يوارى اليوم جثمان الرئيس الكرواتي فرانيو توجمان بمراسم دفن رسمية، فيما بدأت مشاعر القلق تتصاعد في زغرب في شأن الصراعات السياسية التي يتوقع ان تشهدها البلاد. وكان نعش توجمان الملفوف بعلم كرواتيا، سجي يومين في قصر الرئاسة في زغرب حيث القى أفراد أسرته وكبار المسؤولين في الدولة ومواطنون نظرة الوداع الأخيرة على رئيسهم، كما أعلن الحداد العام في البلاد والمؤسسات الكرواتية في الخارج ثلاثة أيام، ورفعت الأعلام السوداء على البرلمان وغيره من المباني الحكومية. ويجري التشييع في جنازة رسمية اليوم الى مقبرة "ميروغوي" الرئيسية في زغرب، حيث يتم دفن توجمان في قبر خاص أعد له. ويرى المراقبون في زغرب ان ملامح الصراع على خلافة توجمان اشتدت، على رغم ان كبار أعضاء حزبه الحاكم الاتحاد الديموقراطي الكرواتي تعهدوا في كلماتهم التي نقلها التلفزيون الرسمي "بمواصلة النهج الذي سلكه ومارسه خلال قيادته للبلاد". وبرزت أسماء عدة لخلافة توجمان في مقدمها: نائبة رئيس الحزب والحكومة ليركا مينتاس - خوداك، ورئيس المجموعة البرلمانية لحزب الاتحاد الديموقراطي فلاديمير شيكس، ورئيس الحكومة زلاتكو ماتيشا، وهم يعتبرون من المحافظين على خط توجمان المتشدد في المجالين الداخلي والخارجي. وظهر أحد الراغبين بمزيد من الاعتدال مع مشكلة البوسنة والانفتاح على أوروبا وزير الخارجية ماتي غرانيتش. يذكر أن عائلة توجمان تتكون من زوجته انكيتسا وولديه ميروسلاف وستيبان وابنته نيفينكا، وليس بينهم من يمكن ان يخلفه لعدم بروزهم في المجال السياسي، اذ انصبت اهتماماتهم إما على الأمور المالية أو الأجهزة الأمنية. وظهرت في أوساط المعارضة الكرواتية المكونة من 16 حزباً رئيسياً بقيادة "الاشتراكي - الديموقراطي الكرواتي" الدعوة الى تأجيل الانتخابات البرلمانية المقررة في الثالث من كانون الثاني يناير المقبل لتتم في وقت واحد مع انتخابات رئاسة الجمهورية التي ينبغي أن تجرى في غضون 60 يوماً. واعتبرت المعارضة ان فترة ثلاثة أسابيع لا يمكن أن تكون كافية "للاستعداد لانتخابات نزيهة وديموقراطية تقود الى ايجاد حل لقضايا سياسية معقدة تمر بها البلاد". وتوقعت تصريحات أقطاب المعارضة التي نشرت أمس في زغرب ان "تدشن المرحلة المقبلة مستقبلا أفضل لكرواتيا في مجال الديموقراطية في الداخل والاندماج الخارجي مع أوروبا". وحذروا من وقوع البلاد "في خضم صراع مرير بين مراكز القوى السياسية للاستحواذ على السلطة". ارتياح بوسني وفي الدول المجاورة لكرواتيا، أظهرت الأوساط الشعبية بين المسلمين البوسنيين "ارتياحاً" لرحيل توجمان الذي طالما حملوه قسطاً كبيراً من مسؤولية الحرب الدامية التي شهدتها البوسنة". لكن عضو هيئة الرئاسة البوسنية عن المسلمين علي عزت بيغوفيتش أعلن انه سيشارك في تشييع جنازة توجمان. يذكر أن توجمان قال ان الأوروبيين أوكلوا اليه بالذات مهمة منع قيام دولة إسلامية في البوسنة، وكانت آخر مشكلة اثارها مع مسلمي البوسنة في 18 تشرين الأول اكتوبر الماضي، أي قبل 10 أيام من دخوله المستشفى، حين دعا في مدينة موستار البوسنية الى اقامة كيان منفصل للكروات في البوسنة، ما اثار غضب المسلمين باعتباره تدميراً للاتحاد الفيديرالي المسلم - الكرواتي وزيادة في تمزيق الأرض البوسنية. وفي بلغراد بعث الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش رسالة تعزية الى القيادة الكرواتية، لكن صحيفة "بوليتيكا" شبه الرسمية قالت عن توجمان انه "شرد 600 ألف صربي من ديارهم في كرواتيا". وأضافت ان عداء توجمان للصرب واضح من تصريحاته بأنه "سعيد لأن زوجته ليست صربية وأنه أرغم ابنته على الانفصال عام 1992 عن زوجها الصربي".