تصادف اليوم الذكرى الثالثة لتولي أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الحكم في 27 حزيران يونيو 1995. وللمرة الثالثة على التوالي تخلت الدوحة عن مظاهر الاحتفال المعروفة التي تتمثل في رفع الاعلام والزينات والصور في الشوارع. واكدت مصادر مطلعة ل "الحياة" ان ذلك يأتي تجاوباً مع رغبة الأمير. ومنذ الذكرى الاولى لم تقم "العرضات" وهي رقصات شعبية تنظمها القبائل في المناسبات. وكان الاستثناء هو خروج المواطنين الى الشوارع لاستقبال الأمير عندما عاد من اميركا إثر عملية جراحية ناجحة لزراعة كلية. وخرج الناس تلقائياً الى الشوارع من دون توجيهات رسمية، وكان لافتاً ان سيارة الأمير توقفت في "شارع الكورنيش" والتفّت حولها جموع المستقبلين من المواطنين والمقيمين ما استدعى خروج رئيس الوزراء الشيخ عبدالله بن خليفة آل ثاني من السيارة التي كانت تقلّ الأمير للمساعدة في ان تشقّ طريقها الى القصر. وتمثلت آخر خطوة ذات دلالة قبل ايام من الذكرى الثالثة لتولي الأمير السلطة في صدور تعليمات للصحف القطرية بعدم نشر اعلانات تهنئة في هذه المناسبة بعدما تم تجهيز اعلانات من شركات ومواطنين بلغت قيمتها مئات الآلاف من الريالات القطرية. وكانت الحكومة منعت نشر اعلانات حكومية في وقت سابق. وتشهد الدوحة في هذه المرحلة تحولات لفتت المراقبين وتجري حالياً استعدادات لاجراء اول انتخابات بلدية قريباً مُنحت فيها المرأة حق الترشيح والانتخاب. وفي اطار هذا التوجه رُفعت الرقابة الحكومية عن الصحف بعدما كان للرقيب مكتب في كل دار صحفية وله حق منع او اجازة نشر الاخبار والمواضيع. وتتمتع الصحافة القطرية حالياً بهامش من الحرية وتنشر الصحف مواضيع لم تكن تجرؤ على نشرها في الماضي على رغم انه لم يصدر حتى الآن قانون جديد للمطبوعات والنشر يواكب المناخ الجديد. ومعروف انه لم تعد هناك وزارة اعلام في الحكومة القطرية وانه تم الاكتفاء بإقامة مؤسسات اعلامية. وعكست ساحات القضاء مظاهر جديدة اذ اوكل الى المحكمة الجنائية الكبرى وهي محكمة مدنية محاكمة متهمين في محاولة انقلابية فاشلة كانت السلطات اعلنت عن احباطها في العام 1996. ولم تشكل محكمة عسكرية على رغم ان القضية تتعلق بأمن الدولة. وفتُحت ابواب المحكمة المدنية للصحافيين والجمهور، كما حضر وفد من منظمة العفو بعض الجلسات. على صعيد مجلس الشورى البرلمان الذي يختار اعضاؤه بالتعيين سُمح للصحافيين ايضاً بتغطية وقائع الجلسة وقدمت للمرة الاولى طلبات لاستدعاء وزراء للرد على تساؤلات من الاعضاء في شأن قضايا ملحة. وكانت مصاعب اقتصادية واجهت الحكم في البداية لكنه تجاوزها الى حدّ كبير حالياً بعدما تم افتتاح مشاريع كبيرة. ودخلت قطر نادي مصدّري الغاز وهي تملك احتياطات كبيرة منه. وشهدت الفترة الاخيرة افتتاح مدينة رأس لفان الصناعية وهي اول مدينة للطاقة في قطر. على الصعيد السياسي حققت الدوحة ما وصفه مسؤولون قطريون ب "مكاسب وانتصارات ديبلوماسية" اذ ستستضيف في عام 2000 القمة الاسلامية المقبلة، وكانت احتضنت مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية في آذار مارس الماضي. وقبل ذلك عقد المؤتمر الاقتصادي للشرق الاوسط وشمال افريقيا في الدوحة في تشرين الثاني نوفمبر الماضي الذي أثار انعقاده جدلاً واسعاً وقاطعته دول عربية، لكن القطريين نجحوا في دفعه باتجاه الهموم العربية وتحول الى منبر للهجوم على سياسة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو وممارساته المتغطرسة والمتعنتة. ويرى ديبلوماسيون في قطر ان الدوحة "ساهمت في انجاح الاتفاق الاخير بين الاممالمتحدة والعراق" الذي عالج الازمة الاخيرة بين بغداد وواشنطن. واشاروا الى زيارة قام بها وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني الى بغداد والتقى خلالها الرئيس العراقي صدام حسين، ولفتوا الى "احتفاظ الدوحة بعلاقات طيبة مع بغداد وطهران في اصعب الاوقات في المنطقة". وترتبط الدوحة بعلاقات قوية مع الدول الغربية وفي مقدمها الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا. وكانت هذه الدول سارعت الى اعلان اعترافها ودعمها فور تولي الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الحكم ما شكّل حدثاً نادر الحدوث وعكس اهمية قطر لدى الدول الغربية. ويتوقع ان تشهد المرحلة المقبلة صدور قانون الانتخابات البلدية واجراءات اخرى ربما تكون الاولى من نوعها.