اختار الرئيس الروسي بوريس يلتسن اسلوباً غريباً للتعبير عن استيائه من رئيس الوزراء يفغيني بريماكوف. ففي اجتماع عقده في الكرملين امس الاربعاء لمناقشة التحضير للاحتفالات بحلول السنة ألفين، وقف الحاضرون لاستقبال رئيس الدولة الذي صافح أعضاء اللجنة التحضيرية وتجاهل رئيسها بريماكوف. ولم يشأ يلتسن ان يشغل المقعد المخصص له الى جوار رئيس الحكومة وحاول ان يجد مكاناً بين راعي الكنيسة ومفتي المسلمين، إلا ان إلحاح رجال البروتوكول جعله يتبوأ موقعه "الرسمي" متبرماً. ولدى إلقائه خطابه، توقف يلتسن لمدة نصف دقيقة وجال ببصره في القاعة ثم تساءل: "أين سيرغي ستيباشين؟" قاصداً وزير الداخلية الذي عين أخيراً نائباً أول لرئيس الوزراء وذكر انه مرشح لخلافة بريماكوف قريباً. وعندما انتقل ستيباشين من مقعده بين وزيري الدفاع والداخلية الى مكان مجاور للرئيس، قال يلتسن "الآن أصبحت الأمور على ما يرام". ووصفت اذاعة "صدى موسكو" تصرف الرئيس بأنه "الإهانة الأكبر" التي وجهت الى بريماكوف. وتوقعت ان تكون تمهيداً لإقالة الحكومة. وكان يلتسن أكد انه "يحتاج الى بريماكوف حتى الآن ... ولكن سنرى فيما بعد"، ما حدا برئيس الحكومة الى الرد فوراً بأن "تعليق" الوزارة زمنياً وإبقاء سيف الإقالة مسلطاً عليها، أمور لا تساعد في تحقيق الاستقرار في البلد. وذكرت صحيفة "ارغونتي اي فاكتي" الأوسع انتشاراً في روسيا امس، ان الكرملين يعد سيناريوهات مختلفة للتخلص من بريماكوف وان لجنة خاصة برئاسة ابنة يلتسن تاتيانا، شكلت لهذا الغرض. وتوقع مراقبون ان يصدر القرار النهائي في ضوء نتائج الجلسة التي سيعقدها البرلمان في 13 الشهر الجاري للنظر في حجب الثقة عن رئيس الدولة. وتوقع عدد من الساسة ان يعمد يلتسن الى "دفع" رئيس الوزراء الى الاستقالة، سواء بإحراجه كما فعل امس أو بإقالة نائبيه اليساريين يوري ماسليوكوف وغينادي كوليك. واكد بريماكوف في حديث الى صحيفة "كمسمولسكايا برافدا" امس انه لن يبقى في منصبه اذا تقرر اعفاء نائبيه. وذكر انهما لا يعملان بصفتهما الحزبية احدهما شيوعي والثاني عضو في الحزب الزراعي بل هما "رجلان لهما كفاءة عالية". وأضاف ان بقاءهما في الوزارة يضمن لها قاعدة برلمانية. وتوقعت صحيفة "سيفودنيا" ان يكون سحب الملف البلقاني من بريماكوف وإسناده الى رئيس الوزراء السابق فيكتور تشيرنوميردين تمهيداً لعودة الأخير الى رئاسة الحكومة في حال اقالة بريماكوف. وذكرت ان تحقيق أي تقدم على المحور اليوغوسلافي سيعزز مواقع تشيرنوميردين ويضع في يد يلتسن ورقة رابحة للتخلص من رئيس الوزراء الحالي.