تسعى ايران "لتعزيز علاقاتها مع البلدان المغاربية في اطار حركة انفتاح واسعة ترمي الى كسر طوق العزلة من حولها وتكريس التقارب وتطبيع العلاقات مع الدول العربية. ويلاقي الاهتمام الايراني المتزايد بالمنطقة المغاربية تجاوباً ملحوظاً من الحكومات المعنية باستثناء الجزائر، لأن المغاربيين يعتقدون ان انتهاج طهران سياسة براغماتية وتخليها عن التعاطي الأيديولوجي ينبغي ان يلقيا الترحيب والتشجيع من حكومات المنطقة لكي لا تتحول ايران قاعدة اسناد للتيارات المتشددة المحلية. وبعدما انتقلت العلاقات الايرانية - المغربية، والايرانية - التونسية من القطيعة الى التطبيع في مطلع الثمانينات شهدت السنوات الاخيرة نقطة جديدة، تزامنت مع تشكيل لجنتين مشتركتين للتعاون وتكثيف الزيارات المتبادلة بين وزراء ومسؤولين في ايران وكل من المغرب وتونس، بالاضافة الى التوقيع على اتفاقات لتطوير التعاون الثنائي في غير مجال. وفي هذا السياق علمت "الحياة" ان اللجنة التونسية - الايرانية للتعاون ستجتمع قريباً في طهران لتقويم مدى تنفيذ القرارات التي توصلت اليها في دورتها السابقة، ودرس آفاق تطوير التعاون في مجالات جديدة. وكانت اللجنة اجتمعت في دورتها الأولى العام الماضي في تونس برئاسة وزير الخارجية الايراني السابق الدكتور علي اكبر ولايتي ونظيره التونسي آنذاك عبدالرحيمن الزواري. ويتزامن الاعداد لاجتماع الدورة الثانية للجنة المشتركة مع ترشيح تونس سعيد ناصر رمضان سفيراً جديداً في طهران بدل السفير الحالي محمد سعد الذي سينتقل الى الكويت. ورمضان عضو في الامانة الدائمة ل "التجمع الدستوري الديموقراطي" الحاكم مكلف ملف العلاقات الخارجية. إيران - المغرب وبالاضافة الى تونس طورت ايران علاقاتها مع المغرب العام الماضي توج بعقد الاجتماع الأول للجنة المشتركة للتعاون في شباط فبراير في الرباط برئاسة كل من وزير الخارجية السابق ونظيره المغربي الدكتور عبداللطيف الفيلالي. ويعتقد مراقبون بأن العلاقات الثنائية مرشحة لمزيد من التطور خصوصاً مع انعقاد الاجتماع الثاني للجنة المشتركة قريباً في طهران والذي سيدرس الجانبان خلاله مشاريع اتفاقات مهمة لتنشيط التعاون في غير مجال. وشهدت العلاقات السياسية بين القيادتين انعطافاً مهماً في السنوات الاخيرة مما شجع الملك الحسن الثاني على ايفاد احد كبار مستشاريه الى كل من طهران وأبو ظبي العام الماضي في مهمة وساطة بين الاماراتوإيران، الا انها لم تكلل بالنجاح. ولم تشمل حركة الانفتاح الايرانية على المغرب العربي الجزائر التي بادرت الى قطع العلاقات الديبلوماسية مع طهران في 1992 بعد اتهام الايرانيين بالضلوع في دعم الجماعات المسلحة التي تقاتل الحكومة منذ تعليق الانتخابات الاشتراعية في ذلك العام. الا ان مصادر مطلعة افادت ان ايران طلبت قبل اشهر من الأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي الدكتور عزالدين العراقي التوسط لدى الجزائر لتكريس المصالحة وتطبيع العلاقات بين البلدين، غير ان الجزائريين لم يبدوا تجاوباً مع المبادرة وأظهروا انهم لا يستعجلون التطبيع مع طهران. كذلك لا يشمل التقارب الايراني مع كل من تونس والمغرب ليبيا "الحليف" السابق بعد نجاح الثورة في ايران 1979. وعزت مصادر مطلعة برود العلاقات بين ليبيا وإيران الى كون الايرانيين لم يغفروا لطرابلس اختفاء الرئيس السابق للمجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الامام موسى الصدر اثناء زيارة رسمية لليبيا. ويبدو ان الايرانيين مصرون على جلاء الغموض عن هذه القضية قبل قطع اي خطوة جديدة نحو تنشيط العلاقات مع ليبيا.