توقعت مصادر حكومية امس ان يوافق العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني على استقالة احد كبار موظفي الديوان الملكي وذلك بعد اصرار رئيس الوزراء الاردني عبدالرؤوف الروابدة على اقالته نتيجة خلاف حول السياسة الاعلامية للدولة في ضوء تصاعد الانتقادات لرئيس الوزراء من جانب الصحف المستقلة وغير الحكومية. وأكد رئيس وحدة الدراسات الاستراتيجية في الديوان الملكي سلامة نعمات تقديم استقالته من منصبه في 22 تموز يوليو الماضي في محاولة لنزع فتيل التوتر بين الديوان الملكي والحكومة، مشيراً الى ان العاهل الاردني لم يوافق عليها حتى مساء اول من امس. ورفض نعمات وهو المحرر الديبلوماسي السابق في صحيفة "الحياة" التعليق على خلافه مع رئيس الوزراء او الاسباب المباشرة لاستقالته المفاجئة بعد 10 ايام من تسلمه منصبه، مؤكداً ان "جلالة الملك او احداً في الديوان لم يطلب منه الاستقالة". وكان نعمات عين بمرسوم ملكي بالدرجة العليا في 20 حزيران يونيو بينما كان على رأس عمله في مقر "الحياة" في لندن. وكان عمل مديراً لمكتب "الحياة" في عمان 10 سنوات. وفيما عزت مصادر سياسية اسباب اصرار الروابدة على اقصاء نعمات الى خلافات مع رئيس الديوان الملكي السيد عبدالكريم الكباريتي حول السياسات الحكومية، اعتبرت مصادر اخرى ان الموقف من نعمات قد يكون له "بعد شخصي يعود الى سنة 1995" اذ نشر في ايلول سبتمبر من ذلك العام خبراً في "الحياة" عن تحقيقات تجريها السلطات الاردنية حول اختراق عراقي لمسؤولين اردنيين. وكان الروابدة آنذاك رئيس وزراء بالوكالة اثناء غياب الامير زيد بن شاكر رئيس الوزراء في الولاياتالمتحدة. وجرى توقيف نعمات في حينها لمدة اسبوعين على ذمة التحقيق غير ان العاهل الاردني الراحل الملك حسين الذي كان في لندن امر باطلاقه فوراً بعد ان امضى يومين في الاعتقال. وبعدها بثلاثة اشهر اقيلت الحكومة وكلف الملك حسين عبدالكريم الكباريتي تشكيل الحكومة التي اخذت بالابتعاد عن النظام العراقي. غير ان مصادر حكومية نفت وجود بعد شخصي، مشيرة الى ان نعمات زار الصحف اليومية بعد ثلاثة ايام من تسلمه منصبه ونقل توجيهات ملكية بدت متباينة مع التوجه الحكومي نحو الاعلام، موضحة ان نعمات "اجتهد في نقل الرسالة الملكية الشفوية" ومع ان لقاء نعمات مع رؤساء تحرير الصحف اليومية اوقف الحملة الصحفية والتلفزيونية على صحيفة "العرب اليوم" الا ان الحكومة رفضت اعادة بث وكالة الانباء الاردنية اليها على رغم ان رسالة القصر التي حملها نعمات اشارت الى الرغبة في اعادة البث. وأشار مدير وكالة الانباء الاردنية بترا فيصل الشبول الى ان بث الوكالة قد يعود قريباً الى صحيفة "العرب اليوم" بعد وساطات من نقابة الصحافيين. وكانت رسالة القصر التي نقلها نعمات اكدت ان الملك لا ينحاز الى طرف في النزاع بين الاعلام الرسمي والخاص ويرفض اختباء اي من الطرفين وراء القصر للهجوم على الطرف الآخر، والملك ملك للجميع حكومة ومعارضين وهو مؤمن بالديموقراطية وقبول النقد والرأي الآخر، مطالباً بتركيز الاعلام على القضايا الوطنية بدلاً من دخول معارك جانبية. واعتبر صحافيون اردنيون ان استقالة نعمات تشكل "انتصاراً ل"الحرس القديم" بقيمه الصحفية التقليدية وانتكاسة للتيار الديموقراطي وجيل الشباب"، فيما توقع مراقبون سياسيون ان تتبع الاستقالة تداعيات اخرى، خصوصاً ان الموافقة على الاستقالة لم تحصل مباشرة بل امتدت لثلاثة اسابيع، اضافة الى انها تشكل سابقة في علاقة الديوان الملكي مع الحكومة في ظل اجواء الاستقطاب بين التيار المحافظ التقليدي والتيار الديموقراطي في اوساط الحكم. ومعلوم ان العاهل الاردني شدد اكثر من مرة منذ توليه سلطاته الدستورية على ضرورة المضي في الاصلاحات الديموقراطية.