية. وأكدوا أن الدعوة السورية للحوار لا تتعلق بطرف من دون الآخر، وإنما تعتقد دمشق أن لا بد من تحضير الأجواء من أجل توسيع رقعة المشاركين فيه. ولاحظوا مدى الدعم السوري للعهد وتوقفوا أمام الإشادة السورية بمواقف الرئيس لحود الوطنية الثابتة. وأشاروا الى أن الخلاف في الماضي بين لحود وجنبلاط لم يدخل في التشكيك بمواقفهما الوطنية، وقالوا أن الأخير وان كانت لديه من ملاحظات تتعلق بأداء الحكومة وممارسة عدد من الوزراء. فأنه لن ينفك عن امتداح رئيس الجمهورية لمواقفه من العلاقة اللبنانية - السورية واصراره على التلازم بين المسارين. ونقل الزوار أيضاً عن المسؤولين السوريين أن الأمر لا يخلو من توجيه ملاحظات وانتقادات بين الذين يتعاطون في الشأن السياسي العام، وإنما يبقى عند حدود اللعبة الداخلية من دون تجاوزها الى الثوابت الوطنية. وأكدوا مدى الحرص السوري على الجميع أكانوا في الحكم أو في المعارضة، باعتبار أن لهؤلاء دور في أي موقع كانوا، "ونحن من جانبنا نسعى الى توفير الأجواء التي تسمح ببقاء المعنيين على تواصل ونرفض أن يكون لدمشق علاقة مع طرف معين على حساب الطرف الآخر". وشددوا على أن المرحلة الراهنة في لبنان تستدعي استيعاب الجميع ولن نسمح لهذا أو ذاك بأن يتناول الآخر بالمعنى السلبي للكلمة وكنا أول من سارع الى قطع الطريق على من حاول في السابق أو يحاول اليوم توظيف علاقته بدمشق للاستقواء على الآخرين، خصوصاً وأن هؤلاء جميعاً هم حلفاء لنا. وتوقف الزوار أمام الحديث الإيجابي للمسؤولين السوريين عن علاقتهم برئيس الحكومة السابق رفيق الحريري وبدوره، وقالوا ان الحوار بين العهد والمعارضة هو أمر ضروري "ونحن نعتقد أن الأجواء الراهنة مؤاتية لذلك ولا نظن أن دعوتنا للحوار ستصطدم بمشكلة وهذا ما لمسناه من خلال تشجيعنا للقاء لحود - جنبلاط الذي خلق مناخاً جديداً في الساحة المحلية لا بد من الإفادة منه، بغية توسيع رقعة الحوار". وبالنسبة الى موقف دمشق من قانون الانتخاب قال الزوار أن المسؤولين السوريين ينصحون بضرورة التوافق على قانون يمكن أن يرضي الأغلبية الساحقة من اللبنانيين وبأن دورهم يقتصر على الاستماع الى وجهات نظر الأطراف من القانون الجديد ويؤكدون بأن الرئيس لحود يشدد على عدالة التقسيم الانتخابي كأساس لتحقيق المساواة ولا يحبّذ حتى الساعة ابداء رأيه بالتفصيل رغبة منه في افساح المجال أمام التوافق لئلا يقال بأنه يحاول التأثير. وفهم من فحوى الكلام السوري استناداً الى مداولاتهم مع الأطراف، أن الغلبة تؤيد اقرار قانون انتخاب يقوم على تقسيم الدوائر الى دوائر وسطى باستثناء العقدة التي لا تزال ماثلة في تقسيم بيروت نظراً لوجود معارضة للتقسيم تتجلى في موقف ثلاثة أطراف رئيسية هم رئيس الحكومة سليم الحص وسلفه الحريري ورئيس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت النائب تمام سلام. كما تأكد بأن تقسيم المحافظات الى دوائر وسطى أصبح أمراً مفروغ منه، بما في ذلك الجنوب الذي سيقسم الى دائرتين على أن تجرى الانتخابات بصورة استثنائية على أساس الدائرة الواحدة الى حين زوال الاحتلال الإسرائيلي. وفي هذا السياق شدد الحص على أن التفاهم على تقسيم الدوائر يستعجل صوغ قانون الانتخاب الذي يجب أن يحظى بتوافق لبناني - لبناني. ورداً على سؤال حول تقسيم بيروت قال الحص أن تقسيم العاصمة يعتبر استثناءً من وجهة نظرنا، لا علاقة له بالمساواة. وعزا السبب الى أن بيروت لا تعتبر العاصمة وحسب وإنما لا تضم أقضية أسوة بالمحافظات الأخرى بل تتألف من أحياء، على خلاف المناطق الأخرى التي تحاول أن تضم أكثر من قضاء في دائرة واحدة. وختاماً قال أن رأيه واضح برفض تقسيم بيروت لكن لا بد من انتظار الموقف النهائي.