دفعت الحكومة السودانية جهود المصالحة الوطنية والتسوية السياسية مع المعارضة في الشمال والجنوب خطوة الى الأمام امس باعلانها وقفاً شاملاً لاطلاق النار يسري فعلياً منذ منتصف ليل الخميس - الجمعة. وسارع المتمردون الجنوبيون الى تكرار رفضهم الوقف الشامل للعمليات العسكرية التي تدخل موسم الامطار الذي يعد مفيداً في حرب العصابات. وأصدرت وزارة الخارجية السودانية بياناً ظهر امس اعلنت فيه وقف النار الشامل لمدة شهرين لتأكيد التزامها الحل السلمي لمعالجة الخلاف مع المعارضين، وسعيها الى انهاء المعاناة الانسانية في مناطق الحرب. وناشد البيان المعارضين الشماليين ومتمردي "الجيش الشعبي لتحرير السودان" في الجنوب بقيادة العقيد جون قرنق التجاوب مع الاعلان لتسهيل جهود التسوية وتمكين المنظمات الانسانية من اغاثة المتضررين في الجنوب. ودعت مبادرتا وسطاء "الهيئة الحكومية للتنمية" ايغاد الشهر الماضي وليبيا الاسبوع الماضي الى وقف شامل لاطلاق النار. ووافقت الحكومة في الحالتين لكن مفاوضي المعارضة رفضوا الوقف الشامل معتبرين انه يأتي بعد التوصل الى حل سياسي. ورد الناطق باسم "الجيش الشعبي" سامسون كواجي بسرعة على الاعلان الحكومي قائلاً "نحن نرفض وقف النار الشامل الصادر عن الحكومة. لسنا مهتمين بوقف شامل لاطلاق النار. نحن مهتمون بوقف انساني للنار"، مشيراً الى عرض حركته وقفاً جزئياً للقتال في بعض مناطق الجنوب. واعتبر ان عرض الحكومة "حيلة تمكنهم من التركيز على القضاء على قواتنا في الشرق". في القاهرة، بارك الرئيس المصري حسني مبارك الجهود الليبية لايجاد حل سياسي للمشكلة بين الحكومة السودانية والمعارضة، يحفظ للسودان وحدته وسلامة اراضيه. وقالت مصادر ديبلوماسية مصرية وليبية ل"الحياة" ان مبارك ابلغ الزعيم الليبي معمر القذافي في لقائهما اول من امس في مدينة مرسى مطروح دعمه خطى الحل السياسي التي تبنتها طرابلس وانهاء الخلافات السودانية لتحقيق الاستقرار في ربوع السودان. وكان وزير الخارجية المصري عمرو موسى تلقى اتصالاً هاتفياً من نظيره السوداني مصطفى عثمان اسماعيل قبل لقاء مبارك والقذافي ابلغه فيه ترحيب بلاده بالجهود الليبية - المصرية لانهاء المشكلة السودانية وتعهد الخرطوم بالعمل الجاد لانجاح خطى الحل السياسي. وتحدثت المصادر المصرية والليبية عن تنسيق بين الجانبين بحثاً عن حل سياسي، وقالت ان اجتماعات المعارضة السودانية في ليبيا والزيارات التي قام بها زعيم "الجيش الشعبي" العقيد جون قرنق الى ليبيا تمت في اعقاب اتصالات بين الجانبين المصري والليبي. وعلمت "الحياة" ان اتصالات تجرى حالياً للاعداد لاجتماع بين موسى واعضاء لجنة الحل السياسي في قيادة المعارضة. واجتمع رئيس "التجمع" محمد عثمان الميرغني مساء اول من امس مع مسؤولين مصريين معنيين بملف السودان وأطلعهم على نتائج زيارة قادة المعارضة الى طرابلس اخيراً وموافقتهم على المبادرة الليبية.