تمكن سكان مدينة برمنغهام في ولاية الاباما الأميركية من التعرف على مدينة سجلماسة الاثرية من خلال معرض تنظمه قافلة ثقافية مغربية مهتمة بالتراث والعمران. ويشمل المعرض المتنقل تحفا اثرية اكتشفها علماء أميركيون وباحثون مغاربة خلال اعمال التنقيب الاركيولوجي في الموقع الاثري لسجلماسة التي دامت زهاء عشر سنوات. ومكنت هذه الحفريات من كشف النقاب عن بنيات اثرية متنوعة تتمثل في اسوار ومنازل ومساجد وحمامات وبنيات صناعية، واكتشفت زخارف معمارية ونقوش هندسية ذات اشكال نباتية او خطية. ويمثل التنوع الهائل في خزفيات سجلماسة مختلف صور الحياة اليومية للسكان الذين برعوا في هذه الصناعة المحلية المتميزة، إضافة إلى قطع خزفية منقولة من جهات اخرى، إلى جانب الحلي والنقود التي تعكس حيوية النشاط الاقتصادي لهذه المنطقة التي ظلت مزدهرة طوال القرون الوسطى بفضل قوافل التجارة الصحراوية. انتقيت كل المعروضات على اساس ان تعطي صورة شاملة على اوجه الحياة الدينية والاجتماعية والاقتصادية والمعمارية، والدور الاشعاعي لمدينة سجلماسة الذي امتد من بوابة الصحراء الى افريقيا الغربية، في اتجاه الشمال نحو حوض البحر الابيض المتوسط. وعزز معرض قافلة سجلماسة بملصقات تتضمن نصوصاً تاريخية تصف مختلف جوانب الحياة والمعمار، إضافة إلى صور وتصاميم للبنيات الاثرية المكتشفة، ما زاد من توافد الزوار واعجابهم. من أبرز المعروضات تبليط من الجبس كتبت عليه آيات قرآنية، وانبوب ماء وقطعتا اناء تثبت على النواعير لجلب المياه وخاتم ذهبي ونقود فضية من القرن الحادي عشر الميلادي واخشاب للتزيين من القرن التاسع الميلادي وقناديل، ورحى وساعة شمسية. واحتوت الملصقات على صور عن رمال تافيلالت حاليا وبعض المعالم من افريقيا الغربية، توضح اوجه التشابه المعماري بين سجلماسة وما يعرف بافريقيا جنوب الصحراء، كتبت بجانبها نصوص تاريخية للجغرافيين العرب امثال البكري في وصف سجلماسة وتجارة الملح والذهب بغانا. ويحكي أحد الملصقات قصة الخوارج الصفرية الذين هاجروا إلى شمال افريقيا وشيدوا مدينة سجلماسة. كما يبين ملصق آخر الدور المهم لسجلماسة في سك الدنانير الذهبية وانتشار الدينار المرابطي في حوض البحر الابيض المتوسط، كما يشير الى اخر اكتشاف للدنانير الذهبية السجلماسية التي عثر عليها سنة 1992 خلال الحفريات الاثرية التي اجريت في العقبة في الاردن. وفي ملصق اخر توضيح لابتكارات السكان في واحة تافيلالي وتطويعهم للامكانات الطبيعية القليلة لمجابهة قساوة الصحراء، من خلال الاعتماد على مياه الفيض لواد زيز واقامة سدود تحويلية مكنتهم من غرس الاف اشجار النخيل الى جانب زراعات اخرى.