يعتقد كثير من المؤرخين ان موطن الزيتون الاول هو فلسطين، ومنها انتشر في بقية دول الشرق الاوسط، والعالم. وتعتبر هذه الشجرة وما ينتج عنها مقدس عند المسلمين والنصارى واليهود، وقد ورد ذكرها مرات عدة في الكتب المقدسة وخصوصاً القرآن الكريم، واستعمل زيتها عند الشعوب القديمة في فلسطين لإنارة دور العبادة، ومسح الأواني المقدسة، كما تطيّب به الكهنة والملوك والعامة من الناس، عدا عن استخداماته الطبية والحرفية والصناعية. وتتركز زراعة الزيتون في فلسطين في المناطق الجبلية خصوصاً في الضفة الغربية وفي منطقة الجليل المحتلة، منذ عام 1945، التي يقطنها العرب الفلسطينيون، وبفضل التقنية الحديثة التي استخدمت في زراعته، اخذ ينتشر في المناطق السهلية، ولا سيما في غور الاردن. والزيتون من المحاصيل الزراعية المنتجة في الاراضي الفلسطينية، ويحتل مساحات شاسعة في الضفة الغربية وقطاع غزة. واشارت بيانات الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني الى ان مساحة الاراضي المزروعة بالزيتون للعام الزراعي 1996 - 1997 بلغت نحو 837 ألف دونم مساحة الضفة الغربية 5.677 مليون دونم اي ما نسبته 45.7 في المئة من اجمالي المساحة المزروعة و73.6 في المئة من اجمالي مساحة الاشجار المثمرة. وبلغت قيمة انتاج الزيتون في العام الزراعي نفسه نحو 73 مليون دولار، اي ما نسبته 15 في المئة من اجمالي قيمة انتاج الاشجار المثمرة. ويتميز انتاج موسم الزيتون في فلسطين بالتذبذب بين سنة واخرى ومن منطقة الى منطقة. وهذه الظاهرة تؤثر في شكل مباشر في انتاجية الدونم الواحد من الزيتون، وكمية الزيت المستخرجة منه والقوى العاملة في مجاله، وما لذلك من تأثير اقتصادي على المُزارع الفلسطيني خصوصاً واقتصاد الاراضي الفلسطينية عموماً. اصناف اشجار الزيتون اشجار الزيتون في فلسطين متعددة الاصناف. واشارت نتائج مسح ميداني للعام الزراعي 1996 - 1997 قام به فريق من جهاز الاحصاء الفلسطيني الى ان اشجار الزيتون تتوزع في الاراضي الفلسطينية بواقع 73.3 في المئة من النوع النبالي، الذي اتسم بأنه مُعدّ للزيت اولاً، وبلغت نسبة الزيت فيه نحو 33 في المئة. اما حول التوزيع النسبي لاشجار الزيتون حسب الصنف، فأشارت النتائج الى ان الصنف الغالب في شمال الضفة الغربية هو النبالي، اذ بلغت نسبته الى مجموع اشجار الزيتون 87.5 في المئة. ومن ناحية اخرى انخفضت نسبة اشجار هذا النوع من الزيتون، في وسط الضفة الغربية لتصل الى 57.3 في المئة. وارتفعت في الوقت نفسه نسبة اشجار النبالي المحسّن الى 40.8 في المئة. وفي منطقة جنوبالضفة الغربية، افادت النتائج ان 27.3 في المئة من اشجار الزيتون هي من النوع النبالي، اما النبالي المحسّن فبلغت 62.5 في المئة. ويلاحظ ان التوزيع النسبي لاشجار الزيتون - حسب الصنف - في قطاع غزة يختلف تماماً عن الضفة الغربية، اذ ان نحو 29.6 في المئة من اشجار الزيتون هي من النوع الصوري، و29.1 في المئة من النبالي المحسّن، في حين تنخفض نسبة الزيتون النبالي الى 5.5 في المئة. ويذكر ان اصناف اشجار الزيتون الاخرى في الاراضي الفلسطينية، تبلغ نسبتها 3.4 في المئة، تتوزع على البري والايطالي والمنزالينو. اشجار الزيتون حسب العمر وما يميز اشجارالزيتون في فلسطين عمرها الزمني الحديث، اذ ان نحو نصف الاشجار 47.4 في المئة اكبر من 15 عاماً، في حين هناك 14.3 في المئة من الاشجار عمرها اقل من خمسة اعوام. ويفيد التوزيع النسبي لاشجار الزيتون، حسب العمر، ان اكثر من ربع الاشجار 26.7 في المئة تراوح اعمارها بين 5 و15 سنة. وعمر الاشجار هذا يدلّ على ان عملية زراعة الزيتون في الاراضي الفلسطينية عملية متواصلة عبر التاريخ، ما يشير الى قدم اشجار الزيتون من جهة هناك اشجار زيتون في منطقة القدس يبلغ عمرها نحو الفي عام وتواصل واستمرار زراعتها من قبل المزارع الفلسطيني من جهة اخرى. وهناك تباين واضح بين الضفة الغربية وقطاع غزة، في ما يخص عمر اشجار الزيتون. فنسبة الاشجار دون سن الخمسة اعوام في مناطق الضفة الغربية ادنى من 15 في المئة، في حين تكاد تصل هذه النسبة الى 25 في المئة في قطاع غزة. ونسبة الاشجار اكبر من 15 عاماً في الضفة الغربية بلغت 47.6 في المئة، مقابل 14.8 في المئة في قطاع غزة. الانتاج وتشير معطيات وزارة الزراعة الفلسطينية الى ان متوسط انتاج الزيتون في الاراضي الفلسطينية لعام 1997 بلغ 57.7 كليوغرام للدونم، وافادت ان قطاع غزةوجنوبالضفة الغربية، كانت لهما اعلى انتاجية، اذ بلغت على التوالي 225.1 و86.7 كيلوغراماً للدونم. ويرجع السبب في ذلك الى نوعية الاصناف، وري بعض مساحات الزيتون في قطاع غزة. ويشار الى ان 3.3 في المئة من مزارعي الزيتون الفلسطينيين لم يتوفر لديهم انتاج "زيتوني" في ذلك العام، بسبب ظاهرة التذبذب المتعارف عليها في الانتاج او صغر عمر الاشجار في كرومهم. وقدر رئيس المركز الوطني للبحوث الزراعية التابع للسلطة الوطنية الدكتور سعيد عساف كمية الزيت المستخرج من الزيتون الفلسطيني، في المواسم الجيدة، بخمسة وعشرين الف طن. اما في المواسم القليلة الانتاج فيتراوح بين الف وستة آلاف طن. وهذه الكمية الجيدة - حسب عساف - تشكّل، واحداً في المئة من الانتاج العالمي من زيت الزيتون. واشار عساف الى ان نسبة زيت الزيتون المستهلك من قبل المزارع الفلسطيني تبلغ 47.4 في المئة في حين تبلغ نسبة الزيت المباع في السوق الفلسطينية نحو 39.1 في المئة. اما نسبة الزيت المصدر فبلغت 2.5 في المئة. والزيت الذي يقدم هدايا لأقارب الفسطينيين بلغت نسبته ستة في المئة، والنسب الباقية استُعملت لأغراض اخرى مثل صناعة الصابون. معاصر الزيتون والحديث عن الزيتون لا يكتمل من دون ذكر المعاصر التي يُستخرج بواسطتها زيت الزيتون. ففي مسح ميداني اجري في الربع الاخير من العام الماضي من قبل جهاز الاحصاء الفلسطيني، تبين ان عدد المعاصر العاملة والمغلقة مؤقتاً بلغ 248 معصرة، منها 21 مغلقة في شكل موقت، او مغلقة بسبب ضعف الانتاج، وتركزت معظم هذه المعاصر في شمال الضفة الغربية. واشارت نتائج المسح الى ان كمية الزيتون المدروس في المعاصر بلغت العام الماضي 64213 طناً، انتجت 14998 طناً من الزيت، بينما بلغت كمية الزيتون المدروس في موسم العام 1997، 24127 طناً استخرج منها 5961 طناً من الزيت. وبيّنت النتائج ان عدد المشتغلين في معاصر الزيتون لموسم العام الماضي في الضفة الغربية بلغ نحو 1237 عاملاً، منهم 892 عاملاً بأجر، اي نحو 72 في المئة. واختلفت الصورة بعض الشيء في قطاع غزة، اذ بلغت نسبة العاملين من دون أجر 75 في المئة. وتواجه زراعة الزيتون ومشتقاته في الاراضي الفلسطينية مشاكل عدة، ابرزها: مصادرة الاراضي من قبل الاحتلال، واقامة المستوطنات عليها، وشق الطرق الالتفافية، مع ما يعنيه هذا من اقتلاع وجرف الوف اشجار الزيتون. تعديل "حدود" اسرائيل مع الضفة الغربية من قبل الاحتلال، وتدمير بلدات عدة مثل قرى "عمواس" و"يالو" و"بيت نوبا" في منطقة اللطرون وضمها الى ما تحتويه ارضها من آلاف اشجار الزيتون الى الدولة العبرية، اضافة الى ضم مساحات كبيرة من اراضي منطقة القدس تضم كروماً واسعة من اشجار الزيتون بعدما اعلنت ان القدسالمحتلة وضواحيها عاصمة "أبدية" لاسرائيل. ارتفاع كلفة انتاج زيت الزيتون. صغر السوق المحلية، وعدم توافر اسواق خارجية. عدم انتاج الزيت بمواصفات عالمية، تلازم الذوق الاجنبي. عدم وجود مراكز لتعبئة الزيت في عبوات ذات مواصفات عالمية حديثة. وعلى رغم جدية هذه الصعوبات يلاحظ ان مساحة الاراضي المغروسة بالزيتون في الضفة الغربية وقطاع غزة تزداد باضطراد، ويعود ذلك الى اسباب عدة منها: - اهمية زراعة الزيتون للمزارع الفلسطيني كونها الزراعة الوحيدة الممكنة في كثير من الاراضي الجبلية والاراضي الجافة. - يشكل محصول الزيتون مصدر دخل لأغلب المزارعين الفلسطينيين. - خصوصية شجرة الزيتون بالنسبة للمزارعين الفلسطينيين، وهي خصوصية تتعدى اهميتها الاقتصادية، لتشكل جزءاً من تراثهم وتاريخهم وارتباطهم بأرضهم.