خذل مجلس الفيديرالية الهيئة العليا للبرلمان الروسي الرئيس بوريس يلتسن برفضه أمس ثالث طلب تقدم به لإقالة رئيس النيابة العامة يوري سكوراتوف الذي وجه اتهامات إلى الرئيس وأفراد عائلته بالتورط في فضائح مالية. ومعروف ان سكوراتوف كان اثار غضب الكرملين عندما بدأ التحقيق في قضايا مالية تتعلق بشركة "مابيتيكس" السويسرية المتهمة بدفع رشاوى إلى كبار المسؤولين، وفتح حسابات للرئيس يلتسن وابنتيه تاتيانا ويلينا مقابل "تلزيم" الشركة عقوداً لترميم عدد من المواقع الرئاسية في الكرملين وخارجه. واستنفرت السلطة الرئاسية ضد النيابة العامة بعد فتح التحقيق في تحويل أموال شركة الطيران الحكومية "ايرفلوت" التي يديرها صهر الرئيس فاليري اوكولوف إلى شركات يملكها البليونير بوريس بيريزوفسكي الذي يعد "ممول" العائلة الرئاسية. وبهدف التخلص من "المضايقات" قدم يلتسن طلباً إلى مجلس الفيديرالية بإعفاء سكوراتوف. ولمح إلى "تلوث سمعة" مسؤول النيابة العام. إلا أن غالبية اعضاء المجلس الذي يضم رؤساء الجمهوريات والمقاطعات وقادة الهيئات الاشتراعية في الأقاليم رفضت الطلب، وكان ذلك أول "تحد" للكرملين من هذا المجلس المعروف بولائه له، خلافاً للهيئة السفلى الدوما التي تسيطر عليها المعارضة. ورفض المجلس طلباً ثانياً للرئيس قدمه بعد شهر، واثر ذلك عرض التلفزيون الحكومي شريط فيديو ظهر فيه "رجل يشبه سكوراتوف" عارياً مع فتيات ليل. واعتبر النائب العام ان الشريط "اعده أشخاص يريدون وقف التحقيق" في فضائح مالية. وبهدف "نزع الشوكة" عمد الكرملين إلى فتح دعوى ضد سكوراتوف بحجة أنه "اساء استخدام السلطة"، ورفضت محكمة موسكو الإقرار بشرعية الدعوى، إلا أن يلتسن أصدر قراراً ب"تعليق" مهام النائب العام إلى ان ينتهي التحقيق. واعتبر مجلس الفيديرالية هذا القرار تجاوزاً من الرئيس لصلاحياته، إذ ينص الدستور على ان الهيئة العليا للبرلمان هي الطرف الوحيد الذي يحق له اعفاء رئيس النيابة العامة. وعلى رغم ان المحكمة الدستورية قررت النظر في هذه الاشكالية القانونية لاحقاً، إلا أن الكرملين قدم طلباً ثالثاً إلى مجلس الفيديرالية بإعفاء سكوراتوف "بناء على طلب عدد من قادة الأقاليم". وذكر عدد من السياسيين ان الكرملين مارس ضغوطاً قوية على اعضاء مجلس الفيديرالية واستخدم سياسة "العصا والجزرة" بمنح أموال للأقاليم "الموالية" وحجبها عن المقاطعات المعارضة. إلا أن هذه المحاولات باءت بفشل ذريع، فقد صوّت لمصلحة يلتسن 52 عضواً في المجلس، واقترع ضده 98 نائباً. وأعرب سكوراتوف عن ارتياحه إلى هذا القرار، وشدد على أن الكرملين "اسقط القناع" وقدم دليلاً على ان الرئيس وأفراد عائلته لهم مصلحة مباشرة في إقالة رئيس النيابة العامة لمنعه من مواصلة التحقيق في الفضائح المالية. وعلى الصعيد السياسي، يعد قرار المجلس ضربة قوية لهيبة يلتسن، وتوقع المراقبون أن يعمد رئيس الدولة إلى تحميل عدد من مساعديه مسؤولية الفشل، وأشاروا إلى احتمال إقالة مدير الديوان الرئاسي الكسندر فولومشين.