يتكهن السيد الصيداوي في مقاله "الحياة"، أفكار، 19/5/1999 باندلاع الصراع مرة أخرى بين جناح الجيش الجزائري ورئيس الدولة الجديد عبدالعزيز بوتفليقة. وتنطلق رؤية الكاتب من قراءة منطلقها "فهم سوسيولوجي تاريخي لطبيعة هذا الصراع..." حسب وصف الكاتب، وهو يعبر بحق عن "طبيعة النظام الماسك بمفاصل الحكم منذ استقلال البلاد، وعن الطبيعة المميزة لرجالات هذا النظام". لا يخفى على أحد ان ميكانزمات ممارسة الحكم داخل هذه المطابخ تخضع لمبدأ مقدس لا يجرؤ أحد على انتهاكه ... مبدأ يتمثل في احترام مصالح كل طرف داخل الحكم مهما نشب من اختلاف بين هذه الأجنحة. وعلى رغم الغياب التام لأي تجانس ايديولوجي لدى أصحاب القرار، استطاع هذا الرهط البقاء على رأس الدولة منذ استقلال البلاد. وما يعزز هذا الانطباع، ذلك التنوع "الراديكالي" في مشارب الحكومات المتعاقبة من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين من دون أن يحدث تغيراً يذكر لا في توجه البلاد ولا في الرجال القائمين عليه. فإن دل ذلك على شيء، فإنما يدل على أن تلك الحكومات المتتالية والرؤساء المتعاقبين ما هم سوى واجهات يتخندق خلفها أصحاب القرار الفعليون، فيتم الاستغناء عن الواجهات ساعة استنفاد الدور، ويبقى الثابت الذي لا يسمح المساس به: مصالح الجنرالات. وفي السلف خير عبرة: الشاذلي ازيح بانقلاب، من امضاء يديه، لأسباب يعرفها العام والخاص. بوضياف قتل شر قتلة لما بدأ "يحشر انفه" أبعد مما جلب من أجله. زروال "أوجزوا ولايته" صورة راقية لإحدى النماذج في التداول السلمي للسلطة، والآن جاء دور بوتفليقة، فما هم فاعلون به أو ماذا هو فاعل بهم؟ معروف عن الرجل بوتفليقة مزاجه المشاكس وطموحاته التي قد تتعدى "الخطوط الحمر" المسموح بها عند الجنرالات ويصعب على ضوء كل ما سبق التكهن بمآل الرجل وأي مصير سيكون حليفه؟ سباق محموم بين نموذجين، لمن تكون الكلمة الأخيرة؟ الرباط - عكاشة أبو لقمان