حقق الرئيس بوريس يلتسن انتصاراً آخر على المعارضة اذ صادق البرلمان على تعيين سيرغي ستيباشين رئيساً للحكومة بغالبية مطلقة، وعزا المراقبون نتائج الاقتراع الى خوف المعارضة من اقدام يلتسن على ترشيح شخصية "أسوأ" من ستيباشين في حال رفضه. وتعهد رئيس الوزراء الجديد بعدم اعلان حال الطوارئ، وعدم اتخاذ اي اجراء غير دستوري ضد احزاب المعارضة، ملمحاً بذلك الى رفض مطالبة أوساط يلتسن بحظر الحزب الشيوعي. لكنه أضاف انه لن يخون "الرئيس" مهما كانت الظروف. صادق مجلس الدوما الروسي بغالبية كبيرة على تعيين سيرغي ستيباشين رئيساً للحكومة، بدلاً من يفغيني بريماكوف الذي اعفي قبل اسبوع. وأكد ستيباشين انه "لن يخون" الرئيس ووعد بالامتناع عن اعلان حال الطوارئ ومواصلة "سياسة الاستقرار" التي اتبعتها الحكومة السابقة. وحصل ستيباشين على 301 صوت وعارضه 55 نائباً، وهي ثاني اعلى نسبة يحصل عليها رئيس حكومة بعد بريماكوف الذي ايدته غالبية 312 نائباً. وعزا المراقبون نتائج الاقتراع الى خوف البرلمان من ان يقدم الرئيس بوريس يلتسن على ترشيح شخصية "اسوأ" من ستيباشين في حال رفض الاخير، وكان السياسيون ووسائل الاعلام ذكروا ان الكرملين ينوي عرض اسم رئيس الوزراء نيكولاي اكسيونينكو وهو من "رجال" البليونير المعروف بوريس بيريزوفسكي الذي يعده المحللون المحرك الأساسي لعملية اسقاط بريماكوف. وإلى ذلك، لعبت الكلمة التي ألقاها ستيباشين في مجلس الدوما دوراً مهماً في المصادقة على ترشيحه أكد فيها ان الحكومة لن تكون "في جيب" احد، وذكر انه يرفض اي ضغط عليها. وطمأن المرشح احزاب المعارضة الى انه "لا ينوي اللجوء الى اي شكل من اشكال الطوارئ، وتعهد بعدم اتخاذ اجراءات غير دستورية ضد احزاب المعارضة وقال "انا ستيباشين ولست الجنرال بينوشيه". وتكتسب هذه التصريحات أهمية خاصة في ضوء تزايد الحديث عن نية الكرملين "ابعاد" الحزب الشيوعي والتنظيمات اليسارية الاخرى عن الانتخابات البرلمانية المقبلة، اما باعلان الطوارئ او بحل هذه الأحزاب. وشدد ستيباشين على "الحفاظ على التجربة الايجابية" للحكومة السابقة، الا انه دعا الى اتباع سياسة "أكثر فاعلية وحزماً" للخروج من الأزمة الاقتصادية وتطوير القطاع الانتاجي، وركز في صورة خاصة على اهمية دعم المجمع العسكري الصناعي وتطوير الزراعة "للتخلص من التبعية الاستعبادية" الناجمة عن استيراد مواد غذائية من الخارج. ومن المؤكد ان هذه الاشارة ضمنت له اصوات الحزب الزراعي وعدد من الشيوعيين الذين قررت قيادتهم عدم الزام نواب الحزب بالتصويت للمرشح او ضده. وحذر ستيباشين الذي شغل منصب وزير الداخلية فترة طويلة من "الخطر البالغ لتغلغل هياكل الاجرام في هيئات السلطة"، وذكر ان المافيات قد تستغل تدهور الأوضاع الاقتصادية ل"تمرير" مرشحيها الى البرلمان لاحقاً، ودعا الى وحدة جميع القوى السياسية لمواجهة هذا الخطر. ورداً على سؤال احد النواب هل سينفذ اوامر رئاسية تخالف القانون اجاب ستيباشين: "لن اسمح لنفسي ابداً ان اخون الرئيس ايا كانت الظروف"، لكنه اضاف انه يحتفظ لنفسه بحق "التحدث بصراحة" الى رئيس الدولة. وعلى رغم ان رئيس الوزراء الجديد يعد من الموالين ليلتسن الا ان الصحف الروسية مليئة بتسريبات عن ان الكرملين سيجعل من ستيباشين "جسراً" للتغلب على الأزمة الحالية ثم يقيله. وفي هذا السياق اشار الزعيم الشيوعي غينادي زيوغانوف الى ان ستيباشين سيواجه ضغوطاً قوية من فريقين مقربين الى الكرملين ويطمحان الى فرض ترشيحات للحكومة الجديدة، وذكر ان الصراع بين المجموعة التي يقودها بيريزوفسكي واخرى يتزعمها مدير الديوان الرئاسي سابقا اناتولي تشوبايس سيشتد بسبب مرض يلتسن الذي "يعيش على الهرمونات". وفي محاولة لنفي اشاعات عن مرض الرئيس اعلن امس انه انتقل من مقره الريفي الى الكرملين حيث استقبل رئيس الوزراء الجديد ووزير الأمن فلاديمير بوتين. ووصف ممثل الرئيس في البرلمان الكسندر كوتنكوف نتائج الاقتراع في الدوما بأنها "انتصار كبير آخر" ليلتسن بعد فشل قرار العزل. وأضاف ان التصويت "انهى مرحلة الهزائم السياسية التي منينا بها لفترة طويلة".