تعتبر المرافئ السورية بوابة عبور الى منطقة الخليج العربي والدول العربية المجاورة ما يعطيها ميزة اضافية في مجال نقل الترانزيت، غير ان الطاقات المرفئية المقدرة بأكثر من 20 مليون طن في مرفأي طرطوس واللاذقية لاتعمل حالياً بأكثر من 60 في المئة من طاقاتها المتاحة. ويرى بعض العاملين في مجال النقل البحري انه "على الرغم من كون مرفأ طرطوس احد اضخم المرافئ على المتوسط لجهة عدد الارصفة والطاقة واتساع الساحات والمستودعات، فان مشاكل عدة تحدّ من قيامه بدور فعال، تبدأ بقلة الامكانات الآلية من روافع وحاضنات وناقلات وتنتهي بعدم توافر العنصر البشري الخبير". ويعزو البعض الآخر هذه المشاكل الى القانون المعمول به الذي يعود الى عام 1950، وقال احد الخبراء: "النظام البحري المعمول به لم تتغير فيه سوى مواد ليست بالاهمية في شيء، والشركات الاجنبية تهرب من مرفئنا لارتفاع الغرامات التي تدفعها سفنها نتيجة تأخر تفريغها وقلة الخدمات المقدمة اليها والتعقيدات التي تمارس مع معاملاتها". وتدل المؤشرات الاحصائية الى تراجع عدد السفن في مرفأ طرطوس من 1674 عام 1993 الى 1316 عام 1997 بمعدل انخفاض يساوي 21 في المئة تقريبا، في حين ازدادت الكميات المحمولة على هذه السفن من 3.488 مليون طن عام 1993 الى 5.108 مليون طن عام 1997 بزيادة قدرها حوالى 46 في المئة. اما في مرفأ اللاذقية فكان عدد السفن عام 1993حوالى 1240 سفينة وتراجع العدد الى 1152 عام 1997 بانخفاض قدره سبعة في المئة تقريبا وكانت الحمولات عام 1993 حوالي 2832 الف طن وفي عام 1997 ارتفعت الى 2956 الف طن بنسبة واحد في المئة تقريباً. وتبلغ مساحة الايداع المكشوفة في مرفأ اللاذقية 400 الف متر مربع وساحة مستودعات التخزين تبلغ 120 الف متر مربع، اضافة الى وجود مستودع مبرد للمواد السريعة العطب بمساحة 2600 متر مربع وصوامع حبوب بطاقة تخزينية تصل الى 40 الف طن مع وجود 12 وحدة شفط للحبوب من السفن الى السيارات ومن ثم الى صوامع الحبوب وبالعكس. وفي مرفأ طرطوس هناك 790 متراً مربعاً ساحات معبدة ومستودعات بمساحة 15 الف متر مربع ومستودع بثلاثة طوابق بمساحة 11 الف متر مربع وثمانية مستودعات للتخزين الطويل الامد وصومعة حبوب بطاقة 100 الف طن. ويضم الاسطول التجاري السوري سفينتين قديمتين تابعتين للقطاع العام لا تزيد حمولتهما عن سبعة الاف طن، ويملك القطاع المشترك سفينتين تديرهما "الشركة السورية - الاردنية للملاحة البحرية" وحمولتهما 12 الف طن فقط. اما سفن القطاع الخاص فيبلغ عددها اكثر من 200. وكان الاسطول التجاري السوري تطور بجهود القطاع الخاص بعدما اصدرت الحكومة مرسوماً عام 1976 اعفت بموجبه مالكي السفن الراغبين بتسجيلها تحت العلم السوري في موانئ القطر من الرسوم والضرائب التي تستوفى عند التسجيل من قبل وزارات الدولة باستثناء الرسوم الجمركية وما يترتب على هذا الرسم من بدلات وضرائب تستوفى لصالح المدارس والدفاع والمرافئ. ونتيجة ذلك اصبح الاسطول السوري من اضخم الاساطيل البحرية في شرق البحر المتوسط وحاز على سمعة ممتازة نظراً الى ان اسعاره تقل عن الاسعار العالمية بنحو 30 في المئة وينقل 95 في المئة من واردات القطاع الخاص في شكل مباشر واكثر من 60 في المئة من واردات القطاع العام في شكل غير مباشر ذلك ان القطاع العام يتعاقد على المواد التي يستوردها واصلة الى المرافئ السورية فتقوم الشركات الناقلة بالتعاقد مع السفن السورية لحسابها لنقل البضائع. واشار تقرير "الشركة العامة لمرفأ طرطوس" الى ان ايرادات المرفأ بلغت عام 1997 نحو 690.6 مليون ليرة وبلغ اجمالي الحركة خمسة ملايين طن، في حين وصلت ايرادات مرفأ اللاذقية الى 650 مليون ليرة واجمالي حركة الاستيراد والتصدير نحو مليون طن، علماً ان بواخر القطاع العام تفرغ حمولتها في مرفأ طرطوس اضافة الى بواخر الدكمة. اما بواخر القطاع الخاص فمعظمها يفرغ في مرفأ اللاذقية. وذكر احد الخبراء ان نسبة ماتحمله البواخر السورية من البضائع القادمة الى سورية لايشكل سوى 25 في المئة والبقية تذهب الى شركات نقل اجنبية اضافة الى ان "مؤسسة النقل البحري" لاتملك اي سفينة وهي تعمل على استئجار سفن سورية او اجنبية لنقل البضائع الى سورية وتحصل على عمولة 3.5 في المئة على رغم عدم مساهمتها في النقل. وتقوم "شركة التوكيلات الملاحية" و"المؤسسة العامة السورية للنقل البحري" و"المديرية العامة العامة للمرافئ" في تأدية الخدمات اللازمة للسفن والناقلات وتقديم خدمات النقل البحري لجهات القطاعين العام والخاص في مجالي استيراد البضائع وعقد الاتفاقات الملاحية مع الشركات الوطنية والاجنبية. كما تشرف على حماية المياه الاقليمية من التلوث وحماية الاملاك العامة البحرية والاشراف على شؤون البحارة والمعاهدات الدولية. من جهة اخرى، يواجه نحو ثمانية آلاف عامل في الاسطول البحري التجاري السوري مشاكل لم تحلها اللقاءات المتتالية بين مالكي السفن ووزارة النقل الامر الذي ادى الى انخفاض عدد السفن المسجلة عام 1997 الى ثلاث مقابل مئة سفينة سجلت عامي 1995و1996. وتتضمن مشاكل اصحاب السفن اجراءات شطب السفينة والاعفاء من بدل القدم، ايجاد تنظيم يرعى شؤون المالكين وعدم تجديد المعاهدة الدولية لسلامة الارواح وصعوبة فتح حساب بالقطع الاجنبي في المصارف السورية. وقال ابو احمد احد مالكي السفن: "اجراءات شطب السفينة عملية معقدة حيث تعامل السفينة كأنها بضاعة ويطلب من مالكها الذي يريد بيع سفينته اجازة تصدير وتعهد باعادة 25 في المئة من قيمتها الى المصرف التجاري السوري"، متسائلا: "كيف لنا ان نعيد 25 في المئة المفروض ان يكون لنا تعامل ينص على شراء سفينة جديدة وليس على اعادة القطع". اما المشكلة الاخرى التي يشكو منها مالكو السفن هي "جعالة القدم" التي تفرضها "المؤسسة العامة للتأمين" على اصحاب البضائع المستوردة بواسطة السفن السورية وهو مبلغ محدد عن كل سنة قد يصل الى الاف الليرات مما جعل المستوردين يعزفون عن النقل بواسطة السفن السورية. وقال ابو راغب احد اصحاب السفن "تجاوزت اعمار سفننا اكثر من 25 سنة ونتيجة لهذا التقادم تزداد سنويا جعالة التأمين التي تفرضها علينا مؤسسة التأمين ما يضيف اعباء اضافية علينا على رغم كوننا نرغب باستبدال هذه السفن بأحدث لكن القوانين والانظمة المفروضة لا تساعدنا اطلاقا". ويطالب مالكو السفن بالغاء هذه الجعالة "خصوصاً عندما تكون سفننا حائزة على شهادة الاهلية الدولية". كما يطالبون بالسماح لهم بتأسيس جمعية خاصة ترعى شؤونهم، وتجديد الانضمام الى المعاهدة الدولية لسلامة الارواح "لأن عدم انضمامنا الى المعاهدة يخضع السفن السورية للتفتيش عند دخولها للمرافئ العالمية ما يتطلب وقتا يؤثر في طبيعة عملنا الذي يتطلب وقتا وسرعة في التحرك". ويبرر هؤلاء مطالبهم بأهمية الاسطول الذي يحقق ايرادات بالقطع الاجنبي للبلاد. ويشرح احد الملاك: "تجري معاملات الاسطول السوري بالقطع الاجنبي ويقدر حجم الكتلة النقدية التي يتعامل بها اصحاب السفن بأكثر من 100 الف دولار اميركي يوميا"، لكنه يشير الى ان جميع العمليات المصرفية تتم في المصارف الاجنبية القريبة مثل لبنان وقبرص واليونان، لافتا الى انهم "يتمنعون عن فتح حسابات في المصرف السوري لتدني الخدمات والسرعة في التحويل وعدم توافر القطع في المصارف السورية اضافة الى تخوفهم من الملاحقة وفق القانون 24 الذي يفرض عقوبات قاسية على المتعاملين بالقطع الاجنبي تصل الى 25 سنة". يذكر ان رسوم المرافىء ووجود اكثر من سعر لصرف الدولار شكلا اكبر الصعوبات للمستثمرين ما ادى الى ايقاف او اضعاف تجارة الترانزيت في سورية وتهريبها عن طريق الموانىء المجاورة مثل العقبة وبيروت. وفي خطوة لتشجيع حركة الترانزيت عبر المرافىء السورية اصدر وزير النقل مفيد عبدالكريم قرارا يقضي بخفض بدل الخدمات والعمولات التي تستوفيها "شركة التوكيلات الملاحية" من السفن التي تؤم المرافىء السورية بنسبة 25 في المئة على السفن الناقلة لبضائع الترانزيت. وقالت مصادر رسمية "ان الخفض يشمل بدل الخدمات التي تقدمها التوكيلات الملاحية للسفن والبواخر والمراكب والناقلات واجور الشحن وعمولة الحاويات وتناول البضائع واجور معدات الشحن والتفريغ وعمليات النقل في عنابر السفينة وغيرها من الخدمات التي تقدمها الشركة". كما خفضت الوزارة بدل التناوب الجزء المترتب على البضاعة بنسبة 30 في المئة بالنسبة لبضائع الخشب والحديد والدوكمة والبضائع المختلفة عند ورودها ترانزيت الى مرفأي طرطوس واللاذقية . وكانت وزارة النقل اتخذت عدداً من الخطوات في مجال تحسين العمل في المرافئ السورية ومنها تشغيل العمال على مدار 24 ساعة لتسريع وتيرة الانتاج وزيادتها خصوصاً بعد ان تم تجهيز المرافئ بكامل التجهيزات والآليات الحديثة لتسهيل مراحل العمل وتم رفد المرفأين بعدد من النواقل بقدرات مختلفة ومقطورات وناقلات شوكية وتراكسات وحاضنات وروافع برجية ورأس قاطر وغيرها. يذكر ان "الشركة السورية البحرية" المشتركة بدأت بإنشاء مشروع الحوض العائم بكلفة بليون ليرة سورية لصيانة واصلاح السفن السورية بكاملها من جميع القياسات، اضافة الى الصيانات والعمرات وبناء السفن الصغيرة والمتوسطة وتحسين سوية المرفأ وتحريك السوق والمطاعم والفنادق القريبة من المرفأ لان طاقم السفينة عموما يغادرها اثناء الصيانة التي قد تستغرق بين 15 و50 يوماً.