فرضت التحديات والمنافسات في قطاع النقل البحري ضرورات لتطوير الموانئ العربية بما يضمن لها البقاء في المنافسة والعمل بكفاءة عالية، خصوصاً، وسط التطور الواضح في اسطول النقل البحري العربي الذي بلغ إجمالى حمولته في 13 كانون الأول ديسمبر عام 1996 نحو 14.7 مليون طن وزني تقريباًَ بينها 3.6 مليون طن سفن بضائع عامة تقليدية أي ما يشكل نحو 24.4 في المئة من الاجمالي بينما تشكل سفن الحاويات 452 ألف طن وزني اي نحو ثلاثة في المئة من الاجمالي. وتعتبر سفن ناقلات النفط أكبر جزء من اجمالي الاسطول العربي إذ تصل الى 6.9 مليون طن وزني بنسبة 74 في المئة من إجمالي الاسطول العربي. وفي دراسة أعدها المستشار في الاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري رئيس الجمعية البحرية المصرية الدكتور أحمد عبدالمنصف، وحصلت عليها "الحياة" وحملت عنوان "المنافسة والتعاون في الخدمات البحرية على المستوى الدولي وأثرها على الدول العربية عموماً ودول الخليج خصوصاً" يقول إن الموانئ تطورت كثيراً لجهة التجهيزات الحديثة لتداول البضائع والتخزين واكتمال بنية الموانئ الاساسية. ففي عام 1998 بدأ ميناء صلالة في استقبال سفن الحاويات التابعة لشركتي ميرسك لايمدوس لاند وخلال السنة الجارية تفتتح محطة حاويات عدن الجديدة التي تشارك فيها إدارة ميناء سنغافورة، وهذان الميناءان سينافسان ميناء دبي في تجارة إعادة الشحن وفي الوقت نفسه سينافس ميناء عدن ميناء جدة كميناء محوري لإعادة الشحن. وشهدت موانئ الخليج تطورات إيجابية، إذ تقول الدراسة إن ميناءي "خالد" "خورفاكان" في إمارة الشارقة، زادت فيهما حركة تداول الحاويات التي بلغت في خورفاكان عام 1997 نحو 750817 حاوية مكافئة بزيادة 15 في المئة عن العام السابق، وبالقرب من خورفاكان يقع ميناء الفجيرة الذي تداول نحو 550 ألف حاوية مكافئة في العام نفسه. وفي البحرين يطور ميناء سليمان إمكاناته للاستفادة من ترسانة الاصلاح "أزري"، أما ميناء الدمام في السعودية فيتداول به 370 ألف حاوية مكافئة اعتباراً من عام 9981. ويخدم ميناءا الدمام والملك عبدالعزيز بمفهومهما الاستراتيجي الجانب الشرقي للمملكة السعودية فهما الممر الرئيسي الى الرياض بالنسبة الى البضائع الواردة من الشرق الأقصى، ويتردد على ميناء الدمام سفن شركتي الملاحة العربية المتحدة والملاحة الوطنية العربية السعودية. وفي الكويت يقوم ميناء الشويخ بمشروع ليصبح ميناءً محورياً تتبعه منطقة حرة، وفي منطقة الخليج تعتبر شركة "إكس برس" الشركة الرئيسية لخدمات الروافد والتي تُسيِرْ شبكة تربط كل موانئ المنطقة، ويعتبر كل من جبل علي وكولومبو وسنغافورة من الموانئ المحورية فيها. وتبين الدراسة أن هناك منافسة قد تشتعل في المنطقة بين الموانئ التي تعد نفسها لتصبح محورية ومنها في منطقة الخليج موانئ صلالة ودبي الفجيرة وخورفاكان وخالد وزايد وسليمان والدمام والشويخ وأم القصر وبندر خميني وبندر عباس، وكلها موانئ محورية وفي منطقة البحر الأحمر "شرق افريقيا" هناك الموانئ المتنافسة التالية: ميناء عدن ومومباسا والعقبة وإيلات وميناء العين السخنة تحت الإنشاء وفي منطقة شرق البحر المتوسط توجد الموانئ المتنافسة دمياط وبورسعيد وشرق التفريعة تحت الإنشاء والاسكندرية وبيروت وليماسول وحيفا واشدود واللاذقية وطرابلس ومالطا وجيوباتاورو في وسط البحر المتوسط. ويرى عبد المنصف في دراسته أن المنافسة بين الموانئ المحورية في منطقة واحدة قد تؤدي الى زيادة الكفاءة والى خفض الكلفة والرسوم بما يعود على الشاحنين بالفائدة إلا أن المنافسة على إطلاقها تؤدي الى استثمار غير مرشد، كما أن زيادة عدد هذه الموانئ في المنطقة سيكون في صالح الشركات الملاحية التي ستضغط من دون رحمة من أجل خفض الرسوم وزيادة كفاءة التشغيل. واعتبر أنه ينبغي أن توضع قواعد للسلوك بين الموانئ لتلافي المنافسة الضارة كما قد تظهر في المستقبل دواع للتحالف بين ميناءين أو أكثر في المنطقة في نواح معينة من أنشطة الموانئ، وفي الاستثمارات وإنشاء واستخدام البنية التحتية لخدمة منطقة الظهير المشتركة وقيام مراكز توزيع للمنطقة ككل وقيام خدمات نقل متعددة الوسائط وفي تبادل الاحصاءات والمعلومات ومكافحة التلوث البحري. ورصدت الدراسة أيضاً الأوضاع الحالية والمستقبلية للنقل البحري العربي ودوره في خدمة التجارة في بعض البلدان العربية وأكدت أنه تبعاً لعلم التسجيل في أول حزيران يونيو 1998 فإن الجزائر تمتلك 62 سفينة حمولتها 948.094 طن وزني، وتمتلك مصر 104 سفينة حمولتها 1.860.414 طن وزني، والعراق 33 سفينة حمولتها 1.516.69 طن وزني، والكويت 46 سفينة حمولتها 3.941.42 طن وزني، ولبنان 52 سفينة حمولتها 287.270 ألف طن وزني، والمغرب 44 سفينة حمولتها 257.987 ألف طن وزني، والسعودية 68 سفينة حمولتها 1.462.109 طن وزني، والإمارات العربية 39 حمولتها 1.114.978 طن وزن، وذلك وفق إحصاء رسمي عام 96. وقال عبدالمنصف في دراسته إن أعمار السفن العربية تراوح بين 18 عاماً و30 عاماً وهو ما يدل على أن الاسطول العربي يستخدم سفناً قديمة تقليدية لا تتناسب مع الثورة العالمية في تكنولوجيا النقل البحري، كما يرى أن غالبية الشركات الملاحية العربية تمتلك أساطيل قليلة العدد بحمولات إجمالية ضئيلة لكل شركة ورؤوس أموال هذه الشركات هزيلة ما يجعل من المستحيل تحديث الأسطول وإحراز تميز تنافسي، والاستثناء، لذلك يتركز في شركات قليلة تعتبر الأمل الوحيد لبعث النشاط البحري العربي ولذلك من الضروري النظر في اندماج الشركات الملاحية العربية في كيانات كبرى في التجارة البحرية. ويوضح أن الشركة العربية المتحدة للنقل البحري تعتبر الشركة العربية الخليجية التي استطاعت مسايرة التطور العالمي وتمتلك اسطولاً كاملاً، كما استطاعت أن تدخل في تحالفات عالمية فهي تعتبر في قائمة أكبر عشرة اساطيل بحرية للحاويات في العالم، وتعاقدت على بناء عشر سفن حاويات حمولة الواحدة 3800 حاوية مكافئة لعشرين قدماً ودخلت في تحالف مع إحدى الشركات الكورية وتسلمت هذه السفن تباعاً خلال عام 1998. وتزيد طاقة الشركة العربية المتحدة للنقل البحري على 80 ألف حاوية مكافئة. كما بدأت الشركة الوطنية للملاحة السعودية مشروعها لبناء سفن حديثة يستمر حتى سنة 2002، وتصل طاقتها الى 13.200 الف حاوية مكافئة، كما تمتلك شركة "فيلا" السعودية أكبر اسطول ناقلات في العالم يبلغ 7.5 مليون طن وزني وشركة الكويت لناقلات البترول التي تمتلك 29 ناقلة حمولتها 3.5 مليون طن وزني. ويتضمن النشاط البحري في الوطن العربي صناعة بناء وإصلاح السفن إذ تتميز منطقة الخليج العربي كما ذكرت الدراسة بنشاط عالمي لإصلاح السفن وعلى الأخص ناقلات النفط. وعلى رغم المنافسة الغربية وتدني اسعار الإصلاح فإن الترسانات الغربية الكبرى، نجحت في الحصول على نصيب مؤثر في سوق الإصلاح خصوصاً بالنسبة للترسانة الآسيوية. وتعتبر أحواض ترسانتي إصلاح السفن "أزري" في البحرينودبي في الامارات من أكبر أحواض بناء السفن في الخليج وكلاهما نجح في توفير الانتاجية والكفاءة العالية مقارنة بالمستويات العالمية، وهما تخصصتا في إصلاح ناقلات النفط العملاقة، إضافة إلى ترسانة اصلاح وبناء السفن الكويتية والتي لديها حوض عائم يستقبل سفناً حتى حمولة 35 ألف طن وزني. وتوجد كذلك ترسانة الملك فهد للاصلاح ولديها حوضان عائمان بطاقة تصل الى 45 ألف طن وزني في الدمام. وبدأت ترسانة دبي في الامارات في بناء لنشات القَطر اللازمة لخدمة الميناء.