اعتبرت السيدة الاميركية الاولى هيلاري كلينتون في رسالة وجهتها الى جماعة دينية يهودية في نيويورك، ان القدس "العاصمة الموحدة والابدية لاسرائيل". واشارت ايضا الى انها تؤيد نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس، لكنها اضافت انه يجب منح زوجها الرئيس بيل كلينتون الفرصة لتحديد موعد مثل هذه الخطوة بما فيه مصلحة عملية السلام بين العرب واسرائيل. وسارعت وزارة الخارجية الاميركية الى التأكيد ان تصريحات هيلاري لا تعكس الموقف الرسمي لادارة كلينتون، وان المواقف الاميركية من هذه القضية لم تتغير، علماً ان واشنطن تعتبر ان قضية القدس هي احدى قضايا المرحلة النهائية التي ستناقشها الأطراف المعنية عبر التفاوض المباشر. يذكر ان هذه التصريحات المثيرة للجدل ليست غريبة على هيلاري التي كانت اثارت موجة من الجدل عندما اعلنت في غزة في ايار مايو عام 1998 امام مجموعة من الاطفال الفلسطينيين والاسرائيليين انها تؤمن بان الدولة الفلسطينية ستكون في مصلحة السلام والشعوب في المنطقة. ويأتي كشف هذه الرسالة في وقت كانت فيه السيدة الاولى تقوم بجولة في ضواحي نيويورك لاستكشاف امكانات ترشيح نفسها عام 2001 لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك، لتحل بذلك مكان السيناتور الديموقراطي المتقاعد دانييل باتريك موينيهان. كذلك تشكل هذه المواقف خطوة في طريق تحول هيلاري من حليف قوي ومؤيد لكلينتون الى شخصية سياسية مستقلة. وبالتأكيد فان موقفها هذا من القدس يعكس حسابات سياسية. وكتبت هيلاري في الرسالة التي تحمل تاريخ الثاني من تموز يوليو والتي بعثت بها الى ماندل جانكرو رئيس "الاتحاد الارثوذكسي" الذي يمثل نحو 750 معبدًا يهودياً في كل انحاء الولاياتالمتحدة: "انني شخصياً اعتبر القدس العاصمة الابدية والموحدة لاسرائيل وانا معجبة بالزعامة التي اظهرها السناتور موينيهان في هذا الصدد"، علماً ان السيناتور موينيهان كان واحداً من رعاة تشريع صدر في 1995 دعا الادارة الى نقل السفارة بحلول 31 ايار مايو من العام الجاري. واضافت: "اذا اختارني أهالي نيويورك لاكون ممثلتهم في مجلس الشيوخ … فبامكانكم التأكد انني سأكون مدافعة نشطة وملتزمة من اجل اسرائيل قوية وآمنة قادرة على الحياة في سلام مع جيرانها … وان يكون مقر السفارة الاميركية في عاصمتها القدس". واضافت شرطاً واحداً لنقل السفارة وهو ان "التوقيت … يجب ان يكون حساسا لمصلحة اسرائيل في تحقيق سلام آمن مع جيرانها". وكان كلينتون علق الشهر الماضي بمرسوم رئاسي قراراً للكونغرس يقضي بنقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس "لحماية مصالح امننا القومي الحيوية … خصوصاً في ما يتعلق بحماية فرص احلال سلام شامل وعادل ودائم". وقال الناطق باسم الخارجية الاميركية جيمس فولي ان "السيدة الاولى عبَّرت عن وجهات نظر شخصية، وهي لا تعقد بأي حال جهودنا لدعم عملية السلام في الشرق الاوسط وتعجيلها". واضاف ان هذه الرسالة لا تغير شيئا في الموقف الاميركي الذي يفيد بان وضع المدينة يجب ان يتقرر عبر المفاوضات المباشرة. وذكّر بأن "اسرائيل والفلسطينيين اتفقوا على ان تكون القدس واحدة من المسائل التي ستعالج خلال مفاوضات الوضع النهائي" للاراضي الفلسطينية. وعزا الاتحاد الارثوذكسي الكشف عن رسالة هيلاري الى انه "من المهم ان يعرف المجتمع اليهودي في نيويورك بأرائها في ما يتعلق باسرائيل والقدس". ووصف جيمس زغبي من المعهد الاميركي العربي، وهو احد زعماء الاميركيين العرب، تصريحات هيلاري بأنها استرضاء غير مفيد لرغبات السكان اليهودي في ولاية نيويورك الذين قدر عددهم بنحو مليوني شخص. وقال: "انه خطأ … انه غير مفيد … وبصراحة فهو بلا معنى … لان هذا النوع من الاسترضاء للرغبات يحدث مراراً من جانب المرشحين في الانتخابات الاميركية". وتابع ان "اولئك في الطائفة اليهودية الذين يضغطون على السياسيين لاتخاذ مثل هذه المواقف يضرون بمساعي السلام ويضرون بالمصالح الاميركية والقيادة الاميركية". وافاد ان المعهد الاميركي العربي يسعى للقاء مع هيلاري للبحث في موضوع القدس وغيرها من الامور التي تشغل الاميركيين العرب في ولاية نيويورك والبالغ عددهم نحو 300 الف شخص. اسف فلسطيني وفي غزة د ب أ، أعربت السلطة الفلسطينية عن أسفها الشديد لتصريحات هيلاري كلينتون. وقال وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور نبيل شعث في تصريح ل"وكالة الانباء الالمانية" د ب أ: "اننا نعبر عن اسفنا الشديد لتصريحات السيدة هيلاري عن نقل السفارة الاميركية الى القدس، لكن السياسيين الاميركيين عندما يوضعون امام أصوات ناخبيهم فإنهم يتنازلون عن مبادئهم". واضاف: "لم نكن نتوقع ان تقابل السيدة كلينتون ذلك الاستقبال الشعبي والرسمي الذي حظيت به خلال زيارتها للاراضي الفلسطينية والذي جاء ليعبر عن الامتنان الفلسطيني لمواقفها المبدئية من الحق الفلسطيني في اقامة دولتهم الفلسطينية، وكذلك الاستقبال والترحيب والتكريم الذي لقيته في الدول العربية كلها، باقتناص اول فرصة انتخابات لتصبح عضوا في مجلس الشيوخ بالتخلي عن مبادئها ومبادئ السلام". وقال: "نحن نعتبر ان رد السيدة هيلاري وموقفها هذا هو ضد السلام ومخالف لمبادئه".