الإنطباع السائد لدى الاوساط الديبلوماسية الفرنسية ان لدى كل من سورية واسرائيل رغبة حقيقية في استئناف سريع لمفاوضات السلام، منذ تولي ايهود باراك رئاسة الحكومة الاسرائىلية، وان الكلام الذي نقله الصحافي باتريك سيل ل"الحياة" عن الرئيس السوري حافظ الأسد عن باراك عاد الرئيس السوري وأكده لعدد من زواره الغربيين. فقد نقلت مصادر مطّلعة عن الأسد "ان سورية تعرف باراك، وتعتبر انه جدّي ويمنكها استئناف التفاوض معه سريعاً، وانه عازم التوصل الى اتفاق سلام شامل وغير مجزأ مثلما حصل على المسار الفلسطيني، الموزّع على ملفات متعددة". وقالت "ان سورية ادت دوراً على صعيد تهدئة الوضع في جنوبلبنان بعد التدهور الذي شهده اخيراً". وفي قراءة لبعض الاوساط الغربية المطلعة، ان العلاقة بين سورية و"حزب الله" متماسكة على رغم ان تحركات الحزب غير خاضعة لتوجيهات يومية من سورية التي تتدخّل عندما تقتضي الاوضاع مثل هذا التدخّل. وعلمت "الحياة" ان لدى فرنسا رغبة حقيقية في تنشيط العلاقات في سرعة مع باراك علماً ان زيارة الموفد الفرنسي مدير دائرة شمال افريقيا والشرق الاوسط في وزارة الخارجية ايف اويان دو لاميسوزيير لم تكن فاشلة مثلما صوّرها الاعلام الاسرائىلي. فقد سلّم الرسالة التي حملها من الرئيس الفرنسي جاك شيراك والموجهة الى باراك، عبر الجنرال زفي ستوفر الذي كان لقاؤه معه ايجابياً وودياً. وبخلاف ما تردد في الاعلام الاسرائىلي لم يطلب دو لاميسوزيير مقابلة وزير الخارجية الاسرائىلية المنتهية ولايته ارييل شارون ولم يكن يتوقع ان يستقبله باراك الذي انقطع عن استقبال الموفدين الاجانب. وتعمل فرنسا الآن جدياً لكي تصدر الرئاسة الاوروبية الجديدة فنلندا رسالة تأييد وتشجيع لباراك، تكون على نمط ما صدر عن قمة الدول الصناعية الثماني الكبرى. وتأمل فرنسا بأن يتبع زيارة باراك المتوقعة لواشنطن، لقاء بينه وبين الرئاسة الاوروبية، قد يعقد في فنلندا، وزيارات يقوم بها الى باريس ولندن. ورأت المصادر ان لدى الجانب اللبناني مخاوف بالنسبة الى مسألة اللاجئين الفلسطينيين وأن الرئيس اللبناني إميل لحود يرى ان هذه المسألة ينبغي ان تدرج في اطار الحل الشامل. وأشارت الى ان الجانب الفلسطيني وتحديداً رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات قلق ومتوتر ويتخوف من تسريع المفاوضات على المسارين السوري واللبناني اكثر منها على المسار الفلسطيني. وأضافت ان ما يعزز القلق الفلسطيني انعدام الاتصالات بينه وبين باراك منذ فوز الاخير بالانتخابات الاسرائيلية. وأشارت المصادر الى ان دو لاميسوزيير لم يتطرق في اطار المحادثات التي اجراها خلال جولته الى العلاقات الثنائية مع كل من لبنان وسورية، علماً انها شهدت انتعاشاً على الصعيد الفرنسي - السوري بعدما اجرى شيراك اتصالاً هاتفي بالاسد عقب قمة الدول الصناعية الثماني الكبرى. ورأت ان ايفاد شيراك دو لاميسوزيير الى سورية يشكل في حد ذاته مؤشر الى هذا الانتعاش. اما على الصعيد اللبناني، فرأت المصادر ان رسالة شيراك الى لحود التي نقلها السفير الفرنسي في لبنان دانيال جوانو، عقب الغارات الاسرائيلية الاخيرة، وتبعها ايفاد دو لاميسوزيير الى بيروت، اضافة الى اتصال رئيس الحكومة الفرنسي ليونيل جوسبان بنظيره اللبناني سليم الحص، كلها بوادر تساعد على ازالة "الغيمة" على صعيد العلاقات الثنائية. ولدى المصادر انطباع بأن لحود كان مرتاحاً الى التحسن المستجد على صعيد العلاقات. وقالت مصادر غربية مطلعة ان تعليق اجتماعات لجنة مراقبة "تفاهم نيسان" كانت بطلب من اسرائيل وأن لا علاقة لذلك بوجود ازمة بين اسرائيل وفرنسا. وأكدت مصادر أميركية ل"الحياة" ان اللجنة ستستأنف اعمالها بعد تشكيل حكومة باراك.