صدر أخيراً في الولاياتالمتحدة كتاب "كل رجل نمر"، للروائي الأميركي الشهير توم كلانسي، بالتعاون مع الجنرال المتقاعد تشاك هورنر، قائد سلاح الجو الأميركي التاسع، قائد الوحدات الجوية التابعة للقيادة المركزية الأميركية سنتكوم أثناء حرب الخليج ضد العراق. وحصلت "الحياة" على الحق الحصري لنشر الكتاب بالعربية. تحدث الجنرال هورنر في الحلقات السابقة عن استعدادات التحالف الدولي للدفاع عن المملكة العربية السعودية ضد هجوم عراقي محتمل عملية "درع الصحراء"، ثم عن تفاصيل الحرب الجوية التي اطلقها التحالف في 17 كانون الثاني يناير 1991. ويتناول في الحلقة الحالية بداية عملية "عاصفة الصحراء"، اي الحرب البرية التي شنها التحالف لتحرير الكويت بدءاً من 24 شباط فبراير. قامت خطة الحملة البرية لتحرير الكويت على هجوم التفافي هائل مستند في الوقت نفسه الى هجوم مباشر على الكويت، ولذا وجب نقل القوات البرية المخصصة لذلك الهجوم الى الغرب من مناطق انتشارها الأصلي. وكانت السرية ضرورية للخطة، وأصر عليها القائد العام أشد الاصرار. وكما قلنا سابقاً فقد وصل في تشدده الى حد منع الجيش من أي تحرك قبل بدء الحرب الجوية، خوفاً من ان يكتشف الطيران العراقي استعدادات التحالف لسحق الدفاعات العراقية بالالتفاف عليها. سبّب هذا الأمر مشكلة كبيرة للفيلق الجوي 18 بقيادة الجنرال غاري لاك الذي كان عليه نقل أكثر من 15 ألف جندي مع معداتهم الى نقطة انطلاق تبعد اكثر من 400 ميل غرب موقعه الأصلي، على طريق التابلاين الضيق الذي كان سيسلكه وقتها في الاتجاه نفسه الفيلق السابع بقيادة الجنرال فريد فرانكس. وتمكن لاك في الوقت المناسب، بالتعاون مع قائدي فرقتيه، الجنرالين مكافري وبيي، من ايجاد حل لهذه المشكلة الصعبة. ولكن علينا في الوقت نفسه ان نذكر ان الجنرال لاك تمتع بميزة مهمة على فرانكس وفيلقه المكون من الدروع الثقيلة، وهي سهولة نقل الفيلق 18 جواً. والواقع ان الفرقة المنقولة جواً وفرقة الهجوم الجوي 101 كانتا مهيئتين أصلاً للنقل الجوي. وهنا يدخل على القصة الجنرال ايد تينوسو واسطوله من طائرات النقل "سي 130". وتلخصت المهمة الرئيسية لهذه الطائرات، حتى لحظة التحرك الى الغرب، الشحن اللوجستي لدعم كل قوات التحالف ولكن مع التركيز على القوات الأميركية. وكان الجنرال داين ستارلنغ، قائد لوجستيات الجنرال شوارزكوف، المسؤول عن وجهة هذه الطائرات. في المراحل المبكرة من "درع الصحراء" نظّم بيل رايدر، المسؤول عن لوجستيات طيران "سنتكوم"، ومدير نقلياته بوب ادمنستون، خطاً جوياً من طائرات "سي 130" في مسرح العمليات. وقامت هذه الطائرات برحلات منتظمة للركاب باسم "خطوط ستار"، وللبضائع باسم "خطوط الجمل". وكان تحديد الأولويات للخطين بيد ستارلنغ، فيما كان التنفيذ على جهاز الطيارين الذي يقوده تينوسو. وتوسع هذا النشاط ليصبح عملية كبرى قبل التحرك الى الغرب، الا ان جهود النقل الجوي التي رافقت التحرك كانت مذهلة ولم تلق ما تستحق من التقدير، فقد كانت طائرات "سي 130" تهبط مرة كل خمس او عشر دقائق على مدار الساعة، وعلى مدار اليوم طوال اسبوعين كاملين بعد بداية الحرب الجوية في 17 كانون الثاني يناير. ونجحت العملية في نقل جيش هائل الحجم الى اماكن قصية مثل رفحة على بعد مئات الأميال على طريق التابلاين، في قوافل متواصلة من طائرات "سي 130". ولكن بعد ان اكملت الجيوش تحركها الى الغرب وانتقلت القوات جنوبالكويت الى خطوط الهجوم تبين ان العدو الحقيقي كان الظروف الجوية. الظروف الجوية - العدو وها هو الجنرال هورنر يواصل القصة: مع تقدم شباط فبراير وجهت واشنطن ضغوطاً كبيرة الى الجنرال شوارزكوف لكي يطلق الحرب البرية قبل ان يتمكن الجيش العراقي من التفاوض على استسلام يمكنه من مغادرة الكويت مع ما بقي من دباباته ومدافعه. واختير يوم الرابع والعشرين من الشهر لبدء تلك الحرب. قبل أيام من ساعة الصفر عقدنا في الرياض اجتماعنا الأخير. وجاء الى العاصمة الجنرالات فرانكس ولاك وبومر لاطلاع شوارزكوف على اللمسات الاخيرة لخططهم، فيما قام بالمهمة نفسها الى الأمير خالد بن سلطان قادة القوات المصرية والسورية والسعودية والخليجية. واذ بدا التوتر على الحضور اثناء الاجتماع، لأنه كان يخصهم مباشرة، فقد اختلف الأمر بالنسبة إلي. ذلك ان مسؤولين غيري كانوا سيقدمون تقاريرهم الى القائد العام، مما اتاح للطيران اخيراً فرصة الاستراحة الى حد ما بعد 37 يوماً كان فيها "الفارس الوحيد" في الميدان. هكذا استرخيت في الكرسي عند بداية الاجتماع، متسائلاً في ذهني هل تنفذ تلك الخطط بدقة، ام ان كثيرين سيواجهون الموت بشجاعة ولكن دون مبرر، فيما يموت غيرهم بسبب اخطائنا في القيادة. وقدم الجنرالات الأميركيون الثلاثة تقاريرهم الى الاجتماع بهدوء ودقة، ولم تكن هناك مفاجآت. بعد ذلك وقف المسؤول عن الأرصاد ليقدم توقعاته للجو ليل 23 - 24 شباط. وقال انها ستكون ليلة شنيعة من الأمطار والرياح والغيوم والبرد والعواصف الوحلية، وان الغيوم ستكون ملامسة للأرض، اي ان مجال الرؤية سيقاس بالياردات وليس بالأميال. لم يكن هذا بذاته امراً بالغ السوء، اذ ان جيش العدو كان سيعاني من السلبيات نفسها، بل ان مشاكله ستكون أصعب، لأن عليه رؤية الجنود المهاجمين لكي يستطيع توجيه النيران إليهم. لكن الجو السيء كان سيواجهنا بمشكلة رئيسية، وهي منع طائراتنا وهليوكبتراتنا من تقديم الدعم الأرضي المباشر للمهاجمين. ولن يقتصر ذلك على حرمانهم من قدرة الطىران على تدمير تحصينات العدو التي تعوق تقدمهم، بل كانوا سيواجهون اشد الخطر اذا تمكنت المدفعية العراقية من حصر هذه الوحدة او تلك في حقول الألغام. وكما كان متوقعاً بدا على شوارزكوف القلق الشديد، اذ انه اعطى الأولوىة دوماً، على رغم الضغوط القوية عليه، للبدء بالحرب البرية، الى مسؤوليته عن جنوده وحرصه على عدم التفريط بأرواحهم. من هنا كان مستعداً لتأجيل الهجوم أياً كانت الضغوط من واشنطن، ومهما كلفه رفضه تلك الضغوط. وهكذا عندما قدم المسؤول عن الأرصاد الجوية تقريره السلبي بدا التأثر واضحاًَ على شوارزكوف، وتهدل كتفاه وأسند رأسه الى راحتيه. قبل ذلك كان المسؤول عن الأرصاد الجوية التابع لي، الكولونيل جيري رايلي، اعطاني تقريراً عن توقعاته لليلة 23 - 24 شباط. وعرف عن رايلي دوماً دقة توقعاته التي جاءت خليطاً، من جهة، من الاستقراء للمعلومات العلمية من الاقمار الاصطناعية والطائرات فوق مسرح العمليات ومحطات الأرصاد في انحاء العالم، ومن الجهة الثانية من حدسه الغريزي. وأكد لي رايلي قبل اجتماع شوارزكوف ان توقعات خبراء "سنتكوم" للاحوال الجوية خاطئة، وأن أسوأ ما نتوقع تلك الليلة سيكون غيوماً على ارتفاع ألف الى ألفي قدم، مع مطر وضباب خفيفين يتركان مجالاً للرؤية يصل الى ثلاثة أميال. وصدقت توقعاته فوراً. فقد واصل طوال اكثر من خمسة أسابيع تقديم توقعات مذهلة في دقتها عن الجو في العراقوالكويت... وأكد لي ان الجو ليلة الهجوم البري، على رغم انه لن يكون مثالياً، سيسمح لطائراتنا بالتحليق تحت الغيوم واصابة الأهداف الأرضية المطلوبة. هكذا جلست وفي حوزتي معلومات ايجابية عن الجو اعتبرتها موثوقة، فيما كان شوارزكوف يعاني تحت وطأة المعلومات السلبية من خبيره الجوي. في تلك اللحظة اتخذت خطوة لم اكن اعتقد ابداً انني سأقوم بها. فقد وضعت يدي على كتفه وهمست في اذنه: "اسمع يا رئيسي. لدي خبير جوي كانت توقعاته دقيقة دوماً في الأسابيع الستة الماضية، وهو يؤكد لي ان الجو لن يكون بهذا السوء. انه يقول إن أسوأ ما يمكن ان نتوقع هو غيوم على ارتفاع الفي قدم ومجال رؤية من بضعة أميال. انه وضع يمكننا التعامل معه. واعدك بأننا سنقدم الدعم الجوي المباشر الذي يحتاج إليه جنودك. ثق بي، الجو سيكون على ما يرام". لا اعرف هل صدقني أم لا، ولكن بدا ان عبئاً زال عن كاهله، وواصلنا الاجتماع. في الاخير صدر الأمر بشن الهجوم في الموعد المقرر. ولكن عندما بدأت الوحدات بهجومها على الكويتوالعراق، جاء ذلك في اسوأ ظروف جوية واجهناها طوال الحرب، بأمطار غزيرة وضباب وغيوم قريبة واوحال في كل مكان. ولما كان جنودنا مستعدين فيما عانى العراقيون من الانهاك اطلقنا هجوماً برياً سرعان ما اتضح انه سينتهي في وقت اسرع، وبخسائر أقل، مما جرؤ احد على ان يحلم. اذن فان خبيري الجوي لم يخطىء في النهاية، وكان الجو في وضع يسمح ببدء الحرب البرية. لكنه اخطأ في تقديره للأرقام، لأنها كانت في غالب الأحوال شنيعة، أي مجال الرؤية: صفر، سقف الغيوم: صفر! الحرب البرية في الرابعة من فجر 24 شباط 1991 بدأت حرب تحرير الكويت. ذهبت باكراً تلك الليلة الى مقر قيادة الطيران، وكانت التقارير الجوية سيئة، اذ اكدت على البرد والضباب والأمطار والرياح. ومع اقتراب الصباح انتظرنا التقارير عن سير العمليات، وسادت الغرفة اجواء التوتر، بل حتى الرهبة. مع ذلك شعرنا أيضا بالارتياح، لأن تلك اللحظة بالنسبة إلى الطيارين مثّلت المرحلة الأخيرة من صراع طويل صعب. ببساطة، كنّا منهكين. حاولت أن أتصور ما كان يواجهه المارينز خلال تقدمهم بين الاسلاك الشائكة وحقول الألغام، وانتظارهم الدائم لانهمار قذائف العدو عليهم، وخيار الصمود او الانسحاب وقتها. كنت اعرف ان المعلومات ستأتينا في الدرجة الأولى من المارينز وفيلق المنطقة الشرقية. فقد كان من الصعب متابعة تحرك الفيلق المحمول جواً 18 والجيش الفرنسي في الغرب، اذ انتشرت تلك الوحدات مسافة اميال كثيرة عبر الصحراء. وعلى رغم ان غاري لاك الفيلق 18 لم يجد أمامه تلك التحصينات الكبرى التي واجهها والت بومر المارينز فقد كانت له مشاكله الخاصة. ذلك ان مهمته كانت قيادة قواته وذيولها اللوجستية الى اعماق العراق قبل ان يكتشف العراقيون وجودهم، ثم اتخاذ مواقع لقطع الطريق امام القوات العراقية المتراجعة امام فريد فرانكس وفيلقه السابع والوحدات البريطانية وفيلق المنطقة الشمالية. توقيت هجوم فرانكس الرئيسي كان في الخامس والعشرين من الشهر. كنا نعرف بالطبع ان الجيش العراقي في حال من الانهيار، وان صدام حسين بذل محاولات يائسة للهرب من ساحة المعركة والكويتالمحتلة عموماً. وأبلغ الروس البيت الأبيض، قبل ساعات من الهجوم، رسالة يائسة تؤكد نية الانسحاب غير المشروط من الكويت اذا أوقفنا النار 21 يوماً. لكن هذا كان مستحيلاً. فقد أردنا تدمير جيشهم، ولذا لم يمكن السماح له بالانسحاب بمعداته. وكان جوابنا: "أمامكم 24 ساعة للانسحاب وليس ثلاثة أسابيع". كانت طائرات الهليكوبتر "أباشي" المغيرة على الأهداف العراقية في جنوبالكويت أبلغتنا منذ 20 شباط أن ضوضاءها كانت تجذب الجنود العراقيين من تحصيناتهم ليستسلموا. وأكد هؤلاء الأسرى ان وحدات بكاملها تنتظر هجوم الحلفاء لكي تستسلم. على رغم ذلك بقيت للجيش العراقي تشكيلات كثيرة يمكنها الحاق الخسائر بقوات الحلفاء. من هنا ليس لنا ان نضع حدوداً على امتداح شجاعة تلك الوحدات البرية الأولى التي تلمست طريقها بعناية الى داخل العراقوالكويت في تلك الليلة الباردة المطيرة، ليلة بدء الحملة البرية. تقدم سريع وانهيار التقارير الأولى كانت متضاربة. وفاقم سوء الأحوال الجوية من الفوضى المتوقعة، كما كانت امام الوحدات المهاجمة مشاغل أهم من مراسلة مقرات القيادة. بعد ذلك انتظمت التقارير أكثر وبدأت الخطوط على خرائط القيادة بالتحرك. ولكن لم ترد تقارير عن اشتباكات، بل ركز الجميع على الحركة البطيئة المرهقة للفيلقين في الشرق اللذين دخلا الكويتالمحتلة. الأهم كان عدم ورود تقارير عن خسائر. في ضحى ذلك اليوم بدأ مقر "سنتكوم" بارسال المعلومات الينا. وكان من بينها ان المارينز اجتازوا الأسلاك الشائكة وحقول الألغام، وان سرعة تقدمهم تعادل خمسة الى عشرة أضعاف السرعة المتوقعة، كما ان العراقيين يستسلمون بأعداد صار من الصعب التعامل معها من قبل وحدات المشاة المتقدمة. خلال ذلك كانت الطائرات تجول في سماء المعركة مغيرة على الفرق المدرعة وفرق الحرس الجمهوري التي كانت، كما اعتقدنا، تتهيأ للتحرك نحو هجوم مضاد. وعلى رغم اعاقة الجو لنا فقد القينا بألوف القنابل على مواقع العدو لعرقلة تحركه في أي اتجاه. ولم تلحظ منظومات الاستطلاع الجوي اية تحركات مهمة للعدو، بل بقي الجيش العراقي جامداً في مكانه. بحلول ظهر اليوم نفسه بدا ان الموقف العراقي انهار تماما. وعلى رغم عدد من الاشتباكات العنيفة لم تتحقق اسوأ مخاوفنا. وتبين ان العدو اخلى مواقع مدفعيته، وقضي بسرعة على الدبابات التي حاولت وقف تقدم المارينز. وتقدم فيلق المنطقة الشرقية حثيثاً على يمين قوات الجنرال والت بومر، كاشفاً جناح المواقع الدفاعية العراقية التي كان هدفها التعامل مع الانزال البحري المزعوم. عندما اتضح ان تقدم المارينز كان اسرع بكثير من المتوقع ادركت ان ذلك سيعرقل الخطط التي وضعت للهجوم الرئيسي. فقد كانت الخطة الأصلية ان يشن بومر والفيلقان المسلمان هجوماً مباشراً على الدفاعات العراقية، لكي يعتقد صدام حسين أن هذا هو الهجوم الرئيسي. ولكن كان على غاري لاك الاندفاع شمالاً ثم الانعطاف شرقاً خلف الجيش العراقي، لقطع خط الانسحاب. وبعد 24 ساعة من عبور الوحدات الأولى الى الكويت، اي ما يسمح للعراقيين بالتفاعل مع الهجوم في الشرق الذي يقوم به فيلق المارينز والفيلقان المسلمان، كان على الفيلق الثامن في الغرب ان يوجه ضربة ساحقة الى جناح الحرس الجمهوري والفرق المدرعة الأخرى كان غالبها في شمال غربي الكويت اثناء تحركها يساراً لصد الهجوم الرئيسي الزائف في الشرق. عواصف الجو لكن العراقيين لم يتصرفوا كما كان متوقعاً. وبقيت فرق الحرس الجمهوري والفرق المدرعة مكانها اثناء تقدم الهجوم في الشرق. وربما كان السبب خوفهم من ان التحرك سيعرضهم للهجوم الجوي كما حصل في الخفجي. أثناء ذلك كان تقدم المارينز وفيلق المنطقة الشمالية يكشف ميسرتهم في شكل متزايد الى وحدات الدرع العراقية المنشورة غرب مدينة الكويت. وكان الحل الوحيد تقريب موعد اطلاق الفيلق السابع، لكي يضطر جنود الحرس الجمهوري وغيره من وحدات الدروع العراقية الى البقاء في مواقعهم، فيما يستطيع هو حماية المارينز وفيلق المنطقة الشمالية. عندما سمعت أن شوارزكوف كان يفكر في هذا الحل، أدركت انه مضطر إلى ذلك، لكنه سيخلق مشاكل للجنرال فرانكس. ذلك ان تنسيق حركة مجموعة كبيرة من البشر والمعدات نحو هدف واحد مهمة صعبة، سواء كانت تلك مجموعة من تلامذة الصف الثالث او فيلقاً عسكرياً على وشك الاشتباك مع قوة معادية كبيرة. أضف الى ذلك وضع الجو، عندما كان مجال الرؤية يقاس بالاقدام والياردات، والرياح التي يختلط فيها الرمل بالمطر والضباب، لكي ينتج ما سميناه "عواصف الأوحال"... بعد ذلك بقليل اصدر شوارزكوف امره الى الفيلق السابع بتقديم موعد الهجوم، وهكذا، في فترة قصيرة، كانت كل الفيالق الخمسة في العراقوالكويت. وبدأ الجو بالتحسن، ولكن تراجعت طلبات الدعم الجوي المباشر من القوات البرية فقد كانت المقاتلات تتقدم القوات البرية الزاحفة في العراقوالكويت. في السابق، عندما كانت الحرب جوية فقط، عملنا كل ما يمكن للتخفيف من الخسائر في الطائرات. وجاء في الأوامر التي اصدرتها وقتها أن "ليس من هدف معاد يستحق واحدة من طائراتنا. واذا لم تستطيعوا اصابته اليوم بسبب الجو أو الدفاعات المعادية، اذهبوا الى هدف آخر وسنعود الى الهدف الأول غداً". اما الآن فجاءت الأوامر مخالفة تماما: "مساعدة الرجال على الأرض واجب مقدس عليكم. اذا احتاجوا إليكم لا بد من الذهاب حتى لو كان هناك احتمال كبير لاسقاطكم أو موتكم... حان الآن وقت المجازفة بطائراتكم وحياتكم، لأنهم على الأرض يشتبكون في القتال وهم بالتأكيد يجازفون بحياتهم". الحلقة الاخيرة:الثلثاء المقبل.