ترأس وزير الدفاع الروسي ايغور سيرغييف اجتماعاً للقيادات العسكرية والسياسية في داغستان يتوقع ان تبدأ بعده عملية مكثفة ضد "الجيب المسلح" في الجمهورية. وأبدت تل ابيب استعدادها لمساعدة موسكو في مكافحة خطر التطرف الذي "يرفع راية الاسلام لأهداف غير نبيلة" في القوقاز، فيما دعا الوزير في الحكومة الروسية رمضان عبداللطيفوف الداغستاني الأصل، الدول العربية الى "تأكيد دعمها لوحدة اراضي الاتحاد الروسي"، مشيراً الى انه لا توجد حتى الآن دلائل على تورط حكومات عربية في الأحداث لكن ذلك اقتصر على مؤسسات وأفراد من هذه الدول. زار وزير الدفاع الروسي ايغور سيرغييف العاصمة الداغستانية محج قلعة امس الأربعاء يرافقه وزير الداخلية فلاديمير روشايلو ورئيس هيئة الأركان العامة اناتولي كفاشنين وعدد كبير من المسؤولين الآخرين. ورغم اعلان موسكو ان الهدف من الزيارة هو حضور اجتماع مشترك مع القيادة السياسية في داغستان، الا ان المراقبين يجمعون على ان اللقاء هو تحضير لما وصف ب"الحلقة الختامية" لعملية ضد المسلحين الذين اعلنوا "الدولة الاسلامية". وذكر محمد تاغييف رئيس "المركز الاعلامي للمجاهدين" في تصريح نقل في غروزني ان القوات الفيدرالية بدأت تحشد آليات ووحدات قرب منطقة المعارك. لكنه اضاف ان "القيادة الموحدة للمجاهدين" تسيطر على 15 مركزاً مأهولاً في قضاء بطليخ وتهيمن على كل التلال الاستراتيجية. وتمكنت من اسر نقيب مظلي روسي اسمه اوليغ بابيتش. ونفت وزارة الداخلية الروسية هذا التصريح مؤكدة ان المسلحين يسيطرون على اربع مراكز مأهولة فقط. وأكدت انها احكمت السيطرة على مضيق "حرامي" الاستراتيجي ما سيمنع وصول امدادات من الشيشان. واعترفت بمقتل ثمانيةعناصر وجرح عشرين في محاولة لاقتحام بلدة "تاندو" في قضاء بطليخ. ولدعم معنويات افراد القوات المسلحة، قررت موسكو زيادة مرتبات منتسبيها في منطقة القتال من 15 دولاراً في الشهر الى ألف دولار ومنح الضباط مبالغ اكبر من ذلك. وواصلت القوات الجوية غاراتها على مواقع في غرب داغستان. ودمرت محطات للبث التلفزيوني والاذاعي في بلدتي كرماخي وتشابانماخي اللتين تسيطر عليهما مجموعات توصف بأنها "سلفية" لكنها لم تتدخل حتى الآن في المعارك. وأعلنت وزارة الداخلية الداغستانية انها القت القبض على 29 "سلفياً" وضبطت لدى واحد منهم قنبلة يدوية، و30 شريطاً باللغة العربية وخمسة كتب "تبشر بالسلفية". اسرائيل وعلى صعيد آخر اكدت وكالة "ايتار تاس" الحكومية عقد اجتماع بين وزير الخارجية الاسرائيلي ديفيد ليفي والسفير الروسي ميخائيل بوغدانوف وذكرت ان الجانبين اشارا الى "خطر التطرف الذي يرفع راية الاسلام الخضراء لأهداف غير نبيلة"، فيما نقلت وكالة "انترفاكس" عن السفارة الاسرائيلية في موسكو ان ليفي ابدى استعداد بلاده ل"تبادل معلومات استخبارية ومساعدة روسيا في مكافحة الاسلاميين" في القوقاز. وأشار عدد من المحللين الروس الى مخاطر "تدويل" الأحداث في داغستان ونبهوا الى ان المنطقة تتقاطع فيها مصالح دولية كثيرة. وفي هذا السياق، لفت الانتباه بيان اصدرته امس وزارة الخارجية الروسية وأعربت فيه عن القلق لأن الولاياتالمتحدة تستخدم "أساليب ضغط سياسية وغير سياسية للحيلولة دون تنفيذ مشروع لنقل الغاز الى تركيا عبر بحر قزوين. ولم تشر الوزارة الى احداث داغستان لكنها اكدت ان لديها "معلومات اكيدة" عن تزايد النشاط الاميركي الهادف الى تعطيل المشروع الروسي - التركي. ودعت موسكو الى اعتماد "الجدوى الاقتصادية" كأساس لتحديد هيكلية شبكات النفط والغاز عبر بحر قزوين، ونفت ان يكون تصدير حوامل الطاقة عنصراً "يتوخى الاستقلال السياسي والاقتصادي" للدول المستوردة. وحذرت من ان استمرار واشنطن في اعتماد "أساليب غير نزيهة" يتنافى مع طبيعة العلاقات الروسية الاميركية ويخالف "الاخلاق وحرية التجارة". دعوة الى العرب وفي حديث الى "الحياة"، دعا الوزير في الحكومة الروسية رمضان عبداللطيفوف الداغستاني الاصل، الدول العربية الى "تأكيد دعمها لوحدة اراضي الاتحاد الروسي" وأعرب عن امله في الا تترك احداث داغستان اثراً سلبياً في العلاقات بين موسكو والبلدان العربية. وأشار عبداللطيفوف وهو وزير سابق لشؤون القوميات وعضو من دون حقيبة في الحكومة الحالية الى انه لا توجد حتى الآن دلائل على تورط جهات رسمية عربية في الأحداث. لكنه أشار الى "تدخل" مؤسسات وأفراد من دول اسلامية وعربية وغربية يزودون من وصفهم ب"المتمردين" بالمال والسلاح. وأشار عبداللطيفوف الذي يعد من ابرز الخبراء في الشؤون القومية الى ان "التيار السلفي المتشدد لا يتناسب مع طبيعة المجتمع الداغستاني ذي التعدد الاثني والطائفي". وتابع ان اهالي داغستان تمسكوا بالاسلام ديناً لهم على مدى قرون عديدة، وليسوا بحاجة الى من يلقنهم دروساً. واستنكر محاولات "تكفير" الآخرين وفرض افكار بالقوة ولاحظ ان قادة عرباً بارزين بينهم الرئيسان المصري والسوري كانوا تصدوا بحزم للتطرف والغلو. ومن جهة اخرى، انتقد الوزير ساسة ووسائل اعلام في روسيا بسبب تصريحات "تشم منها رائحة العداء للاسلام" وطالب بالتصدي لمثل هذه المواقف التي قال انها تلحق ضرراً بروسيا. واتهم عبداللطيفوف القيادة الشيشانية ب""التغاضي" عن نشاطات معادية لداغستان قام بها شيشانيون بارزون مثل شامل باسايف وانصاره الذي ذكر انهم "استدرجوا" زهاء الفي شاب داغستاني ودربوهم ثم نقلوهم الى الأراضي الداغستانية. وفي لهجة عتاب قال ان داغستان آوت اثناء الحرب 250 ألف شيشاني واعتبر موقف باسايف "غدراً" و"عدواناً". وشدد على ان الغالبية الساحقة من الداغستانيين عارضت "التدخل" وقال ان اكثر من اربعة آلاف مسلح يقاتلون الى جانب القوات الفيديرالية، وأكد انه شخصياً مستعد لحمل السلاح "دفاعاً عن الوطن". كما لام الوزير السلطات الروسية ل"تساهلها مع الغلاة" في مراحل سابقة، الا انه اشار الى ان عوامل اجتماعية دفعت الشبان الى الجماعات المتطرفة وذكر تحديداً ان نسبة البطالة بين الشباب بلغت 80 في المئة، ودعا الى معالجة فورية للمشاكل الاقتصادية. ولم يستبعد عبداللطيفوف وجود "جهات مغرضة" في موسكو تريد استغلال الاحداث لمصالح انتخابية وسياسية، كما انتقد "تباطؤ" الأجهزة العسكرية والأمنية و"تخاذلها". وذكر ان الداغستانيين قد يضطرون الى "مصادرة" اسلحة للدفاع عن اراضيهم. واستبعد عبداللطيفوف احتمال انسلاخ داغستان عن روسيا، كما حصل عملياً في الشيشان. وذكر ان الغالبية الساحقة من سكان الجمهورية يؤيدون البقاء ضمن الاتحاد الروسي.