على رغم المنافسة الحادة التي تشهدها صناعة الطيران سواء على الصعيد العربي او العالمي، الا ان غالبية العاملين في هذه الصناعة والمسافرين العاديين يعترفون بأهمية انجازات ونجاحات شركة "طيران الامارات" التي تتخذ من دبي مقراً لها على رغم عمرها المتواضع في هذه الصناعة الذي لا يتجاوز 15 عاماً، وحجم اسطولها الصغير مقارنة بالعمالقة في اوروبا واميركا وآسيا. فقبل أقل من 15 عاماً وتحديداً في تشرين الأول اكتوبر عام 1985، انطلقت شركة "طيران الامارات" حاملة علم دولة الامارات، انطلاقة متواضعة بطائرتين مستأجرتين وبرأسمال متواضع لا يتجاوز العشرة ملايين دولار خصصته حكومة دبي، وسط اجواء من المنافسة المحلية والاقليمية الشديدة سواء على صعيد الركاب او على صعيد حقوق الطيران، كون الناقل الرسمي للامارات آنذاك كان "طيران الخليج" الذي تشارك في ملكيته حكومة ابو ظبي الى جانب قطر والبحرين وسلطنة عمان. وكان التحدي الأبرز الذي يواجه الشركة الوليدة آنذاك يكمن في تنفيذ توجيهات محددة من قبل صاحب الفكرة ولي عهد دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، التي تتلخص في هدف رئيسي هو في ايجاد شركة طيران قادرة على مواكبة النمو والموقع الذي باتت تحتله دبي في أوساط المال والأعمال والسياحة، ضمن ارقى مستويات الجودة، وان يكون عملها مبنياً على اسس تجارية لتكون شركة رابحة لا تستعين بدعم حكومي الا في الحدود الضيقة من خلال استخدام التسهيلات المتوافرة في المدينة ومطارها الدولي. وبعد 14 عاماً تقريباً، نجحت "طيران الامارات" في ان يكون لها شأن في صناعة الطيران الاقليمية والعالمية، وباتت تتصدر شركات الطيران شرقاً وغرباً في حصدها للجوائز التي تقدمها صناعة السفر الجوي في العالم وبينها فوزها بجائزة أفضل شركة طيران في العالم ثلاث مرات، اضافة الى الجوائز الخاصة بأفضل خدمة وأفضل درجة سياحية ودرجة رجال أعمال وغيرها ليصل رصيدها في هذا المجال الى أكثر من 130 جائزة متنوعة. وربّ قائل ان تلك الجوائز وهمية والجهات المانحة لها غير موثوقة كونها تكتل دور نشر هدفها الأول والأخير الاعلان، وجوائزها مرتبطة بالتالي بحجم الانفاق الاعلاني للشركات، لكن المسؤولين في "طيران الامارات" يردون على ذلك بالقول: "معظم شركات الطيران في العالم هي شركات معلنة، وانفاق طيران الامارات في المجالات المتخصصة لا يتجاوز في أكثر الأحيان عشرة او عشرين في المئة من حجم اعلان الشركات العملاقة مثل البريطانية والسنغافورية ولوفتهانزا مثلاً". ولم تعد "طيران الامارات" التي أناطت حكومة دبي بشيخ شاب تخرج عند تأسيسها حديثاً من إحدى الجامعات الاميركية هو أحمد بن سعيد آل مكتوم رئاستها، شركة صغيرة لجهة الأسطول، بل باتت الآن ثالث أكبر شركة طيران عربية بعد "السعودية" و"طيران الخليج"، وهي مرشحة لتكون ثاني اكبر الشركات بحلول سنة 2002 عندما تتسلم مجموعة من الطائرات الحديثة تعاقدت عليها اخيراً ليصل حجم اسطولها الى 40 طائرة، سيكون الأحدث في العالم بمتوسط قدرة أقل من العامين للطائرة الواحدة، أما على صعيد الركاب فهي ثالث اكبر الشركات العربية بعد "السعودية" و"طيران الخليج" بعدد ركاب يتجاوز أربعة ملايين سنوياً، في حين تعتبر الأولى عربياً على صعيد النقل الجوي الخارجي اذ نقلت العام الماضي اكثر من 200 ألف طن من الشحنات جواً. ويقول الشيخ احمد المكتوم: "شركة طيران الامارات اصبحت من الشركات الكبرى في الشرق الأوسط وحققت نجاحات كبيرة على رغم عمرها المتواضع الذي يبلغ 14 عاماً واستطاعت التحول خلال المدة المذكورة من شركة برأس مال متواضع جداً عند التأسيس الى شركة تقدر قيمتها بأكثر من خمسة بلايين دولار". نتائج اما الجانب الأهم في العملية التجارية ان تلك النجاحات تحققت في ظل تحقيق أرباح جيدة على الأقل على مدار السنوات الأربع الماضية، إذ نمت أرباح الشركة بمعدل تجاوز 20 في المئة سنوياً، ففي الموازنة الأخيرة لطيران الامارات التي اعلنت الشهر الماضي بلغت الأرباح 313 مليون درهم 2،85 مليون دولار بزيادة قدرها 3.19 في المئة عن السنة المالية 1997/ 1998 والتي حققت فيها أرباحاً بلغت 263 مليون درهم. ووصف الشيخ أحمد المكتوم العام الماضي بأنه "قاس" إذ شهد عدد من البلدان التي تخدمها "طيران الامارات" اضطرابات وأزمات اقتصادية وتدنياً في قيمة العملات المحلية وخصوصاً في شرق آسيا، بينما طغت على الأسواق الدولية سياسات تجارية عنيفة تبنتها صناعة الطيران العالمية. وقال: "اضطررنا الى عصر النفقات مع التأكيد على ان مستويات الخدمة التي نقدمها لم تتأثر أو تتدنى بسبب هذه السياسات"، مضيفاً ان "المنافسة الكبيرة التي واجهتها المجموعة أدت الى انخفاض نسب الأرباح على العوائد من مبيعات السفر والشحن". ونظراً الى استمرار الأوضاع الاقتصادية الصعبة في العديد من الدول التي تطير اليها، توقع ان تتمكن الشركة من المحافظة على نتائج جيدة في السنة المالية الجارية مماثلة لتلك المحققة في العام المالي الماضي، الذي نجحت فيه في النمو. وقال: "مجرد تحقيق نتائج مماثلة يعتبر انجازاً في هذه الظروف". ولفت رئيس المجموعة الى اتجاهها نحو الاستثمار في الصناعة الفندقية بافتتاحها أول منتجع بيئي لها في الشرق الأوسط أطلقت عليه اسم "المها" وهو فندق فخم يضم 30 جناحاً فقط على أرض مساحتها 25 كيلومتراً مربعاً كلف نحو 5.12 مليون دولار. وقال ان المجموعة تعتزم الاستثمار في فندق ستتم اقامته في امارة الفجيرة وآخر في مدينة حتى بدبي، وخصصت لهذا الغرض نحو 75 مليون دولار. ونقلت "طيران الامارات" عدداً أكبر من الركاب على متن اسطولها الذي يطير الى 47 وجهة حول العالم اذ ارتفع اجماليهم بنسبة 5.15 في المئة عن العام المالي 1997/ 1998 ووصل عدد المسافرين الى 25.4 مليون راكب كما زادت القدرة الاستيعابية المقعدية التي بلغت 5.16 في المئة في حين بلغ متوسط حمولة الركاب السنوي 5.74 في المئة. اما نسبة الحمولة فاستقرت عند 69 في المئة فيما ساهمت عمليات الشحن الجوي في توفير 2.15 في المئة من العائدات التشغيلية للشركة اذ نما حجم الشحنات التي نقلتها الشركة في العام المالي الماضي بنسبة سبعة في المئة ليصل المجموع الى 2.214 طن. واستكملت الشركة استلام تسع طائرات من الجيل الجديد "بوينغ 777" خلال العام المالي 1998/ 1999 وتسلمت اثنتين من طلبية طائرات "ار باص أ330- 200" المؤلفة من 17 طائرة، كما وقعت على عقد لشراء ست طائرات "ار باص أ 340 - 500" كطلب مؤكد مع حق شراء عشر طائرات أخرى في عقد بلغت قيمته 8.8 بليون درهم 2.2 بليون دولار. وأضافت "طيران الامارات" في العام المالي الماضي ثلاث محطات جديدة الى شبكة خطوطها بإضافة بيشاور وإسلام أباد ولاهور في باكستان، ليصبح معها عدد المحطات التي تسير اليها "الامارات" خطوطها 47 محطة في 37 دولة في حين افتتحت مكاتب في اوغندا ومومباسا وطرابلس الغرب ومن المتوقع ان تفتح في تشرين الثاني نوفمبر المقبل خطاً جديداً الى ميونيخ. تحسين الخدمات وأعلنت "طيران الامارات" انها ستنفق 56 مليون دولار خلال السنوات الأربع المقبلة لتحديث انظمة الاتصالات والخدمات الترفيهية على متن اسطولها. وقالت ان ركابها سيتمكنون اعتباراً من السنة المقبلة ببث رسائلهم الالكترونية وإرسال فاكس عبر الأقمار الاصطناعية مباشرة من أجهزتهم الخاصة اذ وقعت اتفاقاً بهذا الصدد مع شركة نظم الكترونيات الطيران "ماتسوشيتا" اليابانية لتزويد طائرات الاسطول الجديد بنظم الاتصالات والترفيه الجوية. وتضمن العقد تزويد وتركيب وصيانة نظم التلفزيون الشخصي والاتصالات الجوية لطائرتي الجيل الجديد "بوينغ 777" المقرر، ول 17 طائرة "ار باص أ 330 - 200" بدأت بتسلمها ابتداء من سنة 1999 وحتى سنة 2002. وتقول الشركة ان قرار شراء النظام المذكور "يأتي بعد تقويم دقيق لحاجات اسطولنا الحالية والمستقبلية ومقارنتها مع نظام يستطيع تلبية هذه الحاجات. لتكون بذلك "طيران الامارات"اول خطوط جوية تستخدم نظم ماتسوشيتا 2000 ئي على متن طائرة أ 320 - 200 وأول شركة طيران تطبق تقنية الأشعة تحت الحمراء على شاشات الفيديو التي تعمل باللمس". ويضم النظام جهاز هاتف في كل مقعد، وجهاز فيديو في كل مقعد من مقاعد الدرجة الأولى، وسيتم تزويد كل طائرة بجهاز فاكس مركزي ونظام شاشات العرض الفوقية الكبيرة لعرض خط سير الرحلة وتعليمات السلامة والأفلام الترويجية. فيما يشمل العقد الصيانة الكاملة وخدمات المساعدة. كذلك يتضمن العقد تزويد جميع المقاعد بمقابس لأجهزة الكومبيوتر الحضني والمودم إضافة الى مقابس مركزية لشحن بطاريات الكومبيوتر مما سيسمح للركاب ببث رسائلهم الالكترونية وإرسال فاكس عبر الأقمار الاصطناعية مباشرة من أجهزتهم الخاصة وهم جالسون على مقاعدهم. وكانت طيران الامارات في سنة 1992 أول من أدخل نظام التلفزيون الشخصي الى مقاعد الدرجة السياحية على طائراتها في العالم، وفي عام 1994 كانت أول شركة طيران أيضاً تزود جميع طائرات اسطولها وعلى جميع المقاعد بالنظم المذكورة بما فيها آلة الفاكس الجوي. تدريب وعلى الصعيد الداخلي لدى "طيران الامارات" مركز متطور للتدريب هو الأحدث من نوعه في المنطقة لتلبية متطلبات تدريب 12 ألف شخص من العاملين في طيران الامارات ودناتا. ويقع المركز على ارض مساحتها 38 ألف متر مربع ويضم اربعة أقسام هي: العمليات الجوية وتدريب طاقم الخدمات الجوية والتدريب الهندسي والاداري. ويتألف كل من هذه الاقسام من مواقع للتدريب وورشة عمل خاصة به اضافة الى مراكز ترفيهية.