انعش تشكيل لجنة "إعداد الدستور الدائم" في قطر بقرار أصدره أمير الدولة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الثلثاء الماضي آمال القطريات وطموحهن الجارف في الجلوس تحت قبة مجلس نيابي منتخب بعدما خسرن في انتخابات المجلس البلدي المركزي في 8 آذار مارس الماضي. ذلك ان الحظ لم يحالف خمس مرشحات في "انتزاع" أي مقعد في المجلس البلدي إذ سيطر الرجال على مقاعده ال29. لكن القطريات لم يخسرن التجربة إذ خضن المنافسة بجدارة وسجلن دوراً ريادياً شد الأنظار في منطقة الخليج والعالم أيضاً وما زلن يؤكدن انهن لم يخسرن التجربة ويؤكدن ان "التقاليد والعادات" كانت من أسباب عدم فوز المرشحات. وقالت الشيخة منى بنت سحيم آل ثاني استاذة في التاريخ الحديث في جامعة قطر ل"الحياة" ان الدستور "سيكون للرجل والمرأة معاً" أي سيطبق على "المواطن" سواء كان رجلا أو امرأة ورأت ان الدستور الذي سيوضع في غضون ثلاث سنوات سيكون "نقلة حضارية لقطر" و"سيبني قاعدة ديموقراطية"، واعتبرت ان تشكيل لجنة لوضعه جاء تعبيراً عن توجه ديموقراطي يقوده الأمير". وتمنت ان تنجح المرأة القطرية في دخول "البرلمان" المقبل. ولفتت الشيخة منى التي لعبت دوراً بارزاً في لجنة انتخابية نسائية هيأت المرأة القطرية لخوض الانتخابات البلدية الى أن عدم وصول القطرية الى المجلس البلدي كان من أسبابه "العادات والتقاليد" اذ ان المرشحة لم تتمكن بسبب ذلك من مخاطبة الناخب خطاباً مباشراً". وأكدت ان "المرأة في بلادها لا ينقصها الوعي" لكنها قالت ان "مجتمعنا محافظ، وقفزة الديموقراطية كانت كبيرة ولم يستوعبها المجتمع". وشددت على "انني ضد مقولة ان الرجل والمرأة يتنافسان فنحن مواطنون نخدم قطر سواء كنا رجالاً أو نساء". واعتبرت ان الكلام عن التنافس بين المرأة والرجل مصدره "غربي" لأن "ديننا الاسلامي كرّم المرأة ووضعها في مكانة متقدمة". وبدا واضحاً ان القطريات متفائلات بمستقبل يتيح لهن مشاركة أوسع في شؤون الحياة، وقالت عائشة الكواري باحثة في ادارة العلاقات الثقافية بوزارة التربية انها تتوقع ان ينص الدستور الجديد على "حق المرأة في المشاركة في الانتخابات البرلمانية". وعبرت عن اقتناعها انه "سيحفظ حقوق المرأة السياسية والاجتماعية"، وعززت رأيها بقولها ان المرأة حصلت على مكاسب قبل إعداد الدستور إذ خاضت الانتخابات البلدية وترأس حالياً المجلس الأعلى للأسرة رئيسة المجلس زوجة الأمير الشيخة موزة المسند والأمينة العامة الشيخة حصة بنت خليفة آل ثاني وهناك الدكتورة لولوة المسند، وهي أول امرأة قطرية وخليجية تتولى حالياً منصب الأمينة العامة المساعدة لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية مقرها الدوحة. لكن الباحثة القطرية، وهي صحافية أيضاً دعت لجنة الدستور الى التركيز على "احتياجات المواطن وما يريده من الدستور" و"ان لا يضعوا نصوصاً وهم بعيدون عن المجتمع". وأكدت ان "المواطن يعي الآن حاجاته ومقتضيات الأمور". وتوقعت ان يتضمن الدستور "بنوداً تخدم المرأة"، كما أشارت الى أن اعضاء لجنة الدستور هم من "الجيل السابق والجديد أنصار الانفتاح ورأت ان هذه سمة ايجابية. وقالت حصة المريخي فنانة تشكيلية ل"الحياة" ان "وضع المرأة سيتحسن" في ضوء مرحلة ما بعد الدستور، وتوقعت ان تدخل القطرية مجالات عمل جديدة. لكنها شددت على "اننا ما زلنا في مرحلة البدايات ولم نبلغ ما نرجوه" و"ان المرأة تحتاج الى دعم معنوي ومادي" أيضاً للمبدعات، مشيرة الى أهمية دعم ما تنتجه المبدعات من لوحات من خلال اقتنائها وشرائها من الجهات الرسمية. وضربت مثلاً ان لوحاتها تجد رواجاً في دول خليجية أكثر مما تجده في الداخل. من جهتها، اتفقت نجلاء الدرويش موظفة في قسم المعلومات بإدارة المعلومات في وزارة الخارجية مع الرؤية المتفائلة بالمستقبل، وتوقعت ان تفتح مجالات عمل أوسع بعد إقرار الدستور ولم تستبعد حصول المرأة على منصب سفيرة ووزيرة بعدما عُينت السيدة شيخة المحمود في منصب وكيلة وزارة التربية والتعليم أخيراً في أول خطوة من نوعها في قطر. وأضافت ان "المجتمع بدأ يتغير" وعزت ذلك الى أن المرأة كانت تعمل في السابق في التربية والتعليم فقط لكنها الآن موجودة في الوزارات وهناك طبيبات وعاملات في البنوك وحتى في مجال الشرطة. وقالت ان القطرية حصلت على حق قيادة السيارة الآن خصوصاً الموظفات واللاتي يعملن في مواقع تتطلب قيادتها للسيارة كما حرصت على القول ان عدم نجاح المرأة في الانتخابات البلدية "لا يعني عدم كفاءتها"، ولكن الأمر يعود الى "ان المجتمع يتغير" بما يكفل فوزها. كما نوهت بدعم زوجة الأمير لدور المرأة. ولاحظت "الحياة" ان الأوساط النسائية "مطمئنة" الى أن الدستور "سينصفهن" من خلال "القانون" ولم تخف بعض المثقفات والمتعلمات تساؤلاً عن عدم تعيين امرأة ضمن لجنة الدستور "الرجالية" 32 شخصية وهذا يعكس ارتفاع سقف الطموحات لكنهن يعتقدن أيضاً بأن "طريق الألف ميل بدأ بخطوة المشاركة في الانتخابات البلدية ولا عودة الى الوراء". ويقول بعضهن ان "الرجل هو الأب والأخ والزوج"، لكن الواقع يؤكد أن هؤلاء الرجال غير متفقين تماماً في شأن خوض "حواء" كل "الميادين". وهناك أصوات لا تخفي انزعاجها من "الانفتاح" وأخرى تنبه الى معارضتها "ولاية النساء"، وهذا كله يعكس مناخاً حيوياً يتوقع ان تبدو تفاعلاته أكثر وضوحاً مع كل "باب" أو "نافذة" جديدة يطل منها وجه المرأة.