أتذكر قبل عدة سنوات كنت أتعجب من الأشخاص الذين يشتكون من "تويتر" مر الشكوى، ويتهمونه بالشراسة والإساءة والتنمر وكل ما يخطر ولا يخطر على بال من أسباب الإزعاج ويهربون منه أو يغلقون حساباتهم فيه شراء لراحة البال، كانت هي الفترة نفسها التي كنت أفتح فيها هذا التطبيق، فأجد فيه آخر أخبار الفنون من كل نوع، وأقرأ فيه قصائد الشعراء وإعلانات عن آخر إصدارات الكتب، ومواعيد الأمسيات الثقافية، وصورا لمعارض الفنانين التشكيليين، وروابط لمقالات الكتاب الذين أتابعهم، كان "تويتر" بالنسبة لي تأكيدا على مقولة قديمة حرفتها كي تناسب الحال، "قل لي من تتابع أقل لك من أنت"، وكانت المسألة ببساطة أنني كنت أتابع الكتاب والفنانين، فكانت هذه هي أخبارهم وحواراتهم وما يضعونه في صفحاتهم، لا يخلو الأمر من بعض المناوشات الخفيفة، أو حتى الثقيلة، وربما هذه هي التوابل التي تجعل الثقافة غير مملة وبعيدة عن الرتابة، أو ربما تخفف عنا بعضا من غرور المثقفين وتعاليهم وتعقيداتهم وارتياباتهم. فتحت حسابا في "تويتر" بعد أن أكملت أعواما عديدة في الفيسبوك، لكنني لم أستغل ذلك الحساب في الفيسبوك بشكل كامل، كان أول حساب سوشيال ميديا، لذلك لم أكن أعرف تماما كيف يجب أن أتعامل معه، لم يكن خاصا بالكامل ولم يكن عاما كذلك، كان بين بين، وبعد أن بدأت مشواري مع "تويتر" بعد تحفيز من الكاتب عمر الأنصاري، لم أعد أتذكر الآن كيف كانت علاقتي بالفيسبوك. اكتشفت بعدها السناب شات، وصارت علاقتي به تقوى يوما بعد يوم، بينما كان حساب الفيسبوك مقصورا على الأهل والأصدقاء وتبادل الصور والرسائل، و"تويتر" للأخبار السريعة والتعليقات الحاذقة والإبداعية والمتابعة مفتوحة للجميع، سناب شات جاء مختلفا تماما، تعاملت معه كأنه دفتر يوميات أضع فيه ما أقوم به في يومي من أمور عظيمة وتافهة بدون فلترة، لكن الاستغلال الأجمل كان في تصوير فيديوهات الرسم والتشكيل، التي أقوم بها بدون تكلف وأنا أغني مع الأغاني التي أستمع إليها وأنا أضرب بفرشاتي على الكانفاس. في الفترة الأخيرة أصبح حسابي في انستغرام يشدني أكثر وأكثر، وهو منذ البداية، كان المتنفس والواحة التي ألجأ إليها بين وقت وآخر وأنا أختبئ من لهاث "تويتر"، في انستغرام الهدوء والاسترخاء ومتابعة كل ما يتعلق بالفنون والجمال، بدأ انستغرام يسحب من تحتي بساط سناب شات، لكن الأخير لا يزال المكان الذي أشرب فيه القهوة وأذيع فيه فيديوهات الرسم على الهواء. كلما فتحت حسابا في تطبيق سحب البساط من الذي قبله، أحاول أن أحافظ للمرة الأولى على ثلاثة حسابات في ثلاثة تطبيقات مختلفة، ولا أعرف بالضبط قلبي مع أيهم.