باتت الحكومة الكويتية الجديدة ليل الثلثاء على وقع اعتراضات القوى السياسية المعارضة وتحفظاتها عليها، ورفض الاسلاميون اعطاء وزارات التربية والتعليم العالي والاعلام لوزراء "ليبراليين" في حين تحفظ الليبراليون على الحكومة اجمالاً منتقدين اسلوب تشكيلها. وكان الأمير اصدر مرسوماً مساء الثلثاء بقبول التشكيل الذي اقترحه ولي العهد المكلف رئاسة الحكومة الشيخ سعد العبدالله الصباح وتضمن تسعة وزراء جدد وستة وزراء من الأسرة الحاكمة. وأشرك الشيخ سعد نائباً برلمانياً واحداً فقط في الحكومة. واعتبرت الصحف اليومية الصادرة في الكويت امس هذا التشكيل "حكومة ازمات مع البرلمان"، وأشارت الى ملفات وقضايا تتصل بأشخاص بعض الوزراء سيكون لها دور في مواجهات قريبة داخل مجلس الأمة البرلمان. وهاجم "المنبر الديموقراطي الكويتي" الذي يعبر عن يسار المعارضة الليبرالية الحكومة الجديدة بقوة منتقداً استمرار ولي العهد الشيخ سعد العبدالله في موقع رئاسة الحكومة وأسلوبه في اختيار الوزراء. وجاء في بيان اصدره المنبر امس ان التشكيلة الوزارية "بددت الآمال اذ لم تتغير رئاسة مجلس الوزراء، وكذلك لم يحدث اي تغيير في المناصب الوزارية الأساسية كما لم تتبدل طريقة تشكيل الوزارة ولا اسلوب التوزير المتبع". وأخذ البيان على الشيخ سعد "رفضه التام الحوار الجماعي الجاد مع النواب الذين سبق ان عرض عليهم التوزير". ورأى انه "ليس هناك ما يؤمل فيه في ان تتبنى هذه التشكيلة الوزارية منهجاً اصلاحياً وطنياً شاملاً اذ لا يزال مركز القرار الحكومي غير مقتنع بضرورة الاصلاح وجدية التغيير". وكان الشيخ سعد عرض على نائب رئيس المنبر الديموقراطي النائب عبدالله النيباري المشاركة في الحكومة غير ان الأخير اعتذر عن عدم قبول المنصب الوزاري. غير ان "التجمع الوطني الديموقراطي" الذي يعبر عن الليبراليين القريبين من التجار اتخذ موقفاً ايجابياً من الحكومة وقال في بيان انها "حكومة لها هامش مريح من الصدقية وتحمل في شخوص اعضائها العقلانية". ودعا النواب الى "مد يد التصافح والتعاون مع الحكومة الجديدة". وجاء الموقف الايجابي ل"التجمع" لمشاركة أمينه العام المساعد الدكتور يوسف الابراهيم في الحكومة واستلامه حقيبتي التربية والتعليم العالي. الاسلاميون يحذرون وبدا ان استلام الابراهيم هاتين الوزارتين وتعيين ليبرالي آخر هو الدكتور سعد بن طفلة العجمي وزيراً للاعلام بين أبرز اعتراضات الاسلاميين على الحكومة الجديدة. ووصف النائب الاسلامي الدكتور وليد الطبطبائي الحكومة بأنها "مخيبة للآمال ولم تأت في مستوى تطلعات النواب او طموح الجمهور الكويتي". وقال في تصريح للصحافة "خلافاً لتحذيرنا السابق من خطورة تسليم وزارات التوجيه الثلاث التربية والتعليم العالي والاعلام الى اصحاب التوجه التغريبي فإن هذا ما حدث بالضبط، ما ينذر بأزمات مع التيار الاسلامي ومؤيديه في المجلس". وتوقع الطبطبائي مواجهة بين الاسلاميين والدكتور يوسف الابراهيم في شأن قانون منع الاختلاط في الجامعة "وإذا تقاعس عن تطبيق القانون فسيكون لنا منه موقف حازم". وتوقع حدوث ازمات مع الدكتور سعد العجمي في شأن نقاط خلاف مع وزارة الاعلام "مثل قضايا معرض الكتاب والخيام الرمضانية وما يسمى مهرجان هلا فبراير". وتابع "ان وجود وزير له توجه تغريبي على رأس هذه الوزارة لن يساعد على تجنب هذه الازمات وتفاديها". وانتقدت "الحركة الدستورية الاسلامية" التي تعبّر عن فكر الاخوان المسلمين في الكويت التشكيل الحكومي الجديد. وقالت "ان منهجية تشكيل الحكومة ولو كانت جرت بالطريق الدستورية لا تتوافق مع التطلعات الشعبية في تطوير المشاركة السياسية". وجاء في بيان اصدرته الحركة انها "تعتقد ان اسلوب ادارة مجلس الوزراء يتطلب تغييرات اساسية تقود الى المشاركة الفعالة للوزراء في التوصل الى القرار الجماعي والى توفر برنامج عمل واقعي". وأشار ضمناً الى دخول وزراء ليبراليين الحكومة، ودعا الوزراء الى "ان يكون هدفهم هو تحقيق خطة الدولة وليس برنامج الانتماء السياسي والفكري". وأكدت الحركة ان "اي بادرة وزارية من بوادر الخروج عن قواعد دين الدولة والثوابت الدستورية ستواجه في مجلس الأمة من دون تردد". من جانبه رأى النائب محمد الصقر وهو ليبرالي مستقل "ان الطريقة التي اتبعت في مشاورات التشكيل الحكومي لم تكن منسجمة اطلاقاً مع اهمية المرحلة". وتابع ان "الطريقة التقليدية في مشاورات التشكيل افرزت للأسف الشديد نتائج اهمها ضعف التمثيل النيابي والسياسي" داخل الحكومة. لكنه اكد انه على رغم تحفظاته فانه لا يرى بديلاً من التعاون بين الحكومة ومجلس الأمة.