لا شيء في الشارع القطري يعكس أي مظهر من مظاهر الاحتفال بالذكرى الرابعة لتولي أمير الدولة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الحكم التي تصادف غداً الأحد، إذ لم ترفع أعلام في الشوارع أو زينات ولا يوجد أيضاً برنامج لإقامة مهرجانات شعبية كما كان يحدث قبل تولي الأمير الحكم في 27 حزيران يونيو 1995. وتؤكد مصادر سياسية مطلعة أن عدم إقامة احتفال ومهرجانات في هذه المناسبة يأتي تلبية لرغبة الأمير وتوجيهاته منذ حلول الذكرى الأولى لتوليه الحكم. وكان لافتاً العام الماضي ان توجيهات صدرت بمنع الصحافة القطرية من نشر إعلانات تهنئة كانت درجت على نشرها في مثل هذه المناسبة. ويرى مراقبون للشؤون القطرية ان سياسة الأمير تركز على "الجوانب العملية ولا تهتم بالمظاهر الاحتفالية"، ولهذا منعت الوزارات والمؤسسات الحكومية من نشر اعلانات التهاني للأمير في خطوة هي الأولى من نوعها. دستور وانتخابات لكن على رغم عدم السماح بالمهرجانات، إلا أن مرور أربع سنوات على تولي الشيخ حمد بن خليفة الحكم يشكل مناسبة لإعادة قراءة أبرز ما تحقق خلال سنوات حكمه، ولعل النتيجة الأبرز تكمن في "التوجه الديموقراطي" الذي يشدد عليه الأمير. وتتوقع المصادر نفسها أن يتخذ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قريباً قراراً بتشكيل لجنة لوضع دستور دائم لقطر سيكون الأول من نوعه وسيمهد الطريق لاجراء انتخابات برلمانية ستشارك فيها المرأة أيضاً بعدما اتيحت لها المشاركة في انتخابات المجلس المركزي البلدي في 8 آذار مارس الماضي، وهي أول انتخابات من نوعها تشهدها قطر. وفي إطار هذا التوجه تسعى قطر إلى تعزيز استقلال القضاء، وجاءت محاكمة المتهمين بالمحاولة الانقلابية الفاشلة، التي اعلنت السلطات عن احباطها في العام 1996 والجارية حالياً، لتشكل اختباراً لهذا التوجه. إذ ان المحكمة تعقد جلسات علنية يسمح فيها بحضور الصحافيين والمواطنين، كما لوحظ ان المحامين في مرافعاتهم يوجهون انتقادات شديدة لسلطات التحقيق وأجهزة الأمن والاستخبارات. وإذا كانت مظاهر التوجه الديموقراطي في قطر تتعزز باستمرار، فإن الإعلام القطري يشهد نقلات نوعية حالياً من خلال هامش الحرية المتاح للإعلاميين، إذ لم يعد توجيه انتقادات شديدة للجهاز الحكومي والوزراء أمراً غريباً. وتتعدد مشاهد التغيير في قطر خلال هذه الفترة، إذ تلقى المرأة حالياً دعماً لدورها من الدولة وتقود هذا الجانب الشيخة موزة المسند زوجة الأمير التي عينت رئيسة للمجلس الأعلى للأسرة، وهي ترعى ندوات وحوارات في المدارس وجامعة قطر. وكانت قادت مسيرة نسائية في أحد شوارع قطر لكسب الدعم للمعاقين. الاقتصاد ومع تعدد مشاهد التحول، تبقى الأوضاع الاقتصادية الصعبة وسياسة ترشيد الانفاق أبرز هموم المواطنين، إذ لجأت الدولة تحت ضغط انخفاض أسعار النفط إلى فرض رسوم خدمات تقدمها وزارة الداخلية للمواطنين والمقيمين، وكانت هذه الرسوم أثارت جدلاً ساخناً في الصحافة، لكن على رغم الوضع الاقتصادي الدولي الناجم عن تدهور أسعار النفط وانعكاساته على المجتمع القطري، فإن الدوحة تراهن على مشاريعها الكبيرة وفي صدارتها مشاريع الغاز. ويلاحظ أيضاً ان الديبلوماسية القطرية حققت انجازات ملموسة أخيراً بعدما وقع السودان واريتريا اتفاقاً في الدوحة لتطبيع العلاقات. كما جاءت زيارتا الأمير الأخيرة للإمارات والسعودية لتدعم دور قطر في مجال تعزيز العمل الخليجي المشترك.