على رغم ان اسم ماركو ميلوشيفيتش ليس متداولاً على نطاق عالمي، كما ينبغي، إلا أنه في منطقة البلقان "أشهر من نار على علم"، باعتباره في صدارة "أولاد الذوات" الذين ظهروا في المنطقة خلال السنوات الأخيرة. وكما يقول المثل الشعبي "فرخ البط عوّام"، سار ماركو على نهج والده سلوبودان في بلوغ مآربه، وإن كان كل منهما حسب هواه. فالوالد اختار سبيل زمانه للرفعة والسمو الذي يتطلب "الوفاء" للشيوعية مخالفاً نهج والده القسيس الارثوذكسي الذي ناصب العداء للقوات الماركسية بقيادة تيتو خلال الحرب العالمية الثانية حتى قتلته. أما الابن ماركو، فقد نما عوده في زمن مختلف، انتعشت فيه جماعات "المافيا" والاستحواذ على المال والمغامرات، فأبدع في هذه المجالات منافساً ومزايداً على عائلة شبيه والده الرئيس الكرواتي فرانيو توجمان الذي صارت تعرف ابنته نيفينكا بلقب "الأميرة"، وذلك على حد قول صحيفة "ناسيونال" الكرواتية نتيجة ثرائها الفاحش وسيطرتها على تجارة الأسواق الحرة في كرواتيا ومشاريعها الاقتصادية المتشعبة، سواء باسمها أو باسم ولديها من زوجها الصربي المطلق كوشوتيتش. خصوصاً امتلاك دور السينما التي كانت عائدة للدولة اليوغوسلافية قبل استقلال كرواتيا، إضافة إلى نجلي توجمان ميروسلاف وستيبان اللذين أثبتا جدارة في قيادة المخابرات الكرواتية والاتصالات مع المافيا الايطالية لجمع المال. ولد ماركو اسمه يدل على بطل اسطوري صربي قديم سلوبودان يعني حر ميلوشيفيتش اللقب العائلي الذي ورثه عن والده، ويعني المحبوب في 3 تموز يوليو 1974 وهو ثاني وآخر أولاد الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش وزوجته ميرا ماركوفيتش، بعد شقيقته ماريا 1965. ووصفت ميرا ماركوفيتش ابنتها وابنها في رسالة عنيفة مفتوحة إلى وزير الخارجية البريطاني روبن كوك أثناء الغارات الجوية الأطلسية على يوغوسلافيا، بأنهما "يتحليان بالشعور الوطني والشجاعة والذكاء والجمال... وان ابنتي تدير الآن اذاعة كوشافا الاعصار، وهي الأشهر من نوعها في يوغوسلافيا والموجهة إلى الشباب، أما ابني فهو يرتدي الزي العسكري إضافة إلى اهتمامه بأسرته نظراً إلى أنه تزوج قبل فترة وجيزة". ويفيد العارفون بأن ماركو بدا منذ صغره غير ميال إلى الدراسة والانتظام في الصفوف المدرسية، فقد ترك ثانوية فيسلين ماسليشا في بلغراد وتقدم إلى الامتحان كطالب خارجي، ولم يستطع الحصول على شهادة جامعية، فانتقل إلى مدينة بوجاريفاتس 50 كلم شرق بلغراد حيث أقارب والده للعيش منفرداً في منزل العائلة، منفصلاً عن أسرته المقيمة عادة في بلغراد، وتوجه نحو قيادة سيارات السباق والدراجات النارية، وشارك في العديد من السباقات التي جرت في يوغوسلافيا والدول المجاورة، وأحرز فيها نجاحات، بينها المرتبة الثانية في بلغاريا، ما جعل والدته ميرا ماركوفيتش تهديه سيارة "فيراري" حمراء، حيث رأت - وهي استاذة علم الاجتماع في جامعة بلغراد - ان طبيعة ابنها تلائم هذه "المهنة"، إضافة إلى هوايته باقتناء المسدسات السريعة الطلقات. وأشار ماركو في تصريح صحافي عن مزاجه، بأنه عمل دعاية كبيرة لوالده اثناء انتخابات رئاسة صربيا مطلع عام 1993، لكنه شخصياً لم يدل بصوته فيها، لأنه كان عليه في يوم الاقتراع ان يجرب قوة سيارة جديدة، ولذلك فهو لم يكن آسفاً لأن رصيد والده خسر صوتاً واحداً. أبدى ماركو فخره، في مقابلة صحافية، بأنه متميز عن غيره من "زملاء المهنة" لأنه لم يحصل له "سوى" حوالى 30 حادث اصطدام قوي خلال السنوات السبع التي أمضاها مع السيارات، وهو يشير إلى أن والده كان يؤنبه حتى الحادث رقم 15، ثم أصبح ذلك اعتيادياً بالنسبة إليه أيضاً، ولم يعد يهتم بمثل هذه الأمور "البسيطة". وأكد ماركو في تصريح إلى مجلة "فريمي" الصادرة في بلغراد أنه يعاني مشاكل دائمة مع الشرطة "لأنهم وقحون بشكل لا يطاق" حيث يمنعون قيادة السيارات بسرعة فائقة، وأضاف ان والدته تتجنب الركوب معه "لأنها تخاف"، ولا يريد أن يرافقه والده "لأنه يتصرف وكأنه مدرب قيادة السيارات". ولأن ماركو يؤكد ان هواياته الرئيسية تتركز على "السيارات والمسدسات والوجوه النسائية الحسنة وصبغ شعر رأسه باللونين الذهبي والأحمر"، وانطلاقاً من شغفه بصخب الملاهي والمراقص، فقد أنشأ نادياً ليلياً، أصبح الأشهر من نوعه في كل يوغوسلافيا، سماه "مادونا" في مدينة بوجاريفاتس بإدارة زوجته ميليتسا غايتش، التي انجبت له ولداً في 14 كانون الثاني يناير الماضي، رافقه احتفال كبير، وتحدثت عنه صحيفة "غلاس" الصادرة في بلغراد تحت عنوان "سلوبودان ميلوشيفيتش أصبح جداً... افراح العائلة". وطالما استغلت المعارضة الصربية تصرفات ماركو، لترسل مذكرات إلى والده بعنوان "يا سيد ميلوشيفيتش اكبح جماح ابنك" الذي "يخالف بإفراط دستور البلاد ويتجاوز النظام القانوني ويهدد أمن المواطنين وسلامتهم"