توقعت مصادر جزائرية مطلعة معاودة العلاقات الديبلوماسية بين طهرانوالجزائر قبل نهاية السنة، بعد 7 سنوات من القطيعة، تخللها تبادل حملات إعلامية عنيفة خصوصاً أواسط التسعينات. وأفادت أن نجاح زيارة رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الشعبي الوطني البرلمان الجزائري الدكتور عبدالقادر حجار لطهران أخيراً للمشاركة في الاجتماع التأسيسي لاتحاد البرلمانات الاسلامية ساهم في ترطيب الأجواء وكسر الجليد بين العاصمتين، ليس فقط كونها الزيارة الأولى لمسؤول جزائري منذ قطع العلاقات عام 1992، وانما لأن حجار سمع من الايرانيين كلاماً ايجابياً ووجد "رغبة صادقة" في طي صفحة القطيعة وفتح صفحة جديدة "على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية". وكانت الجزائر قطعت العلاقات مع ايران بعدما اتهمتها بدعم الجماعات المسلحة التي قررت مقاتلة الحكم بعد الغاء نتائج الانتخابات العامة التي فازت "الجبهة الاسلامية للانقاذ" في دورتها الأولى، فيما حملت وسائل الإعلام الايرانية على الغاء نتائج الانتخابات وانتقدت في شدة العسكريين الذين سيطروا على الحكم بقيادة وزير الدفاع السابق الجنرال خالد نزار. وسعى الايرانيون الى مصالحة مع الجزائر في عهد الرئيسين السابقين علي كافي واليمين زروال، لكن هذه الجهود ظلت من دون نتائج، بسبب إصرار الجزائريين على اعتبار طهران داعمة للارهاب. ولم تثمر مساعي عواصم عربية أبرزها دمشق لكسر الجليد بين البلدين ووضع العلاقات على سكة المصالحة تعزيزاً للصف الاسلامي. وبادرت طهران بتوسيط الأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي الدكتور عزالدين العراقي لاقناع الجزائر بمعاودة العلاقات الديبلوماسية، لكن الجزائريين رفضوا المبادرة. ورأى مراقبون أن تجاوب الجزائر مع الخطاب الانفتاحي الذي سمعه حجار في طهران ينسجم مع خطة المصالحة الوطنية التي باشر تنفيذها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، ويندرج في اطار تصحيح "الأوضاع غير الطبيعية" التي عاشتها الجزائر في المرحلة السابقة. ولاحظوا أن الانفتاح الايراني على الجزائر يشكل جزءاً من سياسة الرئيس محمد خاتمي الرامية الى ترميم الجسور مع البلدان العربية. وتركز طهران على تطوير علاقاتها مع كل البلدان المغاربية بعدما شكلت في السنوات الماضية لجاناً وزارية مشتركة، وأبرمت اتفاقات تعاون. وسيزور رئيس الوزراء المغربي السيد عبدالرحمن اليوسفي طهران خلال أسابيع قليلة في أول خطوة من نوعها بين البلدين منذ عشرين سنة. وأوضحت مصادر مطلعة ان الوعكة الصحية التي ألمت باليوسفي أخيراً حملت الجانبين على ارجاء الزيارة، إلا أنها ستتم قريباً لإعطاء دفعة قوية للعلاقات. وكان رئيس مجلس النواب المغربي السيد عبدالواحد الراضي الذي ينتمي الى الحزب الذي يقوده اليوسفي الاتحاد الاشتراكي زار طهران أخيراً في اطار الاجتماع التأسيسي لاتحاد البرلمانات الاسلامية، وأجرى محادثات "ايجابية" مع مسؤولين ايرانيين في مقدمهم خاتمي. وتعتبر علاقات ايران مع المغرب الأوثق والأكثر استقراراً في المنطقة المغاربية. ورحب الايرانيون بوساطة الملك الحسن الثاني بينهم وبين الامارات عام 1997، لكن ظروف تسوية الخلاف لم تكن ناضجة على رغم جهود بذلها موفد مغربي الى طهران وأبو ظبي. وتطورت العلاقات التونسية - الايرانية في شكل سريع خلال الأعوام الأخيرة بعد انطلاق اجتماعات اللجنة المشتركة للتعاون التي شكلت عام 1995. ويتوقع ان يزور وزير الخارجية الايراني كمال خرازي تونس ليرأس وفد بلاده الى الدورة الثالثة للجنة المشتركة. وكان رأس مع نظيره سعيد بن مصطفى أواخر العام الماضي في طهران الدورة الثانية، وأكدا رغبة حكومتيهما في "تعزيز العلاقات السياسية والتعاون الاقتصادي". وأكد الرئيس زين العابدين بن علي أخيراً لدى توديعه السفير الايراني السابق في تونس أن بلده "يولي أهمية كبيرة لمتابعة مسار التعاون والعمل لاعطائه المزيد من الدفع والتنويع خدمة للمصالح المشتركة". وشمل الانعطاف في العلاقات الايرانية - المغاربية ليبيا، إذ تجاوز البلدان الجمود الذي استمر سنوات بسبب اختفاء الإمام موسى الصدر بعد زيارته لليبيا. ولوحظ ان العلاقات استعادت عافيتها من خلال استئناف تبادل الزيارات بين المسؤولين في البلدين. وتكرست المصالحة بعدما عاودت اللجنة الوزارية المشتركة اجتماعاتها، واتفقت في اجتماعها الأخير في ليبيا على خطط لتطوير التعاون وتبادل الخبرات.