اظهرت حفلة استقبال اقامها السفير السوري في باريس الدكتور الياس نجمة مدى اهتمام الرئاسة والحكومة الفرنسيتين بتطبيق النهج الجديد في سياسة الرئيس جاك شيراك الرامي الى جعل العلاقات السورية - الفرنسية مميزة وممتازة. وكانت الحفلة مناسبة للرئيس الفرنسي ليسلم، عبر مستشاره برنار ايمييه، السفير نجمة رسالة الى الرئيس السوري حافظ الأسد يهنئه فيها بعيد الاضحى. ووجه رئيس الجمعية الوطنية البرلمان لوران فابيوس رسالة تهنئة مماثلة عبر مستشاره كريستوف بوشار. وتميزت الحفلة هذه المرة، مقارنة بالحفلات السابقة، بحضور كبار المسؤولين الفرنسيين وعبّر عما تقوله الاوساط الفرنسية المختلفة ل "الحياة" من ان رئيس الجمهورية ورئيس حكومته الاشتراكية على قناعة بأن لا سلام في الشرق ولا سلام في لبنان أو عودة الى استقراره واستقلاله من دون التعاون والشراكة المستمرة مع سورية. وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية ايف دوتريو انه منذ الزيارة التي قام بها شيراك الى سورية وسمحت بتسوية مسألة الدين، تحسنت العلاقات السياسية والاقتصادية وأصبحت سورية وفرنسا شريكين استراتيجيين في المنطقة، وتربطهما علاقات اقتصادية مزدهرة. وأضاف ان سورية "شريك مهم لفرنسا على صعيد سياستها المتعلقة بمجمل المنطقة، ومنها مسيرة السلام وكل من المسار السوري واللبناني والفلسطيني، والعراق وايران". ومن المعروف ان الرئيس الفرنسي كان وجه دعوة الى نظيره السوري لزيارة فرنسا. وحسب مصادر مطلعة وافق الأسد على الدعوة الا ان تاريخها لم يحدد بعد. ورغم امتناع الاوساط الرسمية في فرنسا عن الخوض في مسألة انتخابات الرئاسة في لبنان، فإن ثمة اقتناعاً سائداً في باريس بأن سورية ستشجع المسؤولين اللبنانيين على التمسك بموعد الانتخابات الرئاسية وان انتخاب رئيس جديد في لبنان سيحقق انفراجاً في الوضع الداخلي اللبناني. الا ان جميع الاوساط في فرنسا تمتنع عن الادلاء بأي رأي حول هذا الاتجاه كون فرنسا حريصة على ان تظهر لسورية ان موضوع الرئاسة اللبنانية موضوع لبناني داخلي، وان فرنسا شيراك وجوسبان تغيرت عن فرنسا الماضي بالنسبة الى تأييد فريق معين في لبنان. وتذكر الاوساط الفرنسية باستمرار بفحوى الرسالة التي بعث بها شيراك الى الأسد عندما زاره وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين في كانون الثاني يناير الماضي، ومفادها ان فرنسا لن تطعن سورية في الظهر وتدفع لبنان الى محادثات منفردة مع اسرائيل، لأنها مقتنعة ان ذلك من شأنه ان يزعزع استقرار لبنان وأمنه، علماً ان سياسة شيراك وفيدرين تعطي اولوية للحفاظ على هذا الأمن. وعندما التقى شيراك نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام، بحثا في موضوع مهم لسورية هو علاقاتها مع المؤسسات الاقتصادية العالمية، بما في ذلك صندوق النقد الدولي الذي يدفع الرئيس الفرنسي سورية باستمرار الى عقد علاقات جيدة معه، ويوجه رسائل بهذا المعنى عبر السفير نجمة. وتوجه الى دمشق في هذا الاطار رئيس صندوق النقد الدولي ميشال كمبدسوس وهو فرنسي. وكانت الجهود الفرنسية ساهمت في تسوية قضية الدين السوري لفرنسا التي تحض سورية على تسوية مشكلاتها العالقة مع بقية الدول الاوروبية.