يتذكر الكثيرون "عيلة خمس نجوم" المسلسل الذي حقق نجاحاً على معظم الفضائيات العربية، فهذا العمل شكل تجربة جديدة في الانتاج الكوميدي السوري سواء على صعيد النص او الاخراج، حيث اعتمد الكاتب "حكم البابا" على رسم شخصيات كوميدية تتحرك ضمن مساحة ضيقة من العلاقات. فالبناء الأساسي لنصه استند على طريقة تعامل الشخصية مع التفاصيل اليومية للحياة، واستطاع المخرج هشام شربتجي يومها تجديد هذا الشكل عبر تصوير العمل ضمن محيط جغرافي محدود، فكانت كافة الاحداث تدور ضمن غرفة واحدة لمنزل صغير، تنتقل الكاميرا فيه ما بين المطبخ وغرفة الجلوس. وحمل نجاح هذا العمل على انتاج اجزاء جديدة استندت في تقنياتها على "عيلة خمس نجوم"، دون ان يعني الأمر التطابق الكامل مع التجربة الأولى خصوصاً ان كاتب النص تغير، لكنها على الأقل استفادت من طريقة رسم الشخصيات وعلاقتها بالحدث لتبني عملاً جديداً بالكامل، وهذا ما يجري حالياً في "عيلة 8 نجوم" وهو الجزء الرابع حيث كتب نصه ممدوح حماده ويخرجه هشام شربتجي. يتابع "عيلة 8 نجوم" التكوين العام للاجزاء السابقة حيث قدم الجزء الأول عائلة فقيرة تصبح ثرية بضربة حظ، وينتقل الجزء الثاني لتصوير محدثي النعمة وطريقة تعاملهم مع الأمور التي تنتهي بخسارتهم لكل شيء، وفي "عيلة سبع نجوم" نشاهد صورة عن الناس الذين يبحثون عن لقمة العيش، بينما ينقلنا الجزء الرابع الى عائلة مؤلفة من ام وثلاث بنات ويتمحور العمل حول شخصية الأم وصفاتها، وبالتالي فإن "عيلة 8 نجوم" هو عنوان قديم لمسلسل جديد وليس متابعة للاجزاء السابقة، حيث تم تغيير الديكورات لكن كافة الاحداث بقيت تدور في مكان واحد على نفس الطريقة التي بدأ فيها الجزء الأول من هذا العمل، كما قدمت وجوهاً جديدة مثل مصطفى دياب وجمال علي ونبال جزائري، بينما احتفظت الممثلة سامية الجزائري بدورها التقليدي في هذا العمل كأم ومسؤولة عن تحركات العائلة. والمسلسل مؤلف من حلقات منفصلة تحدث كل حلقة عن موضوع معين، لكن المحور الرئيسي الأم التي تزوجت ثلاث مرات وأنجبت ثلاث بنات، الأولى درست الطب وتزوجت من مهندس يحمل افكاراً مثالية وجسدت هذا الدور الفنانة شكران مرتجى، والثانية تعمل في مجال التدريس وتتزوج من موظف كل همه الانتقال في الرتب داخل دائرته، والثالثة ترتبط بصانع اقفال يجد نفسه فجأة ضمن دائرة الاتهام ويحكم ظلماً فيصبح من اصحاب السوابق، وقدمت هذا الدور الفنانة جيانا عيد وربما تكون هذه تجربتها الأولى في المجال الكوميدي، ويبدو العمل ككل وكأنه ملاحقة لمجموعة اشخاص دون ان يتقيد ببيئة اجتماعية معينة كما حدث في الاجزاء السابقة. فكاتب النص حاول الخروج من التشكيل الاجتماعي الذي فرضته الاعمال السابقة لهذا المسلسل، فتنوعت بالتالي مجالات رسم الشخصيات مما يتيح تبدلاً اساسياً في بنية العمل، حيث لا نجد في الاجزاء القديمة سوى شخصيات تتعثر اجتماعياً بسبب الفقر احياناً والغنى الفاحش احياناً اخرى، لكننا في "عيلة 8 نجوم" نقف امام نماذج مستقلة نوعاً ما وقادرة على السير في الحياة بغض النظر عن ظروفها. يبقى التكوين العام لعيلة 8 نجوم الرابط الرئيسي لما قدم في هذه السلسلة، فكل حلقة تستند الى فكرة مستقلة وهو ما يرهق الكاتب احياناً، لكنه يستقطب المشاهد من خلال التنوع الذي تقدمه الحلقات، فتكرار الشخصيات ينتهي مع التبدل في الحدث والذي يشعرنا اننا امام قصة قصيرة في كل حلقة، وهذا البناء الكوميدي هو الذي اعطى لهذه السلسلة من الاعمال طابعها المميز، والذي يحمل الطرافة عبر اعادة رسم الواقع الاجتماعي، والتركيز على الحالات الاستثنائية.