نيويورك - أ ف ب - تزدهر التسليفات الصغيرة للمعدمين في حي هارلم للسود في نيويورك، بعد نجاحها في بنغلادش بمبادرة من محمد يونس مؤسس "غرامين بنك". ويقدم "غرامين بنك" غرامين اسم قرية في بنغلادش الذي تأسس عام 1976 قروضاً صغيرة الى الفقراء الراغبين في العمل الذين لا يملكون الحد الادنى من الاموال اللازمة لاطلاق مشاريعهم. وعلى غراره، يحاول "بيبولز فاند" القيام بالخطوة نفسها في حي هارلم الشهير بأكواخه الفقيرة. قدم محمد يونس في نيويورك، في حضور مجموعة من اصحاب المصارف في حي المال وول ستريت، الترجمة الانكليزية لكتابه "مصرفي الفقراء: القرض الصغير او المعركة ضد الفقر". وقال: "بعد مجاعة عام 1974 لاحظت ان الناس في بنغلادش لم يكونوا قادرين على الحصول حتى على مبالغ صغيرة، لذلك قررت ان اقوم بالامر شخصيا وجمعت 42 شخصاً يملكون 26 دولاراً". ووصف يونس الصعوبات التي واجهها لاقناع المصارف في بلاده بان الفقراء هم مدينون يتمتعون بالمصداقية نفسها التي يتمتع بها الآخرون. ولم يتردد في مخاطبة بعض اقوى رجال المصارف في العالم بالقول "ان النظام المصرفي قائم على مبدأ عدم تقديم القروض إلا للاغنياء. ونحن تصرفنا خلاف ذلك وقررنا انه بقدر ما تقل ممتلكاتك بقدر ما تزداد فرص اختيارك للحصول على قرض". ويقدم "غرامين بنك" حالياً اكثر من 30 مليون دولار الى 200 الف مقترض شهرياً. ومنذ انطلاقه، بلغ الحجم الاجمالي لقروضه بليوني دولار حصل عليها 3،2 مليون شخص اكثر من 90 في المئة منهم نساء. وتبلغ قيمة متوسط القرض 160 دولاراً تسدد خلال فترة سنة وبفائدة السوق. ويبلغ متوسط مستوى التسديد 97 في المئة لكنه تدنى الى 68 في المئة اخيراً بسبب الفيضانات التي اجتاحت بنغلادش، كما قال يونس الذي لم يعرب عن مخاوف كثيرة. وقال امام رجال المصارف الذين ابتسموا بانقباض: "اذا قال لي احد الآن انه لا يمكن ان نثق بالفقراء فسأصرخ واقول ان هذا غير صحيح". ويحاول "بيبولز فاند" الذي تأسس عام 1995 تكرار نجاح "غرامين بنك" في الولاياتالمتحدة حيث لا يستطيع العديد من اعضاء الاقليات العرقية تلبية مطالب الحد الادنى للايداع لفتح حساب مصرفي. وفي حي هارلم يبلغ عدد المقترضين من "بروجيكت انتربرايز" 36 شخصاً، 70 في المئة منهم نساء حصلن على قرض قيمته 750 دولاراً لمدة خمسة اشهر و1500 دولار لمدة سنة. وبقدر التقدم الذي يحرزه المقترضون، يمكن رفع سقف القروض الى 10 آلاف دولار. وتبلغ نسبة التسديد حالياً 95 في المئة. وبالاضافة الى حي هارلم، يحاول "بروجيكت انتربرايز" فتح فرع في بروكلين احد احياء نيويورك ايضا. وتتجمع مختلف المشاريع في الولاياتالمتحدة تحت اشراف "مؤسسة غرامين" التي تعد الاميركية الاولى هيلاري كلينتون من بين اعضاء الشرف فيها. وفي دالاس تكساس يرمي مشروع "دالاس سيتي هوم" منذ 1989 الى تقديم مسكن لائق لعائلات معوزة ويوسع نشاطه حالياً الى برنامج القروض الصغيرة. ويرغب "غرامين بنك" توسيع دائرة نشاطه، ففي بنغلادش خاض غمار بيع الهواتف الخليوية بالتقسيط، الامر الذي يتيح لقروي ما شراء الجهاز على ان يسدد المبلغ للمصرف مع الفائدة الصغيرة التي يحققها من جراء بيع المكالمات للآخرين. وقال يونس "اننا نغطي الآن 350 قرية وعائدات الهاتف الذي يبيع المكالمات ترتفع". وتتجه مشاريعه ايضاً الى آفاق اخرى لتشمل شبكة الانترنت وامكانات لامركزية العمل التي يوفرها. وقال: "اذا كان يتعين عليك تعلم عشرة ارقام للبدء في كسب المال فانك ستتعلمها خلال عشر ساعات". وخلص مصرفي الفقراء الواقعي الى القول ان "الجميع موهوبون، وان تبقى حياً في بنغلادش معناه انك تتمتع بمواهب كثيرة".