يزور رئيس الوزراء المغربي السيد عبدالرحمن اليوسفي تونس في الفترة من 13 الى 15 تموز يوليو المقبل في خطوة تشكل انعطافاً مهماً في العلاقات المغربية - التونسية، ويقود اليوسفي الوفد المغربي الى اجتماعات اللجنة العليا المشتركة مع الوزير الأول التونسي الدكتور حامد القروي. ولم تجتمع اللجنة العليا منذ تشرين الثاني نوفمبر العام 1996 بسبب برود في العلاقات الثنائية كان من أسبابه الرئيسية أسلوب تعاطي صحافة المعارضة السابقة في المغرب، خصوصاً صحيفة "الاتحاد الاشتراكي"، مع الأوضاع في تونس. وتسبق اجتماعات اللجنة العليا اجتماعات تمهيدية يومي الاثنين والثلثاء المقبلين في الرباط على مستوى وكلاء وزارات وكبار الموظفين لوضع اللمسات الأخيرة على الملفات التي ستدرسها اللجنة العليا. ويمكن القول ان الانعطاف الذي ستكرسه زيارة اليوسفي الى تونس ينطوي على تطوير مهم هو المصالحة بين التجمع الدستوري الديموقرطي الحاكم و"الاتحاد الاشتراكي" الذي انتقل من المعارضة الى قيادة الحكومة في المغرب. وعلمت "الحياة" ان "التجمع" وجه دعوة الى اليوسفي لحضور مؤتمره العام الذي يعقد نهاية الشهر المقبل بصفته أميناً عاماً "للاتحاد الاشتراكي". تقارب قصير وكان قرار المغرب تجميد عضويته في المؤسسات المغاربية في نهاية العام 1995 ألقى ظلالاً كثيفة على العلاقات الثنائية، خصوصاً لأن التونسيين، الذين ما زالوا يبدون حماسة خاصة للمشروع المغاربي، لم يروا بعين الرضى تطور التباعد المغربي - الجزائري الى شلل شامل للمؤسسات المغاربية. إلا ان العلاقات الثنائية استعادت حرارتها بعد زيارة الوزير الأول التونسي الى الرباط في ربيع العام التالي. وتكرس التقارب عندما عاد القروي الى المغرب بعد اشهر من الزيارة الأولى ليقود الوفد التونسي الى اجتماعات اللجنة العليا المشتركة مع نظيره آنذاك الدكتور عبداللطيف الفيلالي في تشرين الثاني نوفمبر العام 1996. لكن على رغم اجواء التفاؤل التي اشاعتها زيارة القروي الثانية الى الرباط ومحادثاته المطولة مع الملك الحسن الثاني على هامش اجتماعات اللجنة العليا، فإن الاتفاقات التي وقع عليها الوزراء في ختام الاجتماعات لم تجد طريقها الى التنفيذ بسبب السحب التي سرعان ما عادت الى التلبد في سماء العلاقات الثنائية على خلفية تبادل حملات اعلامية طاولت الأوضاع الداخلية في كل بلد. وتوقع مراقبون ان يشكل صعود "الاتحاد الاشتراكي" الى الحكم في المغرب في أعقاب الانتخابات العامة التي أجريت في الخريف الماضي مؤشراً الى مزيد من التدهور في العلاقات الثنائية، إلا ان "الاتحاد" تعاطى مع الأوضاع في تونس برؤية الحزب الذي بات يتحمل مسؤولية الحكم. كسر الجليد وعلى رغم انه لم يسجل تبادل زيارات بين وزراء تونسيين ومغاربة منذ تشكيل حكومة اليوسفي، بل منذ مطلع العام الجاري، فإن الزيارات تكثفت أخيراً على مستوى شخصيات برلمانية وحزبية ومسؤولين من الصف الثاني ما ساعد على كسر الجليد وجعل الطريق سالكة لعقد اجتماعات الدورة المرجأة للجنة العليا المشتركة التي يفتر ض ان تجتمع سنوياً في احدى العاصمتين بالتناوب. يٌضاف الى ذلك ان أحزاباً مشاركة في الحكومة الائتلافية المغربية في مقدمها "حزب الاستقلال" وفي درجة أقل "التجمع الوطني للأحرار" تحتفظ بعلاقات تقليدية مع تونس عكستها مجدداً التصريحات التي أدلى بها الأمين العام لحزب الاستقلال عباس الفاسي أول من أمس الى صحيفة تونسية وأكد فيها اصرار حزبه على العمل من أجل تطوير العلاقات الثنائية وتنقيتها من سلبيات المرحلة الماضية. وكان الفاسي عمل سفيراً للمغرب في تونس ومندوباً دائماً لدى الجامعة العربية فترة طويلة في الثمانينات وباتت تربطه صداقات متينة مع شخصيات تونسية كثيرة. ويندرج التقارب المغربي - التونسي في اطار الاتجاه العام نحو ترطيب الأجواء المغاربية وكسر الجليد الذي سيطر على العلاقات الجماعية والثنائية منذ تجميد مؤسسات الاتحاد المغاربي يضم المغرب وتونسوالجزائر وليبيا وموريتانيا. وساعد على ترطيب الاجواء ما أعلنته ليبيا من استعداد لتسلم دورها في رئاسة الاتحاد من الجزائر بعدما كانت رفضتها في العام 1995 بحجة انها لا تستطيع الاضطلاع بمهمات الرئاسة في ظل الحظر الجوي الذي قرره مجلس الأمن في حقها منذ العام 1992، وكذلك المبادرة الأخيرة المتمثلة بإيفاد وزير العدل بلقاسم الزوي الى العواصم المغاربية حاملاً رسائل حضت قادتها على تنشيط مؤسسات الاتحاد