زعيم الشرق الأوسط    ولي العهد.. بيعة ورؤية ونماء    بيعة الطموحات الكبرى    رؤية ثابتة و رؤى محققة    المرأة السعودية.. تمكين وريادة    إنجازات طموحة وبيئة محفزة للابتكار.. 412 مليار ريال مساهمة الصناعة في الناتج المحلي    السعودية ترفض محاولات الاحتلال تقويض استقرار سوريا    أمريكا تعرب عن امتنانها لولي العهد لاستضافة المحادثات الروسية الأوكرانية في الرياض    محمد بن سلمان.. قائد الرؤية وصانع التأثير    باتت وجهة عالمية لاستضافة أبرز البطولات والفعاليات.. الرياضة في المملكة.. قفزات وإنجازات بدعم القيادة الرشيدة    رئيس الإمارات وملك الأردن يبحثان العلاقات الثنائية بين البلدين    موسم الرياض بات مقترناً بأبرز نجوم الفن النبيل.. السعودية.. الوجهة العالمية المفضلة لرياضة الملاكمة    ضبط طبيب وافد لمخالفته أنظمة مزاولة المهن الصحية    نجاة طفل سقط من سيارة تحت عجلات مركبة أخرى    313 متهماً بالفساد وإيقاف 82 مشتبهاً    العمارة السعودية.. تنوع ثقافي وجغرافي    أحد أهم مظاهر التحول التنموي والحضاري الكبير.. الحراك الثقافي في السعودية.. تحولات جذرية وانطلاقة عالمية    الكوميديا السعودية تكتسح شاشات رمضان    الفيصل يشكر العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    لتسهيل نقل الحالات الطارئة للمستشفيات المرجعية.. تدشين مهبطين لطائرات الإسعاف الجوي بالمسجد الحرام    محافظ جدة يطلع على أنشطة "الهيئة"    نائب أمير مكة يترأس اجتماع لجنة الحج المركزية    ولي العهد أعاد الأكسجين    شغف لا ينتهي    حماية الطفل تبدأ باحترام رأيه    القاضي الخرجي رمز من رموز العدالة    مسيرة الوطن وعز الأمّة    عهد التمكين والتطور    تعطيل المفاوضات نهج إسرائيلي ممتد    محمد بن سلمان وسنوات التجديد    شارع الأعشى كما نراه    ذكرى واستذكار الأساليب القيادية الملهمة    محمد بن سلمان.. سنوات من التحول والتمكين    خطوات متسارعة تنقل الاقتصاد السعودي للتنوع والنمو    15.57% ارتفاعا في السفر الداخلي بالمملكة خلال عيد الفطر    نائب أمير مكة يترأس اجتماع لجنة الحج المركزية    سيكولوجية الصوم    الوعي الذاتي وتأثير الأفكار    «سلمان للإغاثة» يوزّع 1.300 سلة غذائية في مديرية الوادي بمحافظة مأرب    رمضان يجمعنا.. مبادرة إنسانية تُنير قلوب الأيتام وتوحد أطياف المجتمع ..    "التجارة" تضبط مواطنًا وعمالة يغشون في منتجات الدواجن وتوقف تصريف 2,5 طن مغشوش في الأسواق    اصطدام طائرتين عسكريتين فرنسيتين خلال عرض جوي    أستراليا تتغلّب على الصين بثنائية وتنفرد في الوصافة    المركز الوطني للمسؤولية والدراسات ويلو علاقة مميزة لخدمة المجتمع    صور مشرقة ل"كشافة تعليم الطائف" في خدمة المعتمرين بميقات السيل    الكرملين ينشر قائمة بمنشآت الطاقة الروسية والأوكرانية التي يحظر استهدافها مؤقتاً    مشروع ولي العهد يُجدّد مسجد «الحصن الأسفل» بعسير    رينارد يعتذر.. ويعد بالتأهل    أمير القصيم يرعى حفل تدشين 52 مشروعًا صحيًا بالمنطقة بتكلفة بلغت 456 مليون ريال    البديوي يدين إنشاء (إسرائيل) وكالة لتهجير الفلسطينيين من غزّة    القيادة تهنئ رئيس الهيلينية بذكرى استقلال بلاده    تقلص فرصة قطر في التأهل المباشر لكأس العالم بالخسارة من قرغيزستان    المركز الوطني للعمليات الأمنية يشارك في معرض وزارة الداخلية    الرئيس التنفيذي لتجمع عسير الصحي يدشن قسم الأشعة المقطعية بمستشفى تنومة    128 بطولة رمضانية في رابطة الهواة لكرة القدم    «شارع الأعشى» كتلة مشاعر    أمل علاج السرطان ما بين الحقيقة والشائعات    الضربات الأمريكية في اليمن: تحجيم للحوثيين ورسالة ردع إلى إيران    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تنقصها الفنادق والطرق اللائقة والاسواق التراثية . بعلبك قبلة السياحة في لبنان لكن عائداتها المالية لا توازي شهرتها
نشر في الحياة يوم 01 - 08 - 1999

"بعلبك مدينة عالمية للسياحة". أول جملة يبادر بها معظم البعلبكيين عند سؤالهم عن الوضع السياحي في المدينة. وهي، يضيف البعلبكيون في توصيف مدينتهم، "مدينة اثرية تاريخية، وعنوان اساسي للسياحة في لبنان". الاجابة تنحصر بهذا الواقع "التاريخي" ولا تتجاوزه الى المفهوم الحديث للسياحة الذي يعنى باستقطاب السائح ليقيم في المدينة لا ان يأتي عابر سبيل يرى اعمدتها ويرحل.
سياح التقتهم "الحياة" امام القلعة وفي متحفها. كانوا جميعاً مقيمين في بيروت. جاؤوا الى القلعة في اطار جولة سياحية. قال مرشد سياحي كويتي يرافق وفداً مؤلفاً من 18 شخصاً انهم وصلوا الى لبنان لمدة ثلاثة ايام وسينتقلون بعدها الى سورية ليمكثوا ثمانية ايام لأن "الفيزا السياحية اللبنانية تمنح مجاناً للزائر لمدة ثلاثة ايام واذا زادت عن ذلك فعليها رسم". الوفد أتى الى بعلبك بعد جولة على عاليه وجونية ومغارة جعيتا ومتحف الشمع في جبيل. أكد الدليل أنه وأفراد الوفد لا يخافون في لبنان. قال: "نحن جئنا بعد العملية الاسرائيلية".
الشعور بالطمأنينة شاطرتهم اياه سائحتان فرنسيتان، احداهما راهبة، جاءتا الى لبنان لمدة 15 يوماً مع وفد مؤلف من 15 شخصاً. قالت الراهبة "لم نشعر ان هناك حالة حرب في لبنان، لكن المزعج قليلاً هو غياب الكهرباء". أضافت: "الوفد اختار لبنان للسياحة لان لدينا علاقات وصداقة مميزة وقديمة مع لبنان"، مشيرة إلى أن "جدول الرحلة شمل الارز وجبيل وصور وبعلبك"، ومثنية على "الاستقبال المميز لدى اللبنانيين وجمال المناطق اللبنانية".
مدينة بعلبك، ومنطقتها، هي رمز المناطق "المحرومة"، على ما غدت تعرف في الادبيات السياسية في لبنان، فلا فنادق فخمة فيها ولا مطاعم راقية ولا اسواق تليق بالوضع السياحي، حتى الطريق المؤدية اليها لم تعرف من حداثة الطرق شيئاً، ولا تزال طريقها بائسة وخطرة على رغم ان الدولة اللبنانية ما برحت منذ انتهاء الحرب اللبنانية قبل نحو تسع سنوات، تعمل على تأهيل الطرق وشق اوتوسترادات جديدة في المناطق كافة الا طرق منطقة البقاع وتلك التي تربطها ببيروت.
وعلى رغم ان بائع الصحف الذي افترش الارض قرب القلعة راح يعدد الفنادق في المدينة: "بالميرا" و"شومان" و"زهير رعد" و"ابو احمد الجوهري" في منطقة العين، مؤكداً ان "فيها سياحاً"، فان احد منظمي رحلات السياحة الى لبنان قال ان "مستوى فنادق بعلبك أقل من مقبول". وهل تنزلون سياحاً فيها؟ اجاب "احياناً. فبعض السياح يطلب ان يقيم تحديداً في فندق بالميرا . وهم يحفظون اسمه لأنه قديم وكان شهيراً في الماضي". لكن السيّاح الذين التقتهم "الحياة" في بعلبك انطلقوا من بيروت محطة لسياحتهم في لبنان.
السائح النروجي جورنر هغسوم هوبرد 25 عاماً، وبعد جولة قام بها على تركيا وسورية والاردن، يشبّه بيروت ب"اوسلو"، لكنه لا يعرف لماذا اختار هذه البلاد ليسيح فيها، قال "لا اعرف لماذا اخترتها لكنها مهمة بالنسبة اليّ"، معتبراً ان "الناس في سورية عرب اكثر من الناس في لبنان الذين يبدون غربيين ولديهم سيارات فخمة لكنهم يقودون في سرعة". واعتبر ان "كل شيء هنا مميز. ومن السهل جداً لزائر اجنبي أن يقوم بسياحته وحيداً في لبنان".
معظم السياح لا يخفي اعجابه ببعلبك. البريطاني وليم غاردنر 28 عاماً قال: "سأحمل في ذاكرتي من الحفلة الفنية التي حضرتها في هذا المكان التاريخي، مع اربعة آلاف، معاني جميلة ستبقى معي الى الابد". واعتبر انه "محظوظ كفاية لأنه استطاع ان يحضر إحدى حفلات مهرجان بعلبك في ذروة الموسم السياحي"، مبدياً حزنه لأنه سيغادر بعد ايام لبنان الذي اقام فيه نحو عامين.
ذروة غير مجدية
لكن ذروة الموسم هذه تمر في بعلبك مرور الكرام، من دون أن تستطيع المدينة الاستفادة مادياً من الآلاف التي تؤمها وتغادرها ليلاً لدى إقامة أي حفلة من حفلات المهرجانات. وحين كانت "الحياة" تحاور نائب رئيس بلدية بعلبك حسين الرفاعي عن الوضع السياحي في بعلبك، جاء رئيس "هيئة انماء بعلبك" السيد ملحم حيدر شاكياً من ان "ليلة امس افتتاح المهرجانات دخل الى بعلبك ستة آلاف شخص، سياحاً ومواطنين، ولم تستفد منهم المدينة بليرة واحدة اذ حال توقف السيارات حول القلعة دون فتح المحال التجارية"، ومطالباً الرفاعي بان "يتخذ مجلس البلدية قراراً يمنع بموجبه البعلبكيين من ايقاف سياراتهم في السوق افساحاً في المجال امام سيارات القادمين الى المدينة عوضاً من ان يوقفوها خارج السوق ويأتون سيراً، ما يحول دون استفادة أصحاب المحلات والمقاهي". ويعده الرفاعي بالبحث في الامر فوراً. احد ابناء بعلبك، صبيح يونس، أشاد بما تختاره لجنة المهرجانات من اسماء عالمية لإحياء الحفلات. قال "كل مساء نشعر ان هناك احتلالاً محبباً للقلعة اذ نرى الناس يزحفون وراء الاسماء العالمية التي تستدعيها اللجنة". واضاف: "هذه ظاهرة حضارية، لكن المدينة لا تستفيد من الزاحفين بشيء اذ ليس فيها مركز واحد لبيع بطاقات المهرجانات".
وقال الرفاعي ل "الحياة": "لدينا ملاحظة على عمل لجنة المهرجانات، وهي انها لم تنسق معنا كما يجب لجهة التفاعل بين اللجنة والبلدية لناحية برنامج الحفلات لاظهار دور البلدية والتعاطي معها كسلطة موجودة في المدينة، علماً اننا أمنا المطلوب لراحة الزّوار".
واضاف: "بعلبك مدينة سياحية وأثرية وتاريخية وعنوان اساسي للسياحة في لبنان، ونحاول في المجلس البلدي ان نكون في مستوى هذه المدينة الحضارية تلبية لطموحات الناس في المجال السياحي"، مشيراً الى ان "عدد السياح غير مستقر ويقدر بنحو عشرة آلاف سائح سنوياً"، وان "الحركة السياحية في المدينة انطلقت قبل نحو 15 يوماً بعدما كانت خفت نسبياً غداة الاعتداء الاسرائيلي".
وماذا قدمت البلدية، اسهاماً، في الوضع السياحي؟ اجاب "اننا في صدد وضع مخطط توجيهي لمدينة بعلبك بالتعاون مع مجلس الانماء والاعمار بهدف تحسين الاماكن السياحية وتطويرها اضافة الى ايجاد مداخل جديدة للمدينة ما يمكن السائح من الدخول والخروج في وسط المدينة. وهناك توجه لدى وزارة السياحة لفتح الآثار بعضها على بعض والغاء الطرق الحالية واستحداث طرق بديلة. ولدينا دراسة منجزة لاقامة سوق تراثية في المدينة لاظهار ما تتحلى به عبر العصور، اضافة الى دراسة لانشاء مدينة صناعية بعيدة لانشاء مشاغل للصناعات التقليدية من نحاسيات وغيرها".
وتمنى على "الوزارات المختصة الاهتمام بالمدينة لانها مركز سياحي اساسي في لبنان، ومساواتها بالمدن السياحية فيه عبر شق طرق جديدة وانشاء استراحة ومدرسة فندقية وتشجيع رأسمال الوطني والعربي على انشاء فنادق في بعلبك مثلما تشجع الاستثمار في بيروت".
وعن عائدات القلعة افاد انها مناصفة بين الدولة ومجلس بلدية بعلبك. اما ريع الحفلات فكان نصفه للدولة ونصفه للجنة قبل الموازنة الجديدة، مؤكداً ان "هناك نحو 250 مواطناً يعيشون من السياحة في المدينة".
لغز الحضارة القديم في مدينة الشمس
تعتبر بعلبك، "مدينة الشمس"، اهم مجمع ديني وعمراني خلّفه العهد الروماني في لبنان. وهي تقع في مرتفعات البقاع الشمالي. وكانت تشكل محطة رئيسية على طريق القوافل التي كانت تعبر سهل البقاع آتية من تدمر وحمص في اتجاه فلسطين، أو من الساحل اللبناني في اتجاه دمشق. وكان الرومان حوّلوا مزاراتها المتواضعة قبلة تستقطب الحجاج من كل مناطق الامبراطورية الرومانية. فاقاموا فيها معبد "جوبيتير" قبل نحو الفي عام. ويعتبر هذا المعبد اضخم معابد العالم الروماني على الاطلاق. واثناء العصور العربية سميت مدينة بعلبك ب"القلعة" حين تحولت المعابد مركز دفاع من الطراز الاول.
وتتألف القلعة من معبدي "جوبيتير" و"باخوس"، ومن معبد دائري صغير يقع الى الجنوب الغربي من المعبدين الكبيرين، ويعرف بمعبد "فينوس". وهناك بقايا معبد رابع كان يقع على تلة الشيخ عبدالله التي تطل على المدينة من جهة الشرق وكان يرقى اليه من درج منحوت في الصخر لم يبق منه الا القليل.
وعلى رغم ان اشكال هذه المعابد العامة وانماط زخرفتها تأثرت بالفنون المعمارية الرومانية التي كانت سائدة في تلك الايام، فان تخطيطها يبدو مشرقياً سامياً صرفاً، على ما يشير تعاقب الباحات الذي لا يسمح لاي زائر ان يتخطى الحدود التي تفرضها عليه طقوس العبادة.
ويلفت، في التقنية المعتمدة للبناء، اعتماد البنائين قطع حجارة عملاقة من المقالع المحيطة ببعلبك يقدر وزن كل حجر منها بمئات الاطنان ما يدل الى ان المشروع لم يكن نتيجة قرار محلي بل كان مشروعاً قامت به الدولة الرومانية وتعاقب اباطرتها على تحقيقه طوال 400 سنة من الزمن بهدف نشر الحضارة الرومانية في هذه المنطقة. اما في بعلبك المعاصرة فاقام البعلبكيون ابنيتهم حول القلعة الاثرية وحوّلوا محيطها الى بساتين واقاموا فنادق ومقاهي قليلة. ويقوم عدد من اهالي المدينة ببيع التحف التذكارية والصور والبطاقات البريدية الى السياح، فيما جهّز بعضهم جمالاً وزينوها لنقل السياح من المواقف الى مدخل القلعة مقابل بدلات زهيدة.
ويستوقف زائر بعلبك عند مدخل المدينة مقلع قديم كانت تقتلع منه حجارة القلعة، ولا يزال احد الحجارة العملاقة في موقعه منذ ألفي عام ويطلق عليه "حجر الحبلى". وتبلغ مقاساته 5،12 متراً× 4 امتار× 5،4 امتار. ويقدر وزنه بنحو ألفي طن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.