يُتوقع ان يلعب القطاع الخاص السعودي دوراً قيادياً في عملية التنمية في المملكة العربية السعودية في المرحلة المقبلة، نظراً الى توجه الحكومة للاعتماد على موارده المقدرة باكثر من 400 بليون دولار لتلافي اثار تقلبات سوق النفط. وقالت مصادر اقتصادية ومالية ان القطاع الخاص السعودي سيكون المحرك الاساسي للنمو الاقتصادي في المملكة من خلال الزيادة المتوقعة في استثماراته المحلية نتيجة الاجراءات التي تتخذها الحكومة لتوسيع الحوافز امام المستثمر. وأشارت الى ان هذه الاجراءات ستتسارع في خطة التنمية الخمسية السابعة التي ستطلقها المملكة السنة 2000 ما سيؤدي الى تنوع اكبر في الاقتصاد وعودة الاستثمارات المحلية في الخارج وأستقطاب رؤوس اموال اجنبية. وقال الخبير الاقتصادي احسان بو حليقة: "اتوقع ان تكون الخطة التنموية السابعة نقطة تحول في الاقتصاد السعودي لانها ستركز اكثر على القطاع الخاص وتسهيل الاستثمار الاجنبي وتقليل الاعتماد على النفط". وأضاف في اتصال مع "الحياة" ان القطاع الخاص شهد نمواً مضطرداً في الاونة الاخيرة ويتوقع ان "يقود عملية التنمية في المرحلة المقبلة ويصبح المغذي الرئيسي لخزانة الدولة، لان لا خيار امام الحكومة سوى الاعتماد على القطاع الخاص واستغلال امكاناته الضخمة وعدم المراهنة على ارتفاع اسعار النفط". وكرر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز دعوته قبل ايام الى القطاع الخاص لاستغلال الحوافز والتسهيلات التي تقدمها الحكومة وتوسيع استثماراته في السعودية حتى يلعب دوراً اكبر في عملية التنمية. واشار خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء الى ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق بين الحكومة والقطاع الخاص لتعميق عملية التنمية من خلال الاستثمار في مشاريع مربحة، خصوصاً في قطاعات الصناعة والاتصالات والمرافق التعليمية والصحية والترفيهية والموانئ. وبدأ القطاع الخاص السعودي يلعب دوراً اكبر في عملية التنمية الاقتصادية اخيراً بتشجيع من الحكومة، اذ تجاوزت استثماراته 20 بليون دولار في الخطة الخمسية السادسة التي اُطلقت عام 1995 وتنتهي السنة الجارية. وحسب مصادر رسمية، اصبح القطاع الخاص المساهم الاكبر في اجمالي الناتج المحلي اذ وصلت نسبة مشاركته الى نحو 191 بليون ريال سعودي 50.9 بليون دولار عام 1998، في حين بلغت مساهمة القطاع الحكومي نحو 156 بليون ريال 41.6 بليون دولار ونسبة قطاع النفط والغاز نحو 141 بليون ريال 37.6 بليون دولار. و في عام 1988، بلغت مساهمة القطاع الخاص نحو 127 بليون ريال 33.8 بليون دولار ما يظهر النمو السريع في هذا القطاع، على رغم الانخفاض الحاد في النفقات الحكومية التي كان القطاع الخاص يعتمد عليها بشكل مكثف. وقالت مصادر مصرفية ان لدى القطاع الخاص السعودي الامكانات الكافية للاشراف على عملية التنمية، اذ تقدر موجوداته الخارجية باكثر من 400 بليون دولار معظمها مُستثمر في ودائع مصرفية واسهم وسندات في الدول الغربية. واشارت الى ان القطاع الخاص بدأ يستجيب للحوافز التي تقدمها الحكومة السعودية واعاد بعض استثماراته الى الداخل، ووصل حجم الاموال العائدة الى اكثر من 40 بليون دولار في الاعوام الخمسة الماضية. وقال ابو حليقة ان القطاع الخاص بدأ يحقق نمواً حقيقيا في الاعوام الماضية ما يشير الى تراجع اعتماده على الاستثمارات الحكومية. واضاف: "أرى ان القطاع الخاص يسير بثبات نحو الاستقلالية الكاملة والاعتماد على نفسه بعيداً عن الانفاق الحكومي...ويظهر ذلك من خلال نشاطاته في الفترة الماضية اذ انه كان مسؤولا عن معظم معدلات النمو الحقيقي التي سجلها الاقتصاد في الاعوام التي تلت حرب الخليج". واشار ابو حليقة الى ان القطاع الخاص لعب دوراً بارزاً في خطة التنمية السادسة التي تركزت على تنويع الاقتصاد وجذب الاستثمارات المحلية والاجنبية وتوسيع دور القطاع الخاص من خلال بيع منشآت حكومية وتقديم حوافز جديدة للمشاريع المنتجة خصوصا في قطاع الصناعة. وبينت احصاءات مالية غربية ان السعودية التي تسيطر على اكثر من ربع احتياط النفط الدولي احتلت المرتبة السابعة في قائمة الدول النامية المستقبلة للاستثمار الاجنبي المباشر، نتيجة التسهيلات التي تقدمها للمستثمرين الاجانب الذين يقيمون مشاريع تدعم عملية التنمية الاقتصادية. وافادت بان اجمالي الاستثمار في مشاريع مشتركة وصل الى نحو 36 بليون دولار عام 1998، بلغت نسبة الاستثمار الاجنبي فيها نحو 43 في المئة واستحوذ القطاع الصناعي على نصيب الاسد باستثمارات بلغت 32 بليون دولار. وقال ابو حليقة ان هناك تصاعداً في حركة الاستثمار وعودة رؤوس الاموال من الخارج، الا انه شدد على اتخاذ مزيد من الخطوات لتحسين مناخ الاستثمار. وزاد "من المعروف ان رأس المال يتطلع دوما الى فرص استثمار حقيقية...والان هناك خطوات في المملكة لايجاد هذه الفرص ولا بد من استمرارها".