انتهت امس في نيروبي جولة جديدة من المفاوضات بين الحكومة السودانية و"الجيش الشعبي لتحرير السودان" الى الفشل في احراز أي تقدم ملموس. لا بل ان الهدنة الهشة التي يحافظ عليها الجانبان، لأسباب انسانية، في ولاية بحر الغزال جنوب غربي السودان منذ صيف 1998 بدت مهددة، بعدما هددت الخرطوم بعدم التزامها ما لم تشمل كل مناطق جنوب البلاد، الأمر الذي رفضه المتمردون قبل التوصل الى اتفاق سياسي. ولم تؤد هذه الجولة من المفاوضات الا الى موافقة الجانبين على تعيين موفد خاص لمتابعة الأزمة السودانية هو السفير الكيني السابق في السودان واثيوبيا بيتر مبويا. وتبادل وفدا الحكومة و"الجيش الشعبي" الاتهامات عقب انتهاء جولة المفاوضات. وطالب كل طرف بضغط دولي على الطرف الآخر لتسهيل الوصول الى حل. وفي حين وصف رئيس الوفد السوداني وزير الخارجية الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل "الحركة الشعبية لتحرير السودان" التي يتزعمها العقيد جون قرنق بأنها تحاول "المماطلة والعودة بالقضية الى المربّع الأول"، اتهمت حركة قرنق الحكومة بالإصرار على فرض الإسلام على الجنوبيين واستخدام الغذاء والاغاثة ضمن "اسلحة الحرب"، وهو أمر نفته الحكومة. وعقد الجانبان أمس الجلسة الختامية العلنية للمفاوضات التي رعتها هيئة "ايغاد" في العاصمة الكينية، بعد جلسات عدة سرية. وتلا وزير خارجية كينيا الدكتور بونايا قودانا في الجلسة التي حضرتها وسائل الإعلام، بياناً ختامياً تضمن 11 نقطة أبرزها تعيين السفير السابق بيتر مبويا موفداً خاصاً ورئيساً لهيئة الأمانة العامة المقترحة لمتابعة الأزمة السودانية. وأعلن تشكيل لجان من أعضاء "ايغاد" لمتابعة جهود السلام وتقريب وجهات النظر والدعوة الى جولة مفاوضات جديدة خلال ستين يوماً. وحدد عمل كل لجنة بنقاط وردت في "إعلان المبادئ" الذي صدر في 1994، ونص على حق تقرير المصير وقيام دولة علمانية واجراء استفتاء بعد فترة انتقالية. وفي ختام الجلسة، عقد الوفد السوداني مؤتمراً صحافياً هاجم فيه الدكتور عثمان في شدة "الجيش الشعبي". وقال انه "جادل وماطل" من أجل العودة الى "المربع الأول" في المفاوضات من خلال إصراره على رفض الوقف الشامل للنار، ومن خلال سعيه، في جلسة المفاوضات السرية الأخيرة، الى إثارة مواضيع كان تم تجاوزها في جولات الحوار السابقة. وطالب عثمان المجتمع الدولي بالضغط على "الجيش الشعبي" لقبول وقف للنار وتسهيل مرور الاغاثة للمتضررين، واعادة جثث اربعة عمال اغاثة قتلوا على ايدي أنصار قرنق. وهاجم الناطق باسم "الجيش الشعبي" سامسون كواجي الحكومة السودانية وقال ان حركته تطالب بحل القضايا الأساسية قبل إعلان وقف شامل للنار. وشدد على ان "العربة لا يمكن وضعها أمام الحصان ... لا يمكن ان يتم التوصل الى اتفاق شامل لوقف النار سوى بعد الاتفاق على القضايا موضع الخلاف" في المفاوضات. واتهم الخرطوم باستخدام سلاح الاغاثة والغذاء "سلاح حرب" ضد الجنوبيين.