أصدر الروس قراراً ب"حجب الثقة" عن الرئيس بوريس يلتسن بغالبية مطلقة بعد انتصاره في مجلس الدوما السبت الماضي، وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة "الرأي العام"، وهي أكبر الهيئات المختصة في روسيا وتعتبر مقربة من الكرملين، أن 87 في المئة من المواطنين قالوا إن يلتسن مذنب في إشعال الحرب الشيشانية، ودانه 80 في المئة لإقدامه على تفكيك الاتحاد السوفياتي. وأوضح استطلاع آخر ان 81 في المئة من الروس استنكروا إقالة يفغيني بريماكوف من رئاسة الحكومة، ومن مواصفاته، حسب الروس، التواضع. وذكرت صحيفة "ارغونتي اي فاكتي" الأسبوعية الأوسع انتشاراً، ان يلتسن أبلغه قرار الإقالة وعرض عليه الاحتفاظ بالقصر الحكومي والسيارة الرسمية، إلا أنه رفض وآثر منزله، وعندما سأله يلتسن كيف سيتنقل أجابه "بالتاكسي". وبهدف "جبر الخواطر" زار بريماكوف في منزله وفد من وزارة الأمن برئاسة الوزير فلاديمير بوتين وأهداه بندقية صيد، وليس واضحاً المغزى الرمزي للهدية، إلا أن الكثيرين يرون ان بريماكوف، إذا قرر "استخدامها" سيصيب غريمه، البليونير بوريس بيريزوفسكي الذي لعب الدور الأكبر في إطاحة الوزارة. وأكدت مصادر في وزارة الداخلية ان بيريزوفسكي طلب من زميله "ملك الالمنيوم" المواطن الإسرائيلي - الروسي ليف تشيرنوي 100 مليون دولار لإعداد "الطبخة" في موسكو والتحضير لانتخابات برلمانية تسفر عن تشكيل برلمان موالٍ ل"صنّاع الثروات المشبوهة". وفي حديث إلى صحيفة "كويرسانت" نفى تشيرنوي ان يكون وافق على هذه الصفقة، وقال إن من الصعب استرداد المبلغ بتعيين أشخاص في مواقع المسؤولية وتوجيه الأوامر إليهم بأن "يسرقوا فوراً" لتسديد الديون. إلا أن الأطراف المعنية لم تنف ان تشيرنوي أوفد أحد مساعديه، ديميتري باسوف، لحضور اجتماع سري عقد في قصر بيريزوفسكي على الساحل الفرنسي وحضرته ابنة يلتسن ومستشارته تاتيانا ومدير الديوان الرئاسي السابق فالنتين يوماشيف ل"توضيب" التغييرات في قمة الهرم. وعقد هذا الفريق تحالفاً موقتاً مع مجموعة منافسة يقودها "عراب" الخصخصة اناتولي تشوبايس لإطاحة بريماكوف، إلا أن الخلافات دبت بين الطرفين لتعيين الخلف. فمجموعة بيريزوفسكي أصرت على إسناد المنصب إلى نيكولاي اكسيونينكو وزير المواصلات في الحكومة السابقة، فيما أيد تشوبايس تعيين ستيباشين بوصفه "محايداً". واتخذ يلتسن قراره في اللحظة الأخيرة، وهذا ما يفسر زلة اللسان التي بدرت عنه عندما أبلغ رئيس البرلمان تلفونياً أنه قرر ترشيح اكسيوتينكو، في حين ان الخطاب الرسمي تضمن اسم ستيباشين. ولمنع الاحتراب عين وزير المواصلات نائباً أول لرئيس الحكومة ليصبح من جهة المسؤول الفعلي عن الاقتصاد، ومن جهة أخرى الرجل المؤهل للوثوب إلى رئاسة الوزارة بعد أن "يمل" يلتسن من ستيباشين، وهو أمر ليس مستبعداً في روسيا التي عرفت أربع حكومات في غضون سنة. ومطلوب من الحكومة الحالية ان "تضمن" نتائج الانتخابات البرلمانية وتكفل إبعاد الأحزاب المعارضة عنها من جهة، وتهيئ من جهة أخرى أرضية لانتخاب رئيس جديد يطمئن إليه رئيس الكرملين الحالي. ولكن رئيس مؤسسة "بوليتيكا" الكبرى لأبحاث فياتشيسلاف نيكونوف لم يستبعد إلغاء الانتخابات الرئاسية أصلاً وبقاء يلتسن متربعاً على العرش ومعتمداً "البطش وهز المؤسسات الديموقراطية"